فهرس المحتويات
أحوال العالم قبل النبوة
في الفترة التي سبقت بعثة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، كان العالم يعيش حالة من الترقب والتغير. بعد فترة من انقطاع الوحي بعد النبي عيسى عليه السلام، سادت تحريفات في الأديان السماوية، وبرزت عادات وتقاليد تعكس حاجة المجتمعات إلى هداية ربانية. كانت الرسالة المحمدية بمثابة النور الذي أضاء الدروب وأخرج الناس من ظلمات الجهل إلى نور الإسلام. كانت الأوضاع الدينية والمجتمعية والاقتصادية في تلك الحقبة تختلف تبعًا للمنطقة والمعتقدات السائدة.
الوضع الديني قبل البعثة
شهدت الجزيرة العربية قبل الإسلام تنوعًا دينيًا كبيرًا. انتشرت عبادة الأصنام، ويُذكر أن عمرو بن لحي كان أول من أدخلها إلى مكة. كان للعرب أصنام متعددة يتعبدون لها ويقدمون القرابين. ومع ذلك، كانت هناك قلة من الموحدين الذين تمسكوا بالدين الحنيف، مثل ورقة بن نوفل وزيد بن عمرو بن نفيل وحنظلة بن صفوان.
إضافة إلى ذلك، اعتنق بعض سكان العراق وصحراء فاران والبحرين واليمن الديانة المسيحية. كما انتشرت الديانة اليهودية في المدينة وخيبر والحجاز، نتيجة لهجرة اليهود إليها من مناطق أخرى. وظهرت معتقدات أخرى مثل الدهرية، التي تنسب كل شيء إلى الدهر وتنكر الآخرة والحساب. وقد وصف الله تعالى معتقداتهم في قوله:
(وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ ۚ وَمَا لَهُم بِذَٰلِكَ مِنْ عِلْمٍ ۖ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ) [الجاثية: 24].
أما الروم، فكانوا يعتنقون النصرانية بطوائف مختلفة، مثل اليعاقبة والمنوفستية. واجه الإمبراطور هرقل صعوبات في توحيد هذه الطوائف.
وفي بلاد فارس، كان الناس يعبدون قوى الطبيعة مثل الشمس والسماء. ثم تطور الأمر إلى عبادة آلهتين: إله للخير وإله للشر. وفي الفترة القريبة من ظهور الإسلام، اتجه الفرس لعبادة النار خوفًا من عذابها في الآخرة.
الظروف الاقتصادية قبل البعثة
بسبب الطبيعة الصحراوية لأغلب مناطق الجزيرة العربية، كان الرعي هو النشاط الاقتصادي الرئيسي لسكان البادية. تنوعت المراعي حسب التضاريس. بالإضافة إلى الرعي، كان الحصول على التمر من الواحات وتأمين الحماية للقوافل التجارية مصادر دخل أخرى. اشتهرت اليمن بالزراعة المتطورة وأنظمة الري والتجارة المنظمة. ظهرت العقود التجارية المتعلقة بالزراعة مثل المحاقلة والمزارعة.
تطور الصناعة رافق تطور الزراعة، حيث برع العرب في صناعة الجلود والعطور والأسلحة والصياغة والتعدين والنجارة والحدادة. توفرت المواد الخام مثل الحديد والنحاس والفضة والذهب. كما ازدهرت الصناعات النسيجية مثل صناعة الأقمشة والبسط والستور والخيام.
أحوال العالم بعد النبوة
أرسل الله تعالى نبيه محمدًا صلى الله عليه وسلم بالرسالة الإسلامية إلى البشرية. فيما يلي نظرة على أحوال العالم بعد بعثته:
في الجزيرة العربية، بدأ النبي صلى الله عليه وسلم دعوته بين قومه وعشيرته. وبعد وفاته، اعتنق معظم العرب الإسلام وزالت عبادة الأوثان، مع بقاء بعض القبائل على المسيحية أو اليهودية مع دفع الجزية.
أرسل النبي صلى الله عليه وسلم رسائل إلى الملوك يدعوهم إلى الإسلام، ومنهم قيصر ملك الروم. عندما وصلت الرسالة إلى قيصر، سأل أبا سفيان (الذي كان مشركًا آنذاك) عن النبي ونسبه وصدقه وأتباعه. وعندما علم بصدقه وأمانته ونسبه الرفيع، أدرك قيصر أنه يتصف بصفات الأنبياء وأن ما جاء به هو الحق. لكن عندما قرأ الرسالة على قومه، ثاروا وغضبوا. كان قيصر يرغب في الإسلام، لكنه خشي من ردة فعل قومه، فاختار السلطة على الإيمان.
فُتحت أراضي الروم في بلاد الشام في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ودخل بعض أهلها الإسلام، بينما بقي آخرون على دينهم.
أما كسرى ملك الفرس، فقد مزق رسالة النبي صلى الله عليه وسلم التي تدعوه إلى الإسلام. فُتحت أراضي فارس في عهد عمر بن الخطاب، وأصبحت تحت الحكم الإسلامي.
المصادر
- أحمد معمور العسيري (1996)، موجز التاريخ الإسلامي من عهد آدم إلى عصرنا الحاضر (الطبعة الأولى)، صفحة 48-49. بتصرّف.
- محمد نعمان الجارم، أديان العرب في الجاهلية (الطبعة الأولى)، مصر: مطبعة السعادة، صفحة 128،193. بتصرّف.
- محمد سليمان المنصورفوري، رحمة للعالمين (الطبعة الأولى)، الرياض: دار السلام للنشر والتوزيع، صفحة 23-24. بتصرّف.
- أكرم ضياء العمري (26/07/2003)، “دولة الروم البزنطية ( قبل البعثة)”، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 26-10-2020. بتصرّف.
- مناهج جامعة المدينة العالمية، أصول الدعوة وطرقها، ماليزيا: جامعة المدينة العالمية، صفحة 176، جزء 1. بتصرّف.
- محمد طقوش (2009)، تاريخ العرب قبل الإسلام (الطبعة الاولى)، بيروت: النفائس، صفحة 159-165.
- محمد الخضر حسين (2010)، موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين (الطبعة الأولى)، سوريا: دار النوادر، صفحة 169، جزء 3. بتصرّف.
- أبو محمد البغوي (1995)، الأنوار في شمائل النبي المختار (الطبعة الأولى)، دمشق: دار المكتبي، صفحة 33-34. بتصرّف.
- بَحرَق اليمني (1419)، حدائق الأنوار ومطالع الأسرار في سيرة النبي المختار، جدة: دار المنهاج، صفحة 336.
- محمد سهيل طقوش (24-9-2017)، “الفتوح في عهد عثمان بن عفان”، www.islamstory.com، اطّلع عليه بتاريخ 26-10-2020. بتصرّف.
- محمد بن عبد الباقي الزرقاني (1996)، شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (الطبعة الأولى)، بيروت: دار الكتب العلمية، صفحة 16، جزء 5. بتصرّف.
الأوضاع الاجتماعية قبل البعثة
كان المجتمع العربي قبل الإسلام مجتمعًا قبليًا، حيث كانت العشيرة هي السلطة العليا. سادت العصبية القبلية والتضامن على أساس القرابة. كانت القبيلة توفر الحماية لأفرادها وتأخذ بثأرهم. كان شيخ القبيلة هو الحاكم وقراراته نافذة. ساهمت العصبية القبلية ونظام الثأر والمشاركة في المراعي والمياه والتحالفات بين القبائل في وحدة المجتمعات العربية.
اشتهر العرب بصفات أخلاقية حميدة مثل الكرم والشجاعة والوفاء. كانوا يكرمون الضيف ويغيثون الملهوف ويعفون عند المقدرة ويعترفون بفضل الخصم ويتجنبون الغدر والخيانة.