نظرة في أعماق قصيدة “شعوري” من خلال علم النفس

دراسة تحليلية لقصيدة ‘شعوري’ من منظور علم النفس. استكشاف الأبعاد النفسية في النص، تفسير الظواهر، الكلمات المؤثرة، الرموز، والتصويرات النفسية.

تحليل نفسي لقصيدة شعوري

تعتبر قصيدة “شعوري” للشاعر نديم محمد نافذة تطل على أعماق النفس البشرية، حيث تتجلى المشاعر والأحاسيس بصورة فنية معبرة. سنحاول في هذا المقال استكشاف هذه الأعماق من خلال منظور علم النفس، للكشف عن الدوافع الكامنة وراء الكلمات والصور الشعرية.

يقول الشاعر نديم محمد:

يا شعوري يا حيّة تنفث السمْــمَ

فيجري في القلب من ألف نابِ

كبُرَت فيكَ علَّتي وتناهى

فيكَ حزني وطالَ فيكَ عذابي

أيُّ عِرقٍ لم تَلتَهِمهُ وعَظمٍ

لم ترُعهُ بعاصِفٍ أو شِهابِ

شهِدَ الحبُّ ما تركتَ لأثوابي

من الجسمِ غيرَ جلدٍ خرابِ

لو بغيرِ الهوى يُطاولني الدَّهــرُ

لأركَزتُ في النُّجومِ قِبابي

ولجَرَّرْتُ بُردَ لهوي على الــبدرِ

ولطَّمتُ خدَّهُ بدُعابي

ولَطوَّفتُ بالنعيم فرَشْــشَتني

حِسان النعيم بالأطيابِ

ونسجتُ الأصيلَ ثوبًا ونَقْــقَشتُ

حوافيه بالندى والملابِ

التمظهرات النفسية في القصيدة

تظهر في القصيدة علامات واضحة على معاناة نفسية عميقة يعيشها الشاعر، والتي تبدو ناتجة عن تجربة عاطفية سابقة تركت آثاراً سلبية على حالته النفسية والعاطفية. تتجسد هذه المعاناة في الصراع بين الواقع المرير الذي يعيشه الشاعر، والأحلام والتطلعات التي يصبو إليها.

يمكن ملاحظة ذلك من خلال اللغة المستخدمة، والتي تعكس إحساساً بالألم والحزن واليأس.

تفسير الأبعاد النفسية

تكشف الأبيات عن ألم دفين يعتمل في صدر الشاعر، ناتج عن ماضٍ مؤلم أثر بشكل كبير على حياته، سواء على المستوى الجسدي أو النفسي. هذا الألم دفعه إلى البحث عن وسيلة للتعبير عن مشاعره والتغلب على هذه المعاناة، فوجد في الشعر ملاذاً آمناً للتعبير عن ذاته. هذا التعبير الفني اتخذ أشكالاً متعددة، سنتناولها بالتفصيل فيما يلي.

الشعر هنا ليس مجرد وسيلة للتعبير، بل هو آلية دفاعية للتغلب على الصدمات والآلام.

دلالات الألفاظ

تعتبر الألفاظ في القصيدة بمثابة مفاتيح تكشف عن المعاني الخفية التي أراد الشاعر إيصالها. هذه الألفاظ تحمل دلالات عميقة تتجاوز المعنى الظاهري للكلمة، لتصل إلى أعماق اللاشعور. يمكن تقسيم هذه الألفاظ إلى قسمين رئيسيين: ألفاظ تعبر عن المعاناة، وألفاظ تعبر عن السعادة.

من أمثلة الألفاظ التي تعبر عن المعاناة: “حية، السم، علتي، عذابي، حزني”. أما الألفاظ التي تدل على السعادة فتشمل: “قبابي، البدر، النجوم”.

هذا التضاد اللفظي يعكس الصراع الداخلي الذي يعيشه الشاعر.

الرموز العاطفية

استخدم الشاعر الرموز كوسيلة أخرى للتعبير عن المشاعر والأفكار الكامنة في نفسه. هذه الرموز تحمل معاني عميقة تتجاوز المعنى الظاهري للكلمة، وتشير إلى أمور محددة يواجهها الشاعر في حياته.

على سبيل المثال، استخدم الشاعر رمز “الحية” للإشارة إلى المشاعر القاتلة التي يعاني منها في حاضره. كما استخدم رمز “العاصف” للإشارة إلى الهموم والمصائب التي تلاحقه. في المقابل، استخدم رموز “النجوم والقباب والبدر” للإشارة إلى الأحلام والأمنيات التي يتوق إليها.

الرموز هنا تساهم في إضفاء عمق وبعد نفسي على القصيدة.

التصويرات النفسية

لعبت الصور الشعرية دوراً بارزاً في التعبير عن المشاعر النفسية للشاعر. تمكن الشاعر من تجريد هذه الصور من ملمسها الحسي وإلباسها مشاعر من أعماق لا شعوره، مثل الخوف والقلق.

ومن الأمثلة على ذلك قوله: “يا شعوري يا حيَّةً تنفث السم”. هذه الصورة تعكس حالة الخوف والقلق التي يعيشها الشاعر. ومثال آخر قوله: “جررت برد لهوي”، وهي صورة تعبر عن رغبة الشاعر في التغلب على المعاناة والوصول إلى الأحلام السعيدة المنشودة.

هذه التصويرات تزيد من قوة تأثير القصيدة على المتلقي.

المراجع

  • مجموعة من المؤلفين،اللغة العربية وآدابها، صفحة 70.
Total
0
Shares
اترك تعليقاً
المقال السابق

دراسة في قصيدة سوق القرية بمنظور اجتماعي

المقال التالي

تحليل معمق لقصيدة صفي الدين الحلي ‘حكم خالدة’

مقالات مشابهة