نظرة على تاريخ مدينة وهران العريقة

تاريخ مدينة وهران الجزائرية. استكشف وهران عبر العصور: من التأسيس إلى الحاضر. اكتشف الأحداث الهامة والتطورات التي شكلت هذه المدينة الأفريقية الجزائرية العريقة.

نبذة تعريفية عن مدينة وهران

وهران هي مدينة جزائرية ساحلية تقع في شمال غرب البلاد، وتُعتبر من أهم المدن الجزائرية من حيث التاريخ والاقتصاد والثقافة. تأسست المدينة في عام 903 ميلادي، وتتميز بموقعها الاستراتيجي على ساحل البحر الأبيض المتوسط. تتبع إدارياً لولاية وهران وتنقسم إلى عدة أحياء. يُعرف وهران بأسماء عديدة منها “الباهية”.

تقع وهران جغرافياً في الجزء الشمالي الغربي من الجزائر. فلكياً، تقع على خط طول 0.63306 درجة شرق خط جرينتش، وعلى دائرة عرض 35.69694 درجة شمال خط الاستواء. تبلغ مساحة وهران حوالي 2.121 كيلومتر مربع.

تطورات تاريخية في مدينة وهران

تشير الاكتشافات الأثرية إلى أن منطقة وهران كانت مأهولة بالسكان منذ عصور ما قبل التاريخ. تم العثور على آثار بشرية قديمة في منطقة تغنيف بالقرب من معسكر تعود إلى حوالي 400,000 عام. كما تم العثور على مواقع أخرى تعود إلى العصر الحجري القديم والحديث.

قبل حوالي 21,000 عام، ظهرت مجموعات من الإيبيروموريسيين في المنطقة الجنوبية الغربية من وهران، وتحديداً في منطقة وجدة. وفي الألفية التاسعة قبل الميلاد، اندمج هؤلاء السكان مع مجموعات أخرى لتشكيل أسلاف الطوارق الأمازيغ.

وهران في بداية تاريخها

خلال فترة حكم الفينيقيين، تم اختيار خليج مداغ الصغير الواقع غرب وهران لإنشاء محطة تجارية. في هذه الفترة، وصل أوائل اليهود إلى المدينة واستقروا فيها. وفي فترة الحكم الروماني، تم اختيار موقع المرسى الكبير الواقع شرق بطيوة كمحطة لهم. في القرن الثاني الميلادي، شهدت المدينة هجرة لليهود من مصر وبرقة والمناطق المغربية. وفي القرن الرابع الميلادي، وصل المسيحيون إلى المدينة.

في عام 445م، احتل الوندال المدينة بعد انهيار الإمبراطورية الرومانية. وفي عام 533م، أصبحت المدينة تحت سيطرة البيزنطيين. وفي عام 541م، انتشر الطاعون المعروف باسم طاعون جستنيان في المدينة. في بداية القرن الخامس الميلادي، سيطر الرستميون على المدينة وواجهوا العديد من المشاكل، مثل النزاعات مع الفاطميين والمشاكل الداخلية.

في عام 645م، دخل المسلمون وهران بعد فتحها. وعندما بدأت الخلافة العباسية في التفكك، قرر الأندلسيون العرب تطوير المحطات التجارية على سواحل شمال أفريقيا. وهكذا تأسست وهران كمدينة في عام 902م على يد بحارة أندلسيين مثل محمد بن عبدون ومحمد بن أبي عون.

بعد تأسيسها، أصبحت المدينة محط نزاع بين الفاطميين وأمراء قرطبة الأمويين. استمر الصراع حول المدينة من عام 910م حتى عام 1082م، حيث كانت تخضع تارة لسيطرة أمراء قرطبة وتارة أخرى لسيطرة الفاطميين.

وهران بعد مرور الألفية الأولى

في عام 1077م، سقطت وهران تحت سيطرة يوسف بن تاشفين، مؤسس الدولة المرابطية، واستمر حكمه عليها لمدة 68 عاماً. ثم خضعت المدينة لسيطرة الموحدين في العام 1145م بعد سيطرة قوات عبد المؤمن بن علي الكومي الموحدية المنتصرة في مدينة تلمسان. خلال فترة حكم الموحدين، شهدت المدينة ازدهاراً واستقراراً لأكثر من قرن، حيث تم بناء الموانئ وأحواض السفن، كما تطور المجتمع اليهودي.

بعد انهيار الدولة الموحدية، حكمت المدينة ثلاث سلالات:

  • الحفصيون (1230م).
  • الزيانيون (1235م).
  • المرينيون (1258م).

في القرن الرابع عشر الميلادي، أصبحت المدينة مركزاً فكرياً، حيث عاش فيها العديد من الكتاب والمفكرين مثل ابن خلدون والإدريسي وابن خميس وليون الإفريقي. في عام 1493م، استقبلت وهران عدداً كبيراً من اللاجئين الناصريين بعد سقوط دولة الأندلس. وفي عام 1505م، رست السفن الإسبانية في ميناء المرسى الكبير، وكانت هذه الحملة أول حملة إسبانية على وهران. وفي عام 1509م، سقطت المدينة بالكامل في يد القوات الإسبانية.

في عام 1609م، صدر مرسوم بطرد الموريسكيين من إسبانيا، واستقروا في وهران. وفي عام 1708م، ضم الباي مصطفى بن يوسف وهران إلى إيالة ومملكة الجزائر، ثم جاء حكم العثمانيين عليها، وانقسم إلى فترتين: الفترة الأولى من عام 1708م إلى عام 1732م، والفترة الثانية من عام 1792م إلى عام 1830م.

في القرن التاسع عشر الميلادي، وتحديداً في عام 1831م، خضعت وهران للاحتلال الفرنسي بعد دخول الجنرال شارل-ماري دينيس دامريمون الذي أجرى أول إحصاء سكاني في عام 1832م، حيث بلغ عدد السكان 3,856 نسمة. تم هدم البيوت التي تخفي الجهة الشرقية بين حصن القديس فيليب وشاطوناف، والبيوت المشيدة على تل رأس العين. ومنذ 17 أبريل 1832م، وقعت معارك متفرقة بين الشيخ محي الدين وابنه الأمير عبد القادر الجزائري والحامية الفرنسية في وهران بقيادة الجنرال بوير.

بين عامي 1841م و1847م، أعاد الجنرال لاموريسيار التنظيم من خلال إنشاء المدينة الجديدة وأحياء قرية الزنوج، كما شرد السكان الأصليين، وخضعت المدينة لسياسة الاستعمار الاستيطاني. شهدت المدينة موجة من الهجرة الأوروبية من إسبانيا وإيطاليا وسويسرا ومالطا وألمانيا. عانت وهران من مرض الكوليرا في عام 1849م. وفي عام 1890م، نما عدد السكان باستمرار، مما أدى إلى إنشاء ضواحٍ جديدة مثل أكمول وسان ميشال وسان بيار وقمبيطة وديلمونت وسانت أوجان.

تداعيات الحروب على مدينة وهران

بعد الحرب العالمية الأولى وبعد مجازر 8 مايو 1945م في مدينة قالمة وسطيف، تكفلت بعض العائلات في المدينة بالأيتام الذين خلفتهم المجازر. في عام 1948م، بلغ عدد سكان وهران 352,721 نسمة. في عام 1949م، وقعت عملية سطو على مكتب بريد وهران على يد مسؤولي حزب الشعب الجزائري حسين آيت أحمد وأحمد بن بلة، وكانت نتيجة العملية أخذ مبلغ مالي قدره 3,070,000 فرنك فرنسي الذي كان مصدراً ممولاً للثورة التي أعلنتها جبهة التحرير الوطنية الجزائرية في عام 1952م.

خلال الحرب العالمية الثانية، شهدت المدينة العديد من الأحداث المهمة:

  • معركة المرسى الكبير التي وقعت بين الأسطول البريطاني والأسطول الفرنسي في عام 1940م، وأدت إلى فقدان ثلاث سفن حربية ووفاة واختفاء 1297 بحاراً وجرح 351 شخصاً.
  • استسلام المدينة بعد عملية الشعلة في عام 1942م.
  • إنزال الأمريكيين العديد من الفرق العسكرية في مينائها لتكون نقطة انطلاق للحملة الإيطالية.

في عام 1962م، وافقت دولة فرنسا على إجراء استفتاء من أجل تقرير المصير في الجزائر. وفي نفس العام، عندما كانت الجزائر تحتفل بالاستقلال، حدثت معارك درامية في وهران عرفت باسم مذبحة 62. وفي العام 1965م، استضافت المدينة لقاء القرن الودي بين الجزائر والبرازيل.

Total
0
Shares
المقال السابق

نبذة عن تاريخ مدينة وجدة المغربية

المقال التالي

نظرة على ماضي مراكش العريق وآثارها الخالدة

مقالات مشابهة

دراسة الجدوى: أنواعها وأهميتها في نجاح المشاريع

استعراض شامل لأنواع دراسة الجدوى، بما في ذلك الفنية، والاقتصادية، والقانونية، والزمنية، والتشغيلية، والثقافية، والبيئية، والسياسية، وكيفية استخدامها في تقييم المشاريع قبل التنفيذ.
إقرأ المزيد