نظرة شرعية حول نزع الحجاب

استعراض لأحكام الشريعة الإسلامية المتعلقة بنزع الحجاب في حالات مختلفة: بعد الالتزام به، أمام الرجال الأجانب والمحارم، وأمام النساء المسلمات وغير المسلمات.

مسألة التخلي عن الحجاب بعد الالتزام به

من المعلوم بالضرورة أن كشف المرأة لشعرها أو لشيء من جسدها أمام الرجال الأجانب يعتبر مخالفة شرعية. وقد قال الله تعالى: (وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَىٰ). ولكن السؤال المطروح هو: هل عقوبة من خلعت الحجاب بعد ارتدائه أشد من عقوبة من لم ترتديه أصلاً؟

لم يرد نص شرعي صريح يحدد عقوبة مختلفة لمن تراجعت عن ارتداء الحجاب بعد الالتزام به. ومع ذلك، من المنطقي القول بأن من علم بالحكم الشرعي والتزم به ثم تركه عن عمد واستخفاف قد تكون مسؤوليته أكبر ممن يجهل الحكم أصلاً.

حدود إظهار الزينة أمام الرجال غير الأقارب

لا يحل للمرأة البالغة أن تكشف زينتها أو شيئًا من جسدها أمام الرجال الأجانب، سواء كان ذلك في بيتها أو خارجه. هذا الفعل يعتبر من المحرمات التي تستوجب التوبة والاستغفار. وقد فرض الله الحجاب لحماية المرأة وصيانتها. قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّـهُ غَفُورًا رَّحِيمًا).

الحجاب في الشريعة الإسلامية هو ستر المرأة لزينتها وجسدها عن أعين الرجال الذين ليسوا من محارمها. ويستخدم العلماء مصطلح “عورة المرأة” للإشارة إلى الأجزاء التي يجب سترها.

تنقسم العورة إلى قسمين:

  • عورة الستر: وهي الأجزاء التي يجب سترها لذاتها، بغض النظر عن وجود ناظر. تشمل هذه الأجزاء جميع جسد المرأة باستثناء الوجه والكفين عند جمهور العلماء، بينما يرى البعض الآخر أن جميع جسدها عورة.
  • عورة النظر: وهي الأجزاء التي يحرم كشفها بسبب نظرة الرجال إليها وما قد تثيره من فتنة. حتى الأجزاء التي تعتبر عادةً ليست عورة ستر (مثل الوجه والكفين) يجب تغطيتها إذا كانت تثير الفتنة.

استدل الحنفية والمالكية على جواز كشف الوجه والكفين بقوله تعالى: (وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا). واعتبروا أن المستثنى هنا هو الوجه والكفين. كما استدلوا بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: (يا أسماءُ، إنَّ المرأةَ إذا بَلَغَتِ المَحِيضَ، لم يَصْلُحْ أن يُرَى منها شيءٌ إلا هذا وهذا. وأشار إلى وَجْهِه وكَفَّيْهِ).

بينما رأى الشافعية والحنابلة أن جميع جسد المرأة عورة، واعتبروا أن الوجه هو أصل الزينة والجمال، وإذا كانت الساق والشعر يجب سترهما بالإجماع، فإن تغطية الوجه أولى.

ضوابط اللباس أمام الأقارب المحارم

المحارم هم الأشخاص الذين يجوز للمرأة أن تكشف أمامهم، وأن تختلي بهم، وأن تسافر معهم، والذين يحرم عليها الزواج منهم تحريماً أبدياً (مثل الأب، والجد، والأخ، والعم، والخال).

يجوز للمحارم النظر إلى المرأة في حدود ما يظهر منها عادةً عند ارتدائها ملابس المنزل. ويشترط في ذلك ألا يكون النظر بشهوة أو بقصد الاستمتاع. وإذا كان هناك شك أو ريبة، فالأفضل للمرأة أن تستر نفسها.

ويرى بعض العلماء أن عورة المرأة أمام محارمها هي جميع جسدها باستثناء الوجه والرقبة واليدين والقدم والساق.

حدود الزينة بين النساء المسلمات

يرى الفقهاء أن عورة المرأة أمام المرأة المسلمة هي نفسها عورة الرجل أمام الرجل، أي ما بين السرة والركبة. ويجوز النظر إلى ما عدا ذلك بشرط ألا يكون هناك شهوة أو فتنة.

ويذهب بعض العلماء إلى الاحتياط في هذه المسألة، قائلين بأن عورة المرأة أمام المرأة هي ما لا يظهر عادةً عند الاشتغال في الأعمال المنزلية، وما لا يظهر من زينتها الظاهرة.

وينصح العلماء بالاحتياط استنادًا إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تُباشِرِ المرأةُ المرأةَ كأنَّها تنعَتُها لزوجِها أو تصِفُها لرجُلٍ كأنَّه ينظُرُ إليها).

حدود الزينة أمام النساء غير المسلمات

ذهب الحنابلة والشافعية إلى أنّ عورة المسلمة أمام غير المسلمة هي جميع بدنها ما عدا ما يظهر منها عند الأشغال المنزليّة. وذكر الحنابلة أيضاً أنّ عورة المرأة المسلمة أمام المرأة غير المسلمة كعورتها مع محارمها؛ أي ما بين السرة والرُّكبة. أما الحنفيّة والمالكية فقالوا إنّ عورتها أمام المرأة غير المسلمة كعورتها أمام الرجل الأجنبي، ولا يجوز للمرأة التّجرد أمامها، لِقولهِ -تعالى-:(وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ)، فخصّص الله -تعالى-النّساءالمُسلمات، فلو لم يكُن من التّخصيص فائدة لما قام الله بذكره.

المصادر

  1. سورة الأحزاب، آية: 33.
  2. “عقاب من خلعت الحجاب بعد ارتدائه” – islamweb.net
  3. سورة الأحزاب، آية: 59.
  4. صحيح الجامع
  5. سورة النور، آية: 31.
Total
0
Shares
اترك تعليقاً
المقال السابق

أحكام حول خُطبة العيد

المقال التالي

أحكام الانتفاع بجلد الأضحية بعد الذبح

مقالات مشابهة