تعريف العشر الأواخر من رمضان
يطلق العلماء مصطلح العشر الأواخر من شهر رمضان على الأيام العشرة الأخيرة من الشهر الفضيل، والتي تبدأ ليلة الحادي والعشرين، وتستمر حتى نهاية الشهر سواء كان كاملاً (ثلاثين يوماً) أو ناقصاً (تسعة وعشرين يوماً). وإذا كان الشهر تسعاً وعشرين ليلة، فتسمى عشر من باب التغليب. وهي تشمل الأيام والليالي معاً. وقد أشار القرآن الكريم إلى فضل الليالي بقوله -تعالى-:(وَلَيَالٍ عَشْرٍ).
الأعمال المستحبة في العشر الأواخر
يستحب للمسلم الاجتهاد في العبادة خلال العشر الأواخر من رمضان، ومن أبرز هذه الأعمال:
- تكثيف العبادات والطاعات: الإكثار من صلاة القيام، والصدقات، وتلاوة القرآن الكريم وتدبر معانيه، والاستماع لتلاوة الآخرين، والاقتداء بسنة النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-. فقد روت عائشة -رضي الله عنها- فقالت:(كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، إذَا دَخَلَ العَشْرُ، أَحْيَا اللَّيْلَ، وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ، وَجَدَّ وَشَدَّ المِئْزَرَ).
- التوسعة على الأهل والإحسان إلى الجيران وصلة الرحم: من الأمور المستحبة أن يوسع الرجل على أهله بما رزقه الله، وأن يحسن إلى جيرانه ويصل رحمه.
- الاعتكاف في المسجد: يعتبر الاعتكاف في المسجد سنة مؤكدة في العشر الأواخر من رمضان، ويبدأ من قبل أذان المغرب ليلة الحادي والعشرين، ويستمر حتى ليلة العيد، وذلك اتباعاً لسنة الرسول -صلى الله عليه وسلم-. وقد ثبت عن أمّ المؤمنين عائشة -رضيَ الله عنه-:(أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، كانَ يَعْتَكِفُ العَشْرَ الأوَاخِرَ مِن رَمَضَانَ حتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ، ثُمَّ اعْتَكَفَ أزْوَاجُهُ مِن بَعْدِهِ).
- قيام ليلة القدر: وهي الليلة المباركة التي تقع في إحدى الليالي الفردية من العشر الأواخر، حيث قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:(التَمِسُوهَا في العَشْرِ الأوَاخِرِ مِن رَمَضَانَ لَيْلَةَ القَدْرِ، في تَاسِعَةٍ تَبْقَى، في سَابِعَةٍ تَبْقَى، في خَامِسَةٍ تَبْقَى).
أهمية العشر الأواخر
تتجلى أهمية العشر الأواخر من رمضان في عظم الأجر والثواب الذي يمنحه الله لعباده فيها، حيث تتضاعف الحسنات وتغفر السيئات، كما أنها تضم ليلة القدر التي تفوق في فضلها ألف شهر.
أهمية ليلة القدر
اختص الله أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- بفضائل عظيمة، منها نزول القرآن الكريم في ليلة القدر، وهي ليلة مباركة العبادة فيها خير من ألف شهر، أي ما يعادل ثلاث وثمانين سنة وثلاثة أشهر تقريباً، قال -تعالى-:(إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ*وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ*لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْر* تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ* سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ)، وسميت بهذا الاسم لعظيم قدرها وشرفها، ولأن الله يقدر فيها أقدار العباد وأرزاقهم وآجالهم.
أهمية الاعتكاف في العشر الأواخر
دأب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان في كل عام، وإذا فاته الاعتكاف قضاه في عام آخر، فقد جاء عن أنس بن مالك -رضيَ الله عنه- فقال:(كانَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ يعتَكفُ في العشرِ الأواخرِ من رمضانَ فلم يعتَكف عامًا فلمَّا كانَ في العامِ المقبلِ اعتَكفَ عشرينَ)، والهدف من الاعتكاف هو التماس ليلة القدر والفوز بفضلها العظيم.
أصناف الناس في إحياء العشر الأواخر
ينقسم الناس في كيفية استغلال العشر الأواخر من رمضان إلى أربعة أصناف:
- الإحياء بالعبادات: وهم الذين يكثرون من الصلاة، وتلاوة القرآن، وإطالة القيام في الصلاة، اقتداءً برسول الله -صلى الله عليه وسلم- والصحابة والتابعين.
- الإحياء بالتجارة والكسب: وهم الذين ينشغلون بالتجارة والأعمال الدنيوية، فيفوتهم الأجر العظيم في الآخرة.
- الإحياء باللّهو واللّعب: وهم الذين يقضون أوقاتهم في اللهو واللعب والغفلة عن ذكر الله، وربما يقعون في الغيبة والنميمة.
- الإحياء بارتكاب المعاصي: وهم الذين يرتكبون الذنوب والمعاصي، كالنّظر إلى النّساء المحرمات، وشرب الخمر، والاستماع إلى المحرمات، فيجمعون بين الحرمان من الأجر وارتكاب الإثم.