جدول المحتويات:
نظرة عامة حول قراءة شمس المعارف الكبرى
تتنوع الكتب والمؤلفات بين ما هو مفيد للناس في أمور دينهم ودنياهم، وما هو مضل يفسد عليهم عقيدتهم وإيمانهم. من بين هذه الكتب المثيرة للجدل تبرز كتب السحر والشعوذة والدجل، والتي تشكل خطراً داهماً على عقيدة المسلم واستقامته. ومن أبرز هذه الكتب كتاب “شمس المعارف الكبرى” المنسوب إلى البوني.
السحر له أضرار جسيمة وعواقب وخيمة على الفرد والمجتمع. وقد حذرنا الله تعالى منه في كتابه الكريم، كما جاء في قوله:
﴿وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقاً﴾.[١]
يحرم على المسلم قراءة كتب السحر أو تعلمه أو ممارسته بأي شكل من الأشكال. وقد نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك تحذيراً للأمة من مغبة الوقوع في هذا البلاء، حيث قال:
(اجتنبوا السبع الموبقات.. وعد منهن: السحر).[٢]
يشمل الاجتناب الابتعاد عن كل ما يتعلق بالسحر من تعلم وتطبيق والتردد على السحرة والمشعوذين وتصديقهم.
نبذة عن حياة البوني (ت 622هـ)
هو أحمد بن علي بن يوسف البوني، عالم مغربي الأصل، اشتهر بتصنيفاته في علم الحروف والسحر. يعود نسبه إلى مدينة “بونة” في أفريقيا. توفي في القاهرة. من أشهر مؤلفاته: “شمس المعارف الكبرى”، و “شمس المعارف الصغرى”، وكتاب “مواقف الغايات في أسرار الرياضيات”.
لمحة عن كتاب شمس المعارف الكبرى
يعتبر كتاب “شمس المعارف الكبرى” من كتب السحر والدجل والشعوذة، وهو مليء بالمعلومات الغامضة وغير المفهومة، ويحتوي على الكثير من المربعات والرموز والأرقام التي تدعو إلى الشك والريبة. لإعطاء صورة واضحة عن محتوى الكتاب، نذكر بعض عناوين الفصول التي يتناولها البوني في هذا الكتاب:
- الحروف المعجمة وما يترتب فيها من الأسرار والإمارات.
- أحكام منازل القمر الثمانية والعشرين الفلكيات.
- أحكام البروج الاثنى عشر وما لها من الإشارات والارتباطات.
- الأسماء التي كان النبي عيسى يحيي بها الأموات.
- خواص أوائل القرآن والآيات والبينات.
- أسرار الفاتحة ودعواتها وخواصها المشهورات الأعظم وما له من التصريفات الخفيات.
- اسم الله الأعظم وما له من التصريفات الخفيات.
- خواص كـهـيـعـص وحروفها الربانيات الأقدسيات.
- خواص بعض الأوفاق والطلسمات النافعة.
يتضح من هذه العناوين الكم الهائل من الشعوذة والدجل الذي يحتويه الكتاب.
حقيقة السحر ووجوده
اختلف العلماء في تحديد حقيقة السحر، ولكن الراجح عند أهل السنة والجماعة هو أن للسحر حقيقة ووجوداً مؤثراً، وهو ليس مجرد وهم أو خيال. قال الإمام المازري: “مذهب أهل السنة وجمهور علماء الأمة على إثبات السحر، وأن له حقيقة كحقيقة غيره من الأشياء الثابتة خلافًا لمن أنكر ذلك”.
توجد أدلة كثيرة في القرآن الكريم والسنة النبوية تدل على وجود السحر وتأثيره، منها:
قوله تعالى:
﴿فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ﴾.[٥]
وقوله تعالى عن سحرة فرعون:
﴿وَجَاءوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ﴾.[٦]
وأمر الله تعالى بالاستعاذة من شر السحرة، كما في قوله:
﴿وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ﴾.[٧]
الرأي الشرعي في تعلم السحر
أجمع جمهور علماء أهل السنة على أن تعلم السحر وتعليمه حرام شرعاً، ولا يجوز للمسلم الخوض فيه بأي شكل من الأشكال. قال ابن قدامة: “فإن تعلم السحر وتعليمه حرام لا نعلم فيه خلافاً بين أهل العلم”.
وقد أشار القرآن الكريم إلى أن السحر قد يؤدي إلى الكفر بالله تعالى، وذلك في قصة اليهود الذين اتهموا النبي سليمان -عليه السلام- بالسحر. وقد برأه الله تعالى من هذا الاتهام، وأكد أن الشياطين هم الذين كفروا بتعليمهم السحر للناس، كما جاء في قوله تعالى:
﴿وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَـكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ﴾.[١٠]
أما المقولة الشائعة بين الناس “تعلموا السحر ولا تعملوا به” والتي ينسبونها إلى حديث نبوي، فهي لا أساس لها من الصحة، ولا توجد في أي من كتب الحديث المعتمدة، وهي مخالفة صريحة للشريعة الإسلامية.
المصادر
- سورة الجن ، آية:6
- رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:6857، صحيح.
- خير الدين الزركلي،الأعلام، صفحة 174. بتصرّف.
- البوني،شمس المعارف الكبرى، صفحة 5. بتصرّف.
- سورة البقرة ، آية:102
- سورة الأعراف، آية:116
- سورة الفلق ، آية:5
- ابن قدامة المقدسي،المغني، صفحة 29.
- عبد الحق بن عطية ،المحرر الوجيز في تفسير الكتاب الوجيز، صفحة 186. بتصرّف.
- سورة البقرة ، آية:102