نظرة على حياة ثعلبة بن حاطب

تعرف على حياة الصحابي الجليل ثعلبة بن حاطب، وتفنيد الروايات الضعيفة المنتشرة حوله، وآراء العلماء في هذه الروايات.

مقدمة عن ثعلبة بن حاطب

ثعلبة بن حاطب، رضي الله عنه، صحابي جليل القدر من الأنصار، شهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوتي بدر وأحد. توفي في السنة الثالثة للهجرة. انتشرت حوله قصة غير صحيحة، سنقوم بتوضيحها وتفنيدها استنادًا إلى أقوال العلماء والمحدثين.

رواية غير صحيحة عن ثعلبة بن حاطب

هناك رواية ضعيفة تُنسب إلى ثعلبة بن حاطب، رضي الله عنه، تدعي أنه طلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو له بالرزق. ويزعمون أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: “ويحك يا ثعلبة! قليل تؤدي شكره خير من كثير لا تطيقه”. ثم يذكرون أنه عاد مرة أخرى وطلب نفس الطلب، فرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم: “ويحك يا ثعلبة! تريد أن تكون مثل رسول الله صلى الله عليه وسلم، والله لو سألت أن يسيل لي الجبال ذهباً وفضة لسالت”.

تكمل الرواية المزعومة بأنه عاد مرة ثالثة، وأكد للنبي صلى الله عليه وسلم أنه إذا رزقه الله مالاً، فسوف يعطي كل ذي حق حقه. فدعا له النبي صلى الله عليه وسلم قائلاً: “اللهم ارزق ثعلبة مالاً”. ثم يزعمون أنه بعد ذلك امتلك ثعلبة غنمًا كثيرة جدًا، حتى أنها كانت مثل الدود في كثرتها، ولم تعد طرق المدينة تتسع لها.

وبحسب الرواية، كان ثعلبة يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم يعود إلى غنمه. ومع ازدياد عدد ماشيته، اضطر إلى إخراجها خارج المدينة. ثم بدأ في التخلف عن صلاة الجمعة والجماعة. وتدعي القصة أنه بعد ذلك نزلت الآية الكريمة: (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا).

ثم يذكرون أن النبي صلى الله عليه وسلم أرسل رجلين لجمع الصدقات، وعندما مروا على ثعلبة، رفض أن يعطيهم الصدقة. ثم نزلت الآيات: (وَمِنْهُم مَّنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِن فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ (75) فَلَمَّا آتَاهُم مِّن فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوا وَّهُم مُّعْرِضُونَ (76) فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَىٰ يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ (77)).

تختتم الرواية بأنه لما علم ثعلبة بنزول الآيات، وضع التراب على رأسه وذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليتوب، لكن النبي لم يقبل توبته، ثم ذهب إلى أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم، ولكنهم جميعًا رفضوا قبول صدقته.

أقوال العلماء حول الرواية غير الصحيحة

يرى كبار العلماء أن هذه القصة المنسوبة إلى ثعلبة بن حاطب غير صحيحة إطلاقًا، ولا يجوز نسبتها إليه، وذلك للأسباب التالية:

رأي القرطبي

قال القرطبي في تفسيره: “قلت وثعلبة بدري أنصاري وممن شهد الله له ورسوله بالإيمان حسب ما يأتي بيانه في أول الممتحنة، فما روي عنه غير صحيح.”

رأي ابن حزم

قال ابن حزم في كتابه المحلى بالآثار: “وقد روينا أثراً لا يصح، وفيه أنها نزلت في ثعلبة بن حاطب وهذا باطل لأن ثعلبة بدري معروف.”

المصادر

Total
0
Shares
المقال السابق

القضاعة: حيوان فريد

المقال التالي

ثغرة عصفور – معلومات شاملة

مقالات مشابهة