نظرة في قصيدة: إذا أنت أكرمت الكريم ملكته

تحليل لقصيدة إذا أنت أكرمت الكريم ملكته للمتنبي. دراسة للمقطع الأول، المقطع الثاني، والمقطع الثالث. المراجع.

استيعاب المقطع الأول

يبدأ المتنبي قصيدته ببيت يوضح فيه أن:

لِكُلِّ اِمرِئٍ مِن دَهرِهِ ما تَعَوَّدا:::وَعادَةُ سَيفِ الدَولَةِ الطَعنُ في العِدا

ثم يستمر في وصف سيف الدولة الحمداني، مبرزًا شجاعته النادرة وإقدامه في المعارك. يذكر كيف أن سيف الدولة فارس لا يشق له غبار في فنون الحرب والقتال، وأن الأعداء يخشونه ويحسبون ألف حساب قبل مواجهته. حتى الملوك وأصحاب السلطان يظهرون له الخشوع والإجلال، ويذعنون لقوته وسطوته.

يستخدم الشاعر صورة البحر لوصف سيف الدولة، فيشبهه بالبحر الذي يحمل في طياته الخير والجمال لمن يوده، ولكنه في الوقت نفسه يحمل الغضب والتدمير لمن يعاديه. هذه الازدواجية في الصورة تبرز قوة شخصية سيف الدولة وتأثيره القوي على من حوله.

يضيف المتنبي أن سيف الدولة يتمتع بذكاء وفطنة عاليتين، فهو يرى ما لا يراه الآخرون، ويتوقع الأحداث قبل وقوعها. وهذا الذكاء يجعله قائدًا فذًا قادرًا على اتخاذ القرارات الصائبة في أصعب الظروف. بل ويصفه بالشجاعة التي لا تعرف المستحيل، حتى إنه لو كانت الشمس تحتوي على الماء، لسعى للوصول إليها والشرب منها.

تفسير المقطع الثاني

في هذا الجزء، ينتقل المتنبي لوصف هزيمة قائد الروم، الدمستق، أمام سيف الدولة.

لِذَلِكَ سَمّى اِبنُ الدُمُستُقِ يَومَهُ:::مَماتاً وَسَمّاهُ الدُمُستُقُ مَولِدا

يصف كيف أن الدمستق قد فر من المعركة، تاركًا وراءه جيشه وأبناءه، وذلك خوفًا من قوة سيف الدولة. هذا الهروب يمثل قمة الذل والهزيمة، ويبرز في المقابل شجاعة سيف الدولة وانتصاره الساحق.

يصف المتنبي سيف الدولة بأنه “سيف الله المجرد”، في إشارة إلى قوته الهائلة وتأثيره المدمر على الأعداء. ويقارن بين حال الدمستق الذي لجأ إلى الدير متعبدًا، وحال سيف الدولة المنتصر الذي يملأ الدنيا عزًا وفخرًا.

ثم ينتقل الشاعر للمباركة لسيف الدولة بهذا النصر العظيم، ويعتبره عيدًا حقيقيًا، بل إن سيف الدولة نفسه هو العيد. ويستمر في مدحه والإشادة بصفاته الحميدة، مثل العفو والكرم.

يختتم المتنبي هذا المقطع بتقديم نصيحة لسيف الدولة، وهي أن الإكرام يجب أن يكون للكريم فقط، أما اللئيم فلا يستحق الإكرام. ويشبه كرم سيف الدولة مع الأسرى الروم بوضع السيف في الندى، وهو عمل لا يجدي نفعًا. ومع ذلك، يؤكد على أن سيف الدولة يتمتع بالحكمة والخبرة اللازمة لاتخاذ القرارات الصائبة.

يقول المتنبي في هذا الجزء من القصيدة:

إِذا أَنتَ أَكرَمتَ الكَريمَ مَلَكتَهُ:::وَإِن أَنتَ أَكرَمتَ اللَئيمَ تَمَرَّدا

دراسة المقطع الثالث

في هذا الجزء الأخير، يخاطب المتنبي سيف الدولة مباشرة، ويطلب منه أن يحميه من الحساد.

أَزِل حَسَدَ الحُسّادِ عَنّي بِكَبتِهِم:::فَأَنتَ الَّذي صَيَّرتَهُم لِيَ حُسَّدا

ويعتبر أن صداقتهما هي سبب حسد الآخرين له. يفتخر المتنبي بشعره، ويرى أنه مشهور بين الناس، وأن الزمن نفسه يقوم برواية أشعاره.

يعبر المتنبي عن اعتزازه بشعره وبمكانته كشاعر، ويرى أن الشعراء الآخرين يقتدون به ويسيرون على دربه. ويطلب من سيف الدولة أن يكرمه ويحسن إليه، فهو يعيش في ظله وينعم بخيره.

يصف المتنبي كيف أن كرم سيف الدولة قد جعله يعيش في رفاهية ونعيم، حتى إنه يلبس الحجر الكريم في حذائه وفي حوافر خيله. وهذا يبرز مدى تقدير سيف الدولة للشعراء وإحسانه إليهم.

يختتم المتنبي قصيدته بالتعبير عن ولائه وإخلاصه لسيف الدولة، ويؤكد على أنه سيبقى دائمًا في ظله وتحت حمايته.

المراجع

  1. “لكل امرئ من دهره ما تعودا”
  2. “إذا أنت أكرمت الكريم ملكته”
Total
0
Shares
المقال السابق

قراءة في قصيدة أنشودة المطر

المقال التالي

نظرة في قصيدة إلى طغاة العالم لأبي القاسم الشابي

مقالات مشابهة