مقدمة
تعتبر روسيا واحدة من أكبر الدول في العالم، وتمتد عبر قارتي آسيا وأوروبا. تاريخها غني بالأحداث الهامة والتحولات الكبيرة التي أثرت على العالم. في هذا المقال، سنستعرض تاريخ روسيا بدءًا من تأسيسها وحتى العصر الحديث.
معلومات أساسية عن روسيا
تُعرف روسيا رسميًا باسم جمهورية روسيا الاتحادية. نظام الحكم فيها جمهوري اتحادي، وعاصمتها موسكو. تمتد روسيا على مساحات واسعة في شمال آسيا وشرق أوروبا.
تبلغ مساحة روسيا حوالي 17,098,242 كيلومترًا مربعًا. تشترك في حدود برية مع عدة دول منها: أذربيجان، وبيلاروسيا، والصين، وإستونيا، وفنلندا، وجورجيا، وكازاخستان، وكوريا الشمالية، ولاتفيا، وليتوانيا، ومنغوليا، والنرويج، وبولندا، وأوكرانيا. يحدها المحيط المتجمد الشمالي من الشمال، والمحيط الهادئ من الشرق، وتمتلك خطًا ساحليًا قصيرًا على بحر البلطيق في الشمال الغربي.
تزخر روسيا بموارد طبيعية متنوعة، مثل النفط والغاز الطبيعي والخشب. يتنوع المناخ فيها حسب المناطق، حيث يكون رطبًا في المناطق الأوروبية، وشبه قطبي في سيبيريا، وقطبيًا في القطب الشمالي. اللغة الروسية هي اللغة الرسمية، بالإضافة إلى لغات أخرى مثل دولغانغ والألمانية والشيشانية والتتارية.
بلغ عدد السكان في عام 2021 حوالي 145,982,280 نسمة، مما يجعلها الدولة التاسعة عالميًا من حيث عدد السكان، بكثافة سكانية تبلغ 9 نسمة لكل كيلومتر مربع. يعتمد اقتصاد روسيا بشكل كبير على النفط والغاز والفحم، بالإضافة إلى المعادن والمواد الكيميائية، وتنتج الحبوب والسكر والخضراوات والفواكه، وتصنع الطائرات والأسلحة.
رحلة عبر تاريخ روسيا
تأسست روسيا على يد السلافيين الشرقيين في القرن التاسع الميلادي. يُعد كتاب “التاريخ الأولي” أقدم مرجع تاريخي عن روسيا، حيث ذكر أن مدينة كييف تأسست في عام 1111م. عندما تقاتلت الجماعات السلافية في نوفغورود، طلبوا من قبائل الفايكنج المعروفة باسم “رجال الشمال” أن تحكم المنطقة وتنشر الأمن. أُطلق عليهم اسم “الروس الفارانجيين”، وأخذ الروس اسمهم من هذه الجماعة. في عام 862م، استقرت العائلات الفارانجية بقيادة روريك في نوفغورود، ومنذ ذلك الحين عرفت المنطقة باسم أرض الروس.
في القرن العاشر الميلادي، تأسست سلالة روريك الحاكمة، وبدأ العصر الذهبي بحكم الأمير فلاديمير الأكبر، الذي حوّل كييف الروسية إلى المسيحية البيزنطية. في القرن الحادي عشر، بلغت كييف الروسية ذروتها وأصبحت مركزًا سياسيًا وثقافيًا في أوروبا الشرقية تحت حكم ياروسلاف الحكيم.
السيطرة المغولية على الأراضي الروسية
غزا المغول (التتار) روسيا ودمروا العديد من المدن، مما أنهى سلطة كييف الروسية. استمرت السيطرة المغولية من عام 1237 إلى عام 1240م. أسس التتار الإمبراطورية الروسية القبلية في جنوب روسيا. في القرن الرابع عشر الميلادي، تغلب إيفان الأول على التتار في إمارة تفير. في القرن الخامس عشر الميلادي، بدأت حملة جمع الأراضي بقيادة أمراء موسكوفيتش الذين اتبعوا سياسة تجميع الأراضي الروسية (الأراضي السلافية الشرقية).
في عام 1480م، انتهت السيطرة المغولية بانتصار إيفان الثالث. في عام 1547م، اعتلى إيفان الرابع العرش وأصبح أول قيصر لروسيا، وفرض الإدارة المركزية والانضباط العسكري وأعلن تمرده على النبلاء.
فترة حكم عائلة رومانوف
شهدت روسيا اضطرابات عديدة بين عامي 1604 و 1613م، مما أدى إلى تمزق أركانها بسبب الغزو الأجنبي والحروب الأهلية. مهدت هذه الظروف الطريق لميخائيل رومانوف ليصبح قيصرًا لروسيا، مؤسسًا الأسرة الرومانية الحاكمة التي استمرت حتى عام 1917م.
بين عامي 1689 و 1725م، قام بطرس الأكبر بتنفيذ إصلاحات واسعة النطاق شملت الكنائس والحكومة والجيش. في عام 1703م، أسس العاصمة سانت بطرسبرغ.
شاركت روسيا في تحالفات أوروبا ضد فرنسا أثناء حكم نابليون بين عامي 1798 و 1815م، وهُزم نابليون في عام 1812م. عاد الجيش الروسي بأفكار ليبرالية، مما أدى إلى ثورة الديسمبريين في عام 1825م، والتي فشلت. خاضت روسيا حرب القرم بين عامي 1853 و 1857م في محاولة للسيطرة على أراضٍ من الدولة العثمانية، لكنها هُزمت.
مع استمرار حكم أسرة رومانوف، توسعت روسيا على حساب الدولة العثمانية وضمت أجزاء من دول آسيا الإسلامية وتوسعت في اليابان. تأسست الأحزاب الديمقراطية، وفي عام 1917م انتهى حكم رومانوف بتنازل نيقولا الثاني عن العرش وسيطرة الشيوعيين (البلاشفة). انسحبت روسيا من الحرب العالمية الأولى في هذه الفترة.
روسيا في حقبة ستالين
وقعت حرب بين البلاشفة والروس البيض بين عامي 1918 و 1922م، وانتهت بانتصار البلاشفة والتوسع السوفيتي. في عام 1922م، أسس البلاشفة الاتحاد السوفيتي وبدأ عهد جوزيف ستالين، الذي انتهج سياسة اقتصادية جديدة. أنهى ستالين معاهدة روسيا مع ألمانيا (معاهدة عدم الاعتداء) وسيطر على بولندا الشرقية وأجزاء من رومانيا وتشيكوسلوفاكيا ودول البلطيق بعد بدء الحرب العالمية الثانية.
أسس ستالين جيشه تحسبًا لغزو ألمانيا لروسيا، وهو ما حدث بشكل مفاجئ في عام 1941م. تلقت روسيا دعمًا من بريطانيا والولايات المتحدة، وفي عام 1945م انتصر الحلفاء على ألمانيا وتوسع السوفييت في وسط وشرق أوروبا والبلقان. اتبع ستالين سياسة التصنيع الثقيل. في عام 1947م بدأت الحرب الباردة مع الغرب، وعزز ستالين قوته في أوروبا والصين والشرق الأوسط وآسيا.
في عام 1949م بدأ سباق التسلح النووي واستمرت الحرب الباردة. بالرغم من وفاة ستالين عام 1953م، استمرت السيطرة الشيوعية، ولكن السيطرة الديكتاتورية خفت حدتها. خلفه نيكيتا خروتشوف، الذي بدأ بتحسين العلاقات مع الغرب. في عام 1964م أُطيح بخروتشوف وتولى ليونيد بريجنيف الحكم وتبعه بسياسة توسيع رقعة الاتحاد السوفيتي في أفريقيا.
فترة الركود في تاريخ الاتحاد السوفيتي
مر الاتحاد السوفيتي بفترة ركود من عام 1965م حتى عام 1991م. حاول أليكسي كوسيغين تعزيز الإنتاج الاقتصادي والتنافس من خلال اللامركزية، لكنه فشل بسبب معارضة الأحزاب المحافظة. أصبح ليونيد بريجنيف أقوى زعيم في الاتحاد السوفيتي في تلك الفترة. بالرغم من اتباع سياسة الانفراج في السبعينيات، إلا أنها انهارت سريعًا وأصبحت العلاقة متوترة مع الولايات المتحدة في قضايا متعددة.
في عام 1985م، تولى غورباتشوف رئاسة الحزب الشيوعي وأدخل تغييرات كبيرة، فسمح بحرية التعبير في الأمور السياسية والأدبية والفنية، وعمل على تحسين العلاقات مع الغرب وقلل من هيمنة الدولة على الاقتصاد. في عام 1989م تم عقد أول انتخابات حرة في مجلس الشعب، وفي عام 1990م سُمح بإنشاء الأحزاب السياسية غير الشيوعية، ولكن واجه ذلك معارضة كبيرة. تم انتخاب غورباتشوف رئيسًا للجمهوريات في عام 1990م.
الاستقلال الروسي
في عام 1991م، استقلت روسيا في عهد بوريس يلتسن بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، وتشكّلت رابطة الدول المستقلة. انضمت إليها معظم الجمهوريات السوفيتية باستثناء البلطان. في عام 1992م تولت روسيا رئاسة الاتحاد السوفيتي سابقًا في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة واحتفظت بترسانتها النووية. في عام 1993م، جرى استفتاء على دستور جديد يمنح الرئيس سلطات ضخمة. انضمت روسيا إلى برنامج الشراكة الذي يهدف إلى السلام التابع لحلف شمال الأطلسي في عام 1994م. أُعيد انتخاب يلتسن للرئاسة في عام 1996م، ثم استقال في عام 1999م لصالح بوتين.
المصادر
- الجزيرة نت
- WorldAtlas
- Worldometers
- الموسوعة العربية العالمية
- BBC