توضيح مفهوم الإخفاء وأحرفه
في علم التجويد، يعتبر الإخفاء أحد الأحكام الهامة التي يجب على القارئ تعلمها وتطبيقها بشكل صحيح. وهو يتعلق بكيفية النطق بالنون الساكنة والتنوين عندما يتبعهما أحد حروف الإخفاء. دعونا نتعمق في هذا الحكم ونتعرف على تفاصيله.
توضيح الإخفاء الحقيقي
الإخفاء في اللغة يعني الستر والإخفاء. أما في اصطلاح علم التجويد، فهو عبارة عن النطق بالحرف الساكن – سواء كان نوناً ساكنة أو تنويناً – بطريقة تكون بين الإظهار والإدغام، مع المحافظة على الغنة في الحرف الأول (النون الساكنة أو التنوين). يتم مد الغنة بمقدار حركتين.
الإخفاء هو حالة وسط بين الإظهار والإدغام. فهو ليس إظهارًا كاملاً للنون، ولا هو إدغامًا يقتضي التطابق التام بين الحرفين. حروف الإخفاء هي خمسة عشر حرفًا، وهي:
(ص، ذ، ث، ج، ش، ق، س، د، ط، ز، ف، ت، ض، ظ)
وقد جمعها البعض في البيت الشعري التالي لتسهيل حفظها:
“صف ذا ثنا كم جاد شخص قد سما دم طيبا زد فى تقى ضع ظالما”
إذا جاء أحد هذه الحروف بعد النون الساكنة أو التنوين، وجب تطبيق حكم الإخفاء. ويتم ذلك بالنطق بالنون الساكنة أو التنوين بحالة وسط بين الإظهار والإدغام مع إظهار الغنة بمقدار حركتين دون تشديد. يمكن أن يكون إخفاء النون الساكنة في كلمة واحدة أو كلمتين، بينما إخفاء التنوين يكون دائمًا في كلمتين.
أمثلة على الإخفاء الحقيقي من القرآن الكريم:
- (يَنْصُرْكُمُ) – آل عمران: 160
- (مَنْ ذَا الَّذِي) – البقرة: 255
- (خَلْقٍ جَدِيدٍ) – سبأ: 7
توضيح الإخفاء الشفوي
الإخفاء الشفوي هو إخفاء الميم الساكنة عندما يأتي بعدها حرف الباء في الكلمة التالية. سمي “شفوياً” لأن كلا من الميم والباء يخرجان من الشفتين. عند النطق بالإخفاء الشفوي، يجب إطباق الشفتين تمامًا دون ترك أي فراغ بينهما.
أمثلة على الإخفاء الشفوي من القرآن الكريم:
- (تَرْمِيهِمْ بِحِجارَةٍ) – الفيل: 4
- (بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ) – النمل: 36
علة الإخفاء ووجه تسميته
هناك أسباب محددة لحكم الإخفاء وتسميته بهذا الاسم، وهي:
سبب الإخفاء
السبب في الإخفاء الحقيقي هو عدم وجود تقارب كاف بين مخرج النون الساكنة والتنوين وبين مخارج حروف الإخفاء الحقيقي. فهي ليست قريبة بما يكفي لتطبيق الإدغام، ولا بعيدة بما يكفي لتطبيق الإظهار. لذلك، يكون الإخفاء حالة وسط بينهما.
أما الإخفاء الشفوي، فسببه هو التجانس بين مخارج حروف الإخفاء (الميم والباء)، مما يسهل النطق بهما.
وجه تسمية الإخفاء
سمي الإخفاء الحقيقي إخفاءً لأن النون الساكنة أو التنوين يتم إخفاء النطق بها عند ملاقاتها أحد حروف الإخفاء. وسمي “حقيقياً” لأن الإخفاء يتحقق فيه بشكل أوضح من غيره، بالإضافة إلى اتفاق العلماء على هذه التسمية.
أما الإخفاء الشفوي، فقد سمي بهذا الاسم لاشتراك الميم والباء في المخرج وهو الشفتان.
مستويات الإخفاء الحقيقي
للإخفاء الحقيقي ثلاث مراتب:
- أعلى مرتبة: تتحقق عندما يأتي بعد النون الساكنة أو التنوين حرف الدال، أو التاء، أو الطاء. ويكون الإخفاء هنا أقرب ما يكون للإدغام.
- أدنى مرتبة: تتحقق عندما يأتي بعد النون الساكنة أو التنوين حرفا القاف والكاف. ويكون الإخفاء عندها مقارباً للإظهار.
- مرتبة متوسطة: تتحقق عندما يأتي بعد النون الساكنة أو التنوين ما تبقى من حروف الإخفاء.
التمييز بين الإخفاء والإدغام
هناك عدة فروق بين الإخفاء والإدغام، منها:
- الإخفاء لا يتضمن تشديدًا عند النطق به، بينما الإدغام يتضمن تشديدًا.
- الإخفاء يكون بإخفاء الحرف عند النطق بالحرف الذي يليه، بينما الإدغام يكون بإدخال الحرف في الحرف الذي يليه.
- الإخفاء يأتي في كلمة أو كلمتين، بينما الإدغام لا يأتي إلا في كلمتين.
- حروف الإخفاء خمسة عشر حرفًا، بينما حروف الإدغام ستة أحرف.
المصادر
- علي أبو الوفا (2003)، كتاب القول السديد في علم التجويد (الطبعة 3)، المنصورة: دار الوفاء، صفحة 65.
- مجهول، كتاب المختصر المفيد في أحكام التجويد (الطبعة 1)، بيروت: دار الإيمان، صفحة 611.
- فريال العبد، كتاب الميزان في أحكام تجويد القرآن، القاهرة: دار الإيمان، صفحة 120.
- أحمد الحفيان (2000)، كتاب الوافي في كيفية ترتيل القرآن الكريم (الطبعة 1)، بيروت: دار الكتب العلمية، صفحة 35.
- محمود العبد (2001)، كتاب الروضة الندية شرح متن الجزرية (الطبعة 1)، القاهرة: المكتبة الأزهرية للتراث، صفحة 79.