نظرة في أعماق رواية “في الطفولة”

تقديم عام

تعتبر رواية “في الطفولة” للكاتب عبد المجيد بن جلون عملًا أدبيًا يستحق الدراسة والتحليل. تتناول الرواية عالم الطفولة بذكرياته وتفاصيله، وتقدم صورة بانورامية لمرحلة مهمة من حياة الإنسان. يهدف هذا التحليل إلى استكشاف العناصر الأدبية والفنية التي تشكل جوهر هذه الرواية، مع التركيز على أسلوب السرد، وتصوير الزمان والمكان، وتحليل الحبكة والأحداث.

أسلوب السرد واللغة المستخدمة

يتميز السرد في رواية “في الطفولة” بالبساطة والسلاسة، حيث يعتمد الكاتب على أسلوب كلاسيكي في سرد الأحداث. يتسم الإيقاع بالهدوء، مما يعكس طبيعة الحياة الطفولية البطيئة والرتيبة. يعتمد السرد على استرجاع الذكريات والبوح بها، مع الاعتراف بتجارب الماضي بكل ما فيها من أفراح وأحزان. أما فيما يتعلق باللغة، فهي فصيحة ومتينة، وتدل على براعة الكاتب وتمكنه من اللغة العربية.

على سبيل المثال، يمكن ملاحظة كيف أن الكاتب يوظف اللغة في وصف المشاعر والأحاسيس الداخلية للشخصية الرئيسية، مما يضفي على النص عمقًا وتأثيرًا عاطفيًا.

تصوير الزمان والمكان

يُظهر الكاتب مهارة فائقة في التنقل بين الأزمنة والأمكنة المختلفة. بما أن الرواية تركز على استعادة ذكريات الطفولة، فإن الكاتب ينتقل بسلاسة بين الأزمنة المختلفة، مما يسمح للقارئ بالعيش في تلك الفترة الزمنية. بالإضافة إلى ذلك، يساهم هذا التنقل في تنويع الأمكنة والمشاهدات في الرواية، مما يمنحها حيوية وجاذبية.

إن تصوير الأماكن في الرواية ليس مجرد وصف جغرافي، بل هو تصوير يربط المكان بالذاكرة والشعور، مما يخلق رابطة قوية بين القارئ وعالم الرواية.

الحبكة وتسلسل الأحداث

تتميز الأحداث في رواية “في الطفولة” بالخفة والبساطة، وهو أمر طبيعي بالنظر إلى أن الرواية تتناول ذكريات الطفولة. ومع ذلك، يرى بعض النقاد أن الرواية قد تكون مملة في بعض الأحيان بسبب قلة الأحداث المشوقة. يعزو البعض ذلك إلى المبالغة في استخدام الكلمات الفصيحة والبليغة، مما أثر على تدفق الأحداث وجعلها تبدو مصطنعة.

في المقابل، يرى آخرون أن بساطة الأحداث تعكس طبيعة الحياة الطفولية، وأن التركيز على التفاصيل الصغيرة واليومية يمنح الرواية طابعًا واقعيًا وحميميًا.

مقتطفات جديرة بالذكر من الرواية

تعكس بعض العبارات والاقتباسات من رواية “في الطفولة” أسلوب الكاتب وجو الرواية، وتمنح القارئ انطباعًا عن عالمها. فيما يلي بعض الاقتباسات:

طال الليل وطال الحديث ولكنني كنت صاحيًا تمامًا، إن أخوف ما أخافه هو أن تنام أختي وتتركني فريسة للأشباح، والغريب أن هذه الأشباح كانت ترهبها فلم يسبق لها أن رأتها قط، كما أنها كانت تتبدد سريعًا حينما أناديها فتجيء.

كان من أحب الأشياء إليَّ في الشتاء أن أجلس إلى المدفأة أستمع إلى الأقاصيص الغريبة التي كانت ترويها لي أمي، وإلى مدفأة آل باترنوس أستمع إلى أحاديث أفرادها وهم يتحدثون عن تقدم الحضارة والتغير الذي غمر الحياة فلا تستقر في ذهني من ذلك الا صور باهتة لا تمت إلى الحقيقة بسبب.

مثل هذا الشتاء الطويل القارس العنيف كان يصرف الناس إلى أعمالهم الجدية.

توضح هذه الاقتباسات مدى تأثير الطفولة في تكوين شخصية الفرد، وكيف أن الذكريات القديمة تظل حية في الذاكرة.

لمحة عن رواية في الطفولة

نُشرت رواية “في الطفولة” للمرة الأولى عام 1993 عن طريق دار المعرفة للنشر والتوزيع. كتبها الروائي عبد المجيد بن جلون، وتأتي في حوالي 280 صفحة. يسترجع الكاتب في هذه الرواية ذكريات طفولته البعيدة في شكل سيرة ذاتية. تعتبر الرواية أول رواية أوتوبيوغرافية في الأدب المغربي.

المراجع

  1. “قراءة تحليلية لرواية في الطفولة لعبد المجيد بن جلون”،معرفة، اطّلع عليه بتاريخ 27/2/2022. بتصرّف.
  2. “في الطفولة”،غود ريدز، اطّلع عليه بتاريخ 27/2/2022. بتصرّف.
  3. “قراءة رواية في الطفولة”،رواياتي، اطّلع عليه بتاريخ 27/2/2022. بتصرّف.
Exit mobile version