نظرة على الشعر في الحقبة الأموية

استكشاف الشعر في العصر الأموي: تطوره، خصائصه، الأغراض الشعرية، التيارات الشعرية، ومظاهر التجديد.

مقدمة عن الشعر في العصر الأموي

لم يبدأ تاريخ الشعر العربي مع بداية الحقبة الأموية، بل هو فن عريق استمر وتطور عبر مختلف العصور، وقد تركت الدولة الأموية بصمتها الواضحة على هذا الفن. شهدت الحياة في تلك الفترة تحولات كبيرة أدت إلى ظهور أنماط جديدة من الشعر، خاصة مع اتساع رقعة الدولة الأموية وتأثر الأدب بالثقافات المختلفة. كما أدت الانقسامات السياسية إلى ظهور شعر يعبر عن آراء الأحزاب المتنافسة، حيث سعى كل حزب لإبراز نفسه من خلال الشعر.

في العصر الأموي، كان الشعر مرآة عاكسة للأحداث الجارية، وبرز فيه العديد من الشعراء الذين أثروا في مسار القصيدة العربية وأضفوا عليها من روحهم، ليصبح الشعر منارة تضيء دروب الأدب العالمي.

الأهداف الشعرية في العصر الأموي

تميزت الأغراض الشعرية في العصر الأموي بتنوعها واختلافها عن العصور السابقة، وذلك نتيجة للأحداث التي شهدتها تلك الفترة والتي أثرت بشكل مباشر على الشعر العربي. من بين هذه الأغراض:

الشعر السياسي

واجهت الدولة الأموية تحديات كبيرة من الأحزاب السياسية المعارضة التي سعت للإطاحة بها بشتى الوسائل، سواء بالكلمة أو بالسلاح، مثل الخوارج والزبيريين والشيعة، بالإضافة إلى الحركات السرية التي كانت تهدف إلى إقامة دول مستقلة عن الدولة الأموية. ونتيجة لذلك، انقسم الشعراء بين مادح للدولة الأموية وهاج لها.

شعر الغزل

لم يكن الغزل غرضًا جديدًا في العصر الأموي، ولكنه شهد تطورًا ملحوظًا وبلغ مكانة لم يصل إليها في العصر الجاهلي. فالغزل هو تعبير فطري عن ميل الرجل إلى المرأة ووصف محاسن المحبوب.

شعر النقائض

انتشر شعر النقائض بشكل كبير في العصر الأموي، وبرز من خلاله العديد من الشعراء. والنقيضة هي قصيدة يوجهها شاعر إلى آخر، سواء كانت مدحًا أو مفاخرة أو هجاء، ثم يقوم الشاعر الآخر بالرد عليها. وقد تفوق الشعراء في هذا النوع من الشعر.

سمات الشعر في العصر الأموي

كان الشعر الأموي بمثابة نور يضيء دروب الشعراء في العصور اللاحقة، وتميز بمجموعة من الخصائص، منها:

  • الجمع بين المعاني الجاهلية والإسلامية: حيث يظهر تأثير كل منهما في القصيدة الأموية.
  • التوسع في شرح مفاهيم العقيدة الإسلامية: خاصة وأن العصر الأموي كان قريبًا من عهد الإسلام.
  • اختلاف مفهوم المدح عن العصر الجاهلي: حيث أصبح الرجل يمدح بالإيمان ويهجى بالكفر والفسوق والعصيان، وتستنهض الهمم لقتال الكفار لا للثأر أو الحمية الجاهلية.
  • الانفتاح على الشعوب الأخرى والأخذ منها: وهذا ظهر في توسع المفاهيم والمعارف وعدم الانغلاق على الذات.
  • ظهور الجدل في السياسة والدين: حيث كان كل حزب يدافع عنه شعراؤه بقصائدهم، ويتبادلون الردود، مما أدى إلى ظهور النقائض في الشعر.
  • تنوع قوة الأساليب: فكان هناك شعراء يتميزون بأسلوبهم الفصيح والقوي مثل الفرزدق وجرير وذي الرمة، وشعراء يتميزون بأسلوبهم الرقيق في الحب والغزل، وشعراء يجمعون بين الرقة والقوة وهم شعراء الأحزاب والخوارج.
  • تأثر الشعر بالبيئة: فالشعر النجدي يختلف عن الشعر العراقي الذي يختلف عن الشعر الشامي أو الحجازي.

جوانب التجديد في الشعر الأموي

أضاف الشعر الأموي مظاهر جديدة إلى القصيدة العربية لم تكن معروفة من قبل، منها:

  • الشعر السياسي: لم يكن الشعر السياسي شائعًا قبل ذلك، حيث ظهرت الأحزاب السياسية وظهر معها الشعر السياسي المؤيد والمعارض.
  • الغزل: تناول الشاعر الأموي الغزل بشكل مختلف عن العصر الجاهلي، حيث كان الغزل في الجاهلية عفيفًا، أما في العصر الأموي فأصبح الغزل من أجل المتعة فقط، كما في شعر عمر بن أبي ربيعة.
  • النقائض: وهي قصائد يتبادلها الشعراء في المدح أو الهجاء.

أشهر شعراء الحقبة الأموية

برز العديد من الشعراء في العصر الأموي، منهم:

  • جرير: جرير بن عطية بن الخطفي، توفي عام 111 للهجرة، يتميز بسعة الخيال وقوة اللفظ وجزالة العبارة.
  • الأخطل: غياث بن غوث بن الصلت، مسيحي، كان يقيم في الحيرة وتوفي سنة 95 للهجرة.
  • النعمان بن بشير الأنصاري: شاعر من الخزرج من المدينة المنورة، كان مع معاوية في معركة صفين.

نماذج شعرية من تلك الفترة

من الأشعار التي قيلت في العصر الأموي:

ما قاله قيس بن الملوح:

فَواكَبِدا مِن حُبِّ مَن لا يَحُبُّني
وَمِن زَفَراتٍ ما لَهُنَّ فَناءُ
أَرَيتِكِ إِن لَم أُعطِكَ الحُبَّ عَن يَدِ
وَلَم يَكُ عِندي إِذ أَبَيتِ إِباءُ

ما قاله الفرزدق:

أَلَم تَرَ أَنّي يَومَ جَوَّ سُوَيقَةٍ
بَكَيتُ فَنادَتني هُنَيدَةُ مالِيا
فَقُلتُ لَها إِنَّ البُكاءَ لَراحَةٌ
بِهِ يَشتَفي مَن ظَنَّ أَن لا تَلاقِيا
قِفي وَدِّعينا يا هُنَيدُ فَإِنَّني
أَرى الحَيَّ قَد شاموا العَقيقَ اليَمانِيا

ما قاله جرير:

سَرَتِ الهُمومُ فَبِتنَ غَيرَ نِيامِ
وَأَخو الهُمومِ يَرومُ كُلَّ مَرامِ
ذُمَّ المَنازِلَ بَعدَ مَنزِلَةِ اللِوى
وَالعَيشَ بَعدَ أولئك الأَقوامِ
ضَرَبَت مَعارِفَها الرَوامِسُ بَعدَنا
وَسِجالُ كُلِّ مُجَلجِلٍ سَجّامِ

الخلاصة

العصر الأموي مرحلة هامة في تاريخ الشعر العربي، أضافت له وأضاف لها الكثير، وخرجت القصيدة الأموية بأساليب جديدة وألفاظ بديعة.

المراجع

  1. أبعزيز فهمي،المقارنة بين الشعر الأموي والعباسي في العصر الأول، صفحة 30. بتصرّف.
  2. أبتثنوح بلمبروك، توفيق بلعيدي،مظاهر التجديد الشعري في العصر الأموي، صفحة 36. بتصرّف.
  3. مجموعة من المؤلفين،الأدب العربي وتاريخه، صفحة 128. بتصرّف.
  4. صلاح الدين الهادي،اتجاهات الشعر في الصعر الأموي، صفحة 33. بتصرّف.
  5. زكريا عبد المجيد النوتي،الأدب الأموي تاريخه وقضاياه، صفحة 126. بتصرّف.
  6. جرجي زيدان،تاريخ آداب اللغة العربية، صفحة 296. بتصرّف.
  7. فواكبدا من حب من لا يحبني،الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 8/9/2021.
  8. ألم تر أني يوم جو سويقة،الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 8/9/2021.
  9. سرت الهموم فبتن غير نيام،الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 8/9/2021.
Total
0
Shares
اترك تعليقاً
المقال السابق

أبيات شعرية في الهوى والعشق الصادق

المقال التالي

نظرة على الأدب والشعر في فترة ما قبل ظهور الإسلام

مقالات مشابهة