نظرة في جوهر الوجود

الحياة نعمة من الله

الحياة هي عطاء إلهي جليل، تفضل به الرحمن على سائر خلقه. لقد جملها الله لنا بالمال والذرية، لننعم بها ونستبشر. إنها المعبر والابتلاء الذي يجتازه كل البشر، وهي الدار التي سنُسأل فيها عن كل ما قدمت أيدينا، وعما فعلته نفوسنا من أقوال وأفعال. فمن أفلح في الاختبار نال السعادة والبهجة، وبلغ الآخرة الدائمة التي لا تنتهي ولا تزول. أما من اتبع هواه وضل عن الصراط المستقيم، فسينال الويلات وسوء العاقبة.

وحب الحياة هو الركن الأساسي الذي يمكن الإنسان من أن يعيش حياته وكأنه يرسم لوحة فنية بديعة بألوان مبهجة، فيزين حياته بمحبة الآخرين وعمل الخير، فتعم المحبة والفرح والبهجة أرجاء الكون، ويختفي الظلم والبغضاء ويدفنان عميقاً بعيداً عن الحياة.

أهمية الحياة في بناء العلاقات

إن الركن الثاني في هذه الحياة، هو بناء العلاقات الاجتماعية الطيبة بين الناس، فلا يمكن الاستمتاع بالوجود في عزلة وانفراد عن الآخرين، فالحياة هي الشجرة والعلاقات الاجتماعية هي أغصان هذه الشجرة، التي مهما تعددت وتنوعت تعود إلى الأصل. لذلك، يجب أن تكون الروابط الاجتماعية قوية ومتينة، ومترابطة فيما بينها.

التألق الإلهي في الخلق

لقد أبدع الخالق عز وجل في خلق هذه الحياة بأبهى صورها، فجعل من التنوع الجغرافي واختلاف التضاريس الركن الثالث للاستمتاع بالحياة، فالمرء يبهج ناظريه بالمشاهد والمناظر الخلابة للطبيعة من حوله والتي تأسر الألباب، فالفصول الأربعة التي تتبدل على الأرض فتتزين بها هي من أروع ما أبدعه الله في هذا الوجود، فبدونها ستكون الحياة كقطعة صماء لا لون لها ولا طعم، كئيبة ومملة لا تطاق.

كما أن هناك السهول المترامية الأطراف والوديان الغائرة والجبال الشامخة، التي يستطيع الإنسان ممارسة رياضاته المحببة فيها، فيستمتع بالسباحة مع الأسماك ويسعد بتسلق الجبال وركوب الخيل، والسفن في البحار التي تأخذنا إلى شواطئ بعيدة، تدهشنا حتى ننسى أنفسنا، ننغمس في بهاء هذه الحياة وجمالها ورونقها، كمن يعانق جراح الروح لتشفى.

تعليمات مهمة في الحياة

قد تعصف نوائب الدهر بالإنسان، وتخمد جذوة الأمل لديه، إلا أنه يجب أن يكون ليناً كأوراق الشجر، وصلباً كجذوره وخشناً كساقه وعطراً كزهره، فلا يأس مع الحياة ولا حياة مع اليأس، وتذكر دائماً أن لكل ليل نهاية هي صباح مشرق جميل، والعودة للتحليق في فضاء هذه الحياة.

خلاصة ونصيحة

في الختام، لنجتهد جميعاً في حب الحياة والتلذذ بنعم الله وشكره عليها، وجعلها مكاناً للذكريات العطرة المفعمة بالمحبة والحنان، مع السعي لإصلاح العالم وتزيينه باللمسات الرائعة، فالحياة كالتربة الغنية التي تعطي من يزرع ثماره دون انتظار المقابل، فليكن غرسنا جميلاً ذا رائحة زكية تفوح لأجيال وأجيال.

قال تعالى: ﴿الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا﴾ [الكهف: 46]

Exit mobile version