جدول المحتويات
تقديم حول المدرسة الغلوسيماتية
تُعرف المدرسة الغلوسيماتية أيضاً بمدرسة كوبنهاغن، وتعتبر إحدى الركائز الأساسية في مجال اللسانيات البنيوية إلى جانب مدرستي جنيف وبراغ. تضم هذه المدرسة مجموعة من النظريات اللغوية التي وضعها كل من لويس هيلمسليف (1899-1965) وفيغو بروندال (1887-1942) في منتصف القرن العشرين. شهدت أواخر القرن العشرين وبداية القرن الحادي والعشرين تحولاً في اتجاه المدرسة الغلوسيماتية من التركيز على المقاربة الهيكلية الصرفة في علم اللغة إلى تبني منهج وظيفي، مما أدى إلى انضمام عدد آخر من المؤسسين والباحثين.
تأسست هذه المدرسة اللغوية في عام 1931 على يد فولكار برندل وجيرميليسيل، وقامت بترسيخ مبادئها من خلال مجلة “مجلة اللغويات الهيكلية الدولية”. استمد المؤسسون إلهامهم من أفكار دي سوسير، الذي قدم إسهامات كبيرة في النظرية الرسمية للغة من خلال الدفاع عن النظريات اللغوية، ونظرية الثنائية الاتجاه، ونظرية اللغويات الإنشائية.
أسلوب العمل في المدرسة الغلوسيماتية
سعى رواد هذه المدرسة إلى إحداث ثورة في طريقة دراسة اللغة، وذلك من خلال الابتعاد عن الأساليب التقليدية وتبني المنهج العلمي. استخدموا في أبحاثهم مصطلحات متخصصة وصاغوا العناصر اللغوية على هيئة رموز جبرية ذات خصائص رياضية. كما وظفوا التراكيب اللغوية في شكل معادلات رياضية، الأمر الذي أثار ردود فعل متباينة من المفكرين والفلاسفة واللغويين.
المفاهيم المحورية للمدرسة الغلوسيماتية
تستند المدرسة الغلوسيماتية إلى مجموعة من المبادئ الأساسية، منها:
- اللغة تتكون من ثلاثة عناصر رئيسية: التعبير، المحتوى، والنظام.
- العلاقة بين المحتوى والتعبير في اللغة علاقة وثيقة ودائمة.
- تولي المدرسة اهتمامًا أكبر باللسان مقارنة بدي سوسير، وتؤمن بأن اللغة هي شكل وليست مادة. تركز المدرسة على دراسة نظام التراكيب (النظام العلائقي) في اللغة على مستوى أعلى من المستوى التجريدي.
- تسعى المدرسة الغلوسيماتية إلى الجمع بين اللغويات المعرفية والقواعد الوظيفية، وتضمين أفضل الأفكار والمفاهيم البنيوية.
- تؤكد المدرسة الغلوسيماتية على أهمية التقسيم البنيوي الأساسي لمستويات المحتوى والتعبير.
- يرى رواد المدرسة الغلوسيماتية أن اللغة هي وسيلة أساسية للتواصل بين البشر، وأن تحليلها وفهمها يتم بشكل أفضل من خلال وظيفتها التواصلية.
- يتم تحليل الكلام والمحتوى والتعبير باستخدام الوسائل الهيكلية التقليدية، وغالبًا ما يتم تحليلها باستخدام وسائل من دلالية براغماتية.
- تفترض المدرسة الغلوسيماتية أن الهياكل الموجودة على مستوى التعبير تعكس الهياكل الموجودة على مستوى المحتوى.
- يمكن ملاحظة التشابه بين البنيوية والغلوسيماتية من خلال التشابه في تقسيم بنية الجملة.
- يفترض رواد المدرسة الغلوسيماتية أن الكلام لا ينبغي تحليله من الوحدات الصغرى، بل من الوحدات الكبرى؛ لأن المتحدثين يبنون كلامهم من خلال اختيار ما يقولونه، ثم يختارون الكلمات التي تعبر عنه، وأخيرًا يبنون الجملة عن طريق الأصوات.
استعراض لنظرية الغلوسيماتيك
في سياق بحث علمي مشترك، سعى كل من يلمسليف وأولدل إلى تبني رؤية مختلفة تمامًا عن مدرسة براغ. وفي عام 1935، اقترحا تسمية نظريتهما الجديدة في علم الفونيمات بـ “الغلوسيماتيك”، وهي نظرية تهتم بدراسة الغلوسيمات، وهي الوحدات النحوية الصغرى التي لا يمكن تجزئتها. وقد اشتقا هذا الاسم من الكلمة الإغريقية “glossa” التي تعني اللغة.
تنقسم الوحدات النحوية الصغرى في نظرية الغلوسيماتيك إلى قسمين رئيسيين: وحدات التعبير ووحدات المحتوى. أما بالنسبة لنظام اللغة في هذه النظرية، فهو مشابه لنظام دي سوسير، الذي يرى أن اللغة هي شكل وليست مادة. فالمادة في حد ذاتها لا تحمل أي معنى، بل يمكن أن تكون صوتية أو إشاراتية أو مكتوبة بالنسبة للدلالات.
وفيما يتعلق بالمدلولات، فإن هذه النظرية تذهب أبعد مما ذهب إليه دي سوسير، وترى أن القيم المجردة للعبارات هي الموجودة وحدها. وبالتالي، فإن اللغة بالنسبة لأنصار هذه النظرية هي نظام من القيم، وأن مفتاح تحليل شكلها يكمن في اللسانيات المتكاملة في ذاتها والمبنية على منهج استنباطي موضوعي.
نظريات متنوعة في المدرسة الغلوسيماتية
تركز هذه النظرية في دراستها على النص فقط، سواء كان ذلك النص كلامًا منطوقًا، أو نصًا مكتوبًا، أو نصًا تراثيًا منقوشًا. وتتمثل الخطوط العريضة للمدرسة الغلوسيماتية فيما يلي:
- تحويل اللغة العلمية إلى جمل جبرية باستخدام عبارات واضحة تمامًا وخالية من أي غموض.
- النزعة المضادة للميتافيزيقيا (ما وراء الطبيعة): تنص على أن الجمل الميتافيزيقية ليست خاطئة، بل هي ببساطة لا تقدم أي معنى، على الرغم من أن تركيبها يشبه تمامًا تركيب الجمل غير الميتافيزيقية.
- المبدأ التجريبي: في بداية ظهور المدرسة الغلوسيماتية، كان معنى الجمل يُحدد بطريقة تجريبية تحقيقية. ولكن بعد ذلك، ظهرت تناقضات دفعت أنصار المدرسة إلى تبني الموقف القائل بأن العلم يجب أن يشمل كل الوقائع التجريبية الممكنة من خلال الاستدلال المنطقي انطلاقًا من عدد قليل من المسلمات.
- التركيز على الوصف التركيبي: بحيث يتناول وصف مضمون أشياء كثيرة غير قابلة للملاحظة أو التحدث عنها بطريقة غير مباشرة. وهذا يشبه إدراك الألوان بين شخصين مختلفين.
المصادر والمراجع
- وهيبة قاني، مدرسة كوبنهاجن، صفحة 1-2. بتصرّف.
- “École de Copenhague (linguistique)”, stringfixer, تم الاسترجاع في 20/2/2022. مُعدّل.