نظرة في أحكام الزواج من أهل الكتاب والمشركات

استكشاف الأحكام الشرعية المتعلقة بزواج المسلم من المرأة اليهودية، وحكم الزواج من المشركة، وتوضيح الفروق الأساسية بينهما، مع الرجوع إلى الأدلة من القرآن والسنة.

مقدمة

الزواج في الإسلام له أحكام وضوابط محددة، ويهدف إلى بناء أسرة مسلمة صالحة. من بين المسائل التي يثيرها البعض، قضية زواج المسلم من غير المسلمات، وتحديداً من أهل الكتاب والمشركات. هذا المقال يسعى إلى توضيح هذه الأحكام وبيان الفروق بينهما استنادًا إلى النصوص الشرعية.

حكم الارتباط بالمرأة اليهودية

تعتبر اليهودية من أهل الكتاب، وقد أباح الله -سبحانه وتعالى- للمسلم الزواج بها، وهذا بنص واضح في القرآن الكريم.

قال الله -تعالى-:(الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ ۖ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَّهُمْ ۖ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ).

تجدر الإشارة إلى أن إباحة الزواج من اليهودية مشروطة بالعفة. يجب أن تكون المرأة اليهودية عفيفة وصالحة. ويعود هذا الشرط إلى أهمية وجود الانسجام والتوافق بين الزوجين. من الأفضل للمسلم أن يتزوج بمسلمة، وهذا لا شك فيه. بالإضافة لذلك، ينبغي للمسلم أن يكون على ثقة بأنه سيتمكن من الحفاظ على دينه وقيمه الإسلامية، وألا تتسبب الزوجة اليهودية في التأثير عليه سلبًا.

حكم الارتباط بالمرأة المشركة

حرم الله -جل جلاله- على المسلم الزواج من المرأة المشركة، وهي التي لا تؤمن بالله -عز وجل- إطلاقاً. وقد ورد النهي عن ذلك صريحًا في القرآن الكريم.

قال الله -تعالى-:(وَلَا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ ۚ وَلَأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ ۗ وَلَا تُنكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا ۚ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ ۗ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ ۖ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ ۖ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ).

هذا التحريم جاء لحماية المجتمع المسلم من الانحراف وحفاظًا على العقيدة الإسلامية.

التمييز بين الكتابية والمشركة

الفرق الأساسي بين المرأة الكتابية والمرأة المشركة هو أن المشركة لا تعتقد بوجود الله -سبحانه وتعالى- إطلاقاً، بينما الكتابية تؤمن بوجود الله وتؤمن باليوم الآخر. كما أن الكتابية لديها معرفة بالحلال والحرام، بالإضافة إلى إيمانها بأهمية فعل الخيرات والفضائل، والابتعاد عن الرذائل والشرور. الكتابية تؤمن ببعض الكتب السماوية السابقة، وإن كان لديها تحريفات فيها.

الحكمة من التفريق في الحكم

إن إباحة الزواج من الكتابية يرجع إلى أنها تلتقي مع المسلم في الإيمان بالله -جل وعلا- كما ذكرنا سابقًا، مما يجعل دخولها في الإسلام أمرًا يسيرًا، خاصة إذا كان الزوج صالحًا ومتمسكًا بأخلاق الإسلام، ويعاملها بالحسنى والإحسان. هذا سيكون دافعًا قويًا لها لاعتناق الإسلام. بالإضافة إلى ذلك، فإن المسلم يحترم دين الكتابية ويحترم نبيها، مما يجعله يحافظ على لسانه من إهانة معتقداتها أو إيذائها في دينها.

بالمقابل، فإن المشركة لا تشترك مع المسلم في أي من المعتقدات أو الديانات. ولا يجوز للمسلم احترام مقدسات من لا يؤمن بالله -عز وجل- ولا يقدر عقيدته. والزواج منها قد يؤدي إلى خلافات ونزاعات مستمرة داخل الأسرة، والتي قد تفضي بدورها إلى الانفصال والطلاق. لذلك، جاء التحريم لحماية الأسرة المسلمة.

والسبب في ذلك هو الذي بيَّنه الله -عزَّ وجلَّ- في كتابه المجيد، حيث قال -تعالى-:(أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ ۖ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ).

المراجع

  • أبوهبة الزحيلي،الفقه الإسلامي وأدلته(الطبعة 12)، سورية- دمشق:دار الفكر، صفحة 6653، جزء 9. بتصرّف.
  • سورة المائدة، آية:5
  • “ما حكم الزواج من المرأة اليهودية، والتعامل مع اليهود، والسفر إلى إسرائيل؟”،دار الإفتاء، اطّلع عليه بتاريخ 13/11/2021. بتصرّف.
  • سورة البقرة، آية:221
  • وهبة الزحيلي (1191)،التفسير المنير(الطبعة 1)، سورية- دمشق:دار الفكر، صفحة 293، جزء 2. بتصرّف.
  • مجموعة من المؤلفين،فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 1020، جزء 13. بتصرّف.
  • مجموعة من المؤلفين،مجلة مجمع الفقه الإسلامي، صفحة 356، جزء 13. بتصرّف.
Total
0
Shares
اترك تعليقاً
المقال السابق

الرأي الشرعي في زواج الفتيات الصغيرات

المقال التالي

رأي الشريعة في ارتباط المسلمة برجل مسيحي

مقالات مشابهة