نظرة على تاريخ تيارت عبر العصور

استكشاف تاريخ ولاية تيارت، من العصور القديمة وعصور ما قبل التاريخ، مرورًا بالعصور التاريخية والدولة الرستمية، وصولًا إلى الحقبة الحديثة وأهميتها التاريخية.

الفترة القديمة لتيارت

تتميز تيارت بتاريخ عريق يمتد إلى عصور ما قبل الإسلام، حيث يمكن تقسيم المراحل الزمنية التي تركت آثارًا واضحة إلى فترتين رئيسيتين:

حقبات ما قبل التاريخ

تشمل هذه الحقبة الزمنية العديد من العصور التي شهدت تطورات هامة في حياة الإنسان، ويمكن تلخيصها فيما يلي:

  • العصر الحجري القديم: يعتبر موقع كولومناطة في سيدي حسين من المواقع الهامة التي تعود إلى هذه الفترة، حيث تم العثور على بقايا إنسان قديم يعود تاريخها إلى الفترة ما بين 6330 و 5250 قبل الميلاد.
  • العصر الحجري الحديث: تشير الزخارف الجدارية في كاف بو بكر إلى هذه المرحلة، حيث تعتبر من أغنى المواقع التي تضم فنونًا صخرية تعود إلى فترة ما قبل التاريخ. تظهر الرسومات أشكالًا آدمية وحيوانية، وتؤرخ للعصر الحجري الحديث الذي اعتمد فيه الإنسان على الترحال والصيد.
  • الفترة الممتدة من العصر الحجري القديم حتى القرن الثالث الميلادي: تدل مجموعة القبور الجنائزية المعروفة باسم الموكب الجنائزي لمشروع الصفا على أن المنطقة كانت مأهولة ومستغلة تاريخيًا، وهو ما أكدته الكتابات اللاتينية التي عُثر عليها في الموقع. هنا تتقاطع عصور ما قبل التاريخ مع العصور التاريخية.

الحقب التاريخية

يمكن تقسيم العصور التاريخية في ولاية تيارت إلى فترتين رئيسيتين، وذلك تبعًا للدولة الحاكمة في تلك الفترة:

  • الحكم البيزنطي: تشير الآثار البيزنطية، مثل بقايا القلاع الرومانية في المنطقة، إلى وجود حكم بيزنطي في هذه المنطقة.
  • الحكم الأمازيغي: حكم الأمازيغ المنطقة لمدة تقارب 200 عام، وتركوا معالم أثرية ذات أهمية كبيرة، مثل أضرحة الأجدار، وهي قبور هرمية تعكس التقاليد الأمازيغية. تنقسم هذه الأضرحة إلى مجموعتين: مجموعة تقع على سلسلة جبال الأخضر، ومجموعة أخرى على جبل العروي.

تيارت في العصر الحديث

يشير إلى تاريخ تيارت بعد ظهور الإسلام، ويمكن تقسيم هذه الحقبة إلى مرحلتين رئيسيتين:

الحقبة الرستمية

من المرجح أن تيارت الحديثة قد تأسست في العام 148 هجري (765 ميلادي). تأسست الدولة الرستمية غالبًا في العام 160 هجري، حيث تمت مبايعة عبد الرحمن بن رستم إمامًا لتيارت في ذلك العام. كان عبد الرحمن بن رستم حاكم القيروان في عهد أبي الخطاب. بعد هزيمة أبي الخطاب على يد جيش محمد بن الأشعث العباسي، فر عبد الرحمن بن رستم من القيروان إلى تيارت وأسس فيها الدولة الرستمية.

فترة لاحقة

في العام 296 هجري (908 ميلادي)، انتهت الدولة الرستمية على يد أبو عبدالله الحسين بن أحمد بن محمد، وأصبحت تيارت تابعة للدولة الفاطمية. ثم احتلت المدينة مرارًا من قبل قبيلة زنانة، ثم أصبحت تابعة للموحدين. بعد ذلك، كثر عليها النزاع وهجرها سكانها.

خلال فترة تناوب القبائل عليها، بنى الشيخ سلامة قصرًا يُعرف الآن باسم قصر بني سلامة. لكن المدينة هُجرت مرة أخرى وتعرضت للتخريب في العام 962 هجري (1554 ميلادي). ثم سُكنت مرة أخرى وبقيت حتى يومنا هذا.

الأهمية التاريخية لتيارت

تتجلى أهمية تيارت في تعاقب الحضارات التي استوطنتها منذ الإنسان الأول وحتى يومنا هذا. تحمل تيارت بصمة ولمسة لكل مرحلة زمنية منذ بدء الخليقة، مرورًا بالحقب التاريخية وصولًا إلى العهود الإسلامية. تجدر الإشارة إلى توثيق ابن خلدون لتيارت في مقدمته التي كتبها أثناء عزلته لمدة أربع سنوات في قصر بن سلامة، مرورًا بالاحتلال الفرنسي وصولًا إلى تيارت في الوقت الحاضر.

قال تعالى في سورة الروم، الآية 41: “ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ”.

وفي الحديث النبوي الشريف: “الدنيا ملعونة، ملعون ما فيها، إلا ذكر الله وما والاه، أو عالماً أو متعلماً”. رواه الترمذي.

Total
0
Shares
المقال السابق

لمحة عن تاريخ تونس

المقال التالي

لمحة عن تاريخ منطقة جازان

مقالات مشابهة