نظرة على أحداث معركة أحد

استعراض لأهم الأحداث التي وقعت في غزوة أحد، بدءًا من التجهيزات الأولية، وصولًا إلى تفاصيل المعركة ونتائجها.

لمحة عن غزوات النبي صلى الله عليه وسلم

بلغ عدد المعارك التي شهدها عهد النبوة ما يقارب الستين، تنوعت بين غزوات قادها الرسول صلى الله عليه وسلم بنفسه، وسرايا أرسلها بقيادة صحابته الكرام. من بين هذه المعارك، قاد النبي صلى الله عليه وسلم ثمانية وعشرين غزوة. بدأت المواجهات العسكرية مع المشركين في العام الثاني للهجرة، حيث شهد هذا العام قيادة النبي صلى الله عليه وسلم لثماني غزوات.

على الرغم من حرص النبي صلى الله عليه وسلم على قيادة الغزوات بنفسه، إلا أنه كان يمنح أصحابه الفرصة لقيادة بعض المعارك التي عرفت بالسرايا. ساهم ذلك في زيادة خبراتهم القتالية من خلال الاحتكاك المباشر بالعدو وتقييم قدراتهم. ونتيجة لذلك، ارتفعت ثقتهم بأنفسهم، بالإضافة إلى أن النبي صلى الله عليه السلام كان يدرب الصحابة رضي الله عنهم على فن استخدام العقل والتخطيط من خلال استشارتهم قبل المعارك.

وخير مثال على ذلك ما حصل عندما استشارهم في غزوة بدر، ثم أخذ برأي الحباب بن المنذر رضي الله عنه، حيث غيّر مكان الجيش، حيث اقترب به إلى ماء بدرٍ فشرب المسلمون ومنعوا الأعداء من الوصول إلى الماء، وكما حصل قبل غزوة أحد حيث استشارهم الرسول بالبقاء والقتال في المدينة أو الخروج للقاء العدو خارجها، فكان رأيهم الخروج ولقاء العدو عند أحد، فاستجاب رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- لرأيهم، وخرجوا للقاء العدو خارج المدينة.

تسلسل وقائع معركة أحد

التحضير للمعركة

بدأت أحداث معركة أحد عندما قرر كفار قريش وحلفاؤهم من الأعراب غزو المسلمين في المدينة المنورة. وكان رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قد رأى رؤيةً دلّت على أنّ ثمّة مصيبةٌ ستصيب المسلمين، حيث قال عليه الصلاة والسلام:

“(رأيتُ في سيفي ذي الفقارِ فَلَّا فأوَّلتُه فلا يكونُ فيكم ورأيتُ أني مردِفٌ كبشاً فأولتُه كبشَ الكتيبةِ ورأيتُ أني في درعٍ حصينةٍ فأولتُها المدينةَ ورأيتُ بقراً تُذبحُ فبقرٌ واللهِ خيرٌ، فبقرٌ واللهِ خيرٌ فكان الذي قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ)”

ولما وصلت الأخبار بتوجه جيش قريش نحو المدينة بدأ المنافقون بالتخذيل والإرجاف كعادتهم، ولكن الصحابة -رضي الله عنهم- أجمعوا على الخروج لصد قريش وحلفائها. وبينما هم في الطريق، حدث أمراً عظيماً، إذ انسحب كبير المنافقين عبد الله بن أبي بن سلول، ورجع بمن تبعه من قومه من أهل النفاق والريب، وقالوا: (ما ندري علام نقتل أنفسنا ههنا أيها الناس)، فلحق بهم عبد الله بن عمرو بن حرام -رضي الله عنه- يذكرهم بالله، وينصحهم بالرجوع وعدم الفرار، إلا أنهم أصروا على الانسحاب، فقال لهم: (أبعدكم الله أعداء الله فسيغني الله عنكم نبيه)، وكادت أن تلحق بالمنافقين قبيلتان من الأنصار، وهما بنو الحارث، وبنو النجار لولا تثببيت الله -تعالى- لهم، مصداقاً لقوله عزّ وجلّ:

“(إِذْ هَمَّت طَّائِفَتَانِ مِنكُمْ أَن تَفْشَلَا)”

وعلى الرغم من الانسحاب المفاجئ للمنافقين، إلا أن جيش المسلمين تابع التقدم حتى وصل أرض أحد، وهناك قسم رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- المهمات، وهيأ الصفوف، وكلّف الرماة بالوقوف على الجبل وحماية مؤخرة الجيش، وقال لهم:

“( إِن رَأيتُمونا تَخطَفُنا الطَّيرُ فَلا تَبرَحوا مَكانَكُم هَذا حتَّى أُرسِلَ إليكُم، وإنْ رَأيتُمونا هَزَمنا القَومَ وأَوطَأناهُم، فَلا تَبرَحوا حتَّى أُرسِلَ إِليكُم)”

بداية القتال

تواجه الصفان في أحد، وكان عدد المسلمين 700 مقاتل، وعدد المشركين 3000 مقاتل، ثم بدأت المعركة بالمبارزة كعادة العرب، فخرج من المشركين حامل لواءهم عثمان بن طلحة متحدياً للصحابة رضي الله عنهم، فخرج إليه علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ودار بينهما قتال عنيف، حيث ضربه علي -كرّم الله وجهه- بالسيف فقطع رجله، فسقط على الأرض وانكشفت عورته، ولمّا سقط ناشده علياً بالله والرحم ألّا يقتله، فتركه وعاد إلى صفوف المسلمين، ثمّ خرج الزبير بن العوام، فقاتل خصمه من المشركين، وكذلك فعل المقداد بن الأسود.

وبعد أن شاهد المشركين ما حلّ بفرسانهم خارت عزائمه، فلمّا هاجمهم المسلمون ولّوا مدبرين، حتى قال الزبير بن العوام رضي الله عنه: (والله لقد رأيتني أنظر إلى خدم هند بنت عتبة وصواحبها مشمرات هوارب)، وما هي إلّا دقائقاً حتى اقتحم المسلمون قلب معسكرهم، وأجهز علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- على حملة الألوية من المشركين، وقتل حمزة بن عبد المطلب الكثير منهم، وفي تلك الأثناء حاول خالد بن الوليد، ومن معه من فرسان قريش الالتفاف على المسلمين من خلف الجبل، ولكن الرماة صدّوهم بالنبل، وهكذا كانت هزيمة قريش قاب قوسين أو أدنى.

وبدأ المسلمون بجمع الغنائم والرماة ينظرون إلى ساحة المعركة، فزين لهم الشيطان ترك أمر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، والنزول لجمع الغنائم، بينما بقي بعضهم في مكانه، وفي تلك الأثناء لاحظ خالد بن الوليد النقص العددي للرماة، فباغتهم بهجوم سريع، وقتل من تبقى منهم، ثم هاجم المسلمين، فلمّا رأت فلول قريش قتال خالد بن الوليد للمسلمين رجعوا للقتال، فاضطربت صفوف المسلمين، وأصبحوا في وضع صعب للغاية، ودارت عليهم الدائرة، فانسحب من انسحب، وقُتل من قُتل، حتى إنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أصيب، فكُسرت رباعيته، وشُجّ رأسه، وجُرحت وجنته الشريفة، واستشهد حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه، ثمّ انحاز رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ومن معه من المسلمين إلى الجبل، وحاول المشركون صعود الجبل فقال النبي عليه الصلاة والسلام: (لا ينبغي لهم أن يعلونا)، فقام المسلمون برميهم بالحجارة حتى أنزلوهم، فقال أبو سفيان: (يومٌ بيوم بدر).

المراجع

  1. “تحليل نوعي وكمي لغزوات النبي صلى الله عليه وسلم”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 6-11-2018. بتصرّف.
  2. رواه أحمد شاكر، في مسند أحمد، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 4/146، إسناده صحيح.
  3. سورة آل عمران، آية: 122.
  4. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن البراء بن عازب، الصفحة أو الرقم: 3039، صحيح.
  5. “غزوة أحد (2)”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 6-11-2018. بتصرّف.
  6. “أحداث غزوة أحد”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 6-11-2018. بتصرّف.
Total
0
Shares
المقال السابق

نظرة شاملة على مكونات اللياقة البدنية

المقال التالي

تحليل مفصل لغزوة الخندق

مقالات مشابهة