نظرة شاملة عن مؤسسة الزواج في الشريعة الإسلامية

استكشاف مفهوم الزواج وأهميته في الإسلام، مع التركيز على الأسس الشرعية لاختيار الزوجين والحكمة من الزواج.

مقدمة عن الزواج

حث الدين الإسلامي الحنيف على أهمية تكوين الأسرة عن طريق الزواج، ونبذ فكرة العزوبية المطلقة. الزواج هو سنة الأنبياء والمرسلين، كما قال تعالى في كتابه الكريم في سورة الرعد: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِّن قَبْلِكَ، وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجاً وَذُرِّيَّةً). والهدف من هذه السنة هو تحقيق الاستقرار النفسي والاجتماعي للفرد والمجتمع.

في اللغة، يعني الزواج الاقتران والارتباط. أما في الاصطلاح الشرعي، فهو عقد يبيح للرجل الاستمتاع بالمرأة، وللمرأة الاستمتاع بالرجل، وفقًا لأحكام الشريعة الإسلامية. يقوم عقد الزواج على أركان أساسية تتضمن وجود طرفي العقد (الزوج والزوجة)، والمحل (وهو الزواج نفسه)، والإيجاب والقبول.

يعتبر الزواج أمرًا مستحبًا ومؤكدًا لمن يملك القدرة المادية والجسدية والنفسية عليه، ويخشى الوقوع في الفتنة. وفي ذلك يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة؛ فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحفظ للفرج، ومن لم يستطع؛ فعليه بالصوم، فإنه له وجاء).

الأدلة الشرعية للزواج من القرآن والسنة

حث الله سبحانه وتعالى على الزواج، لما فيه من مصالح عظيمة للفرد والمجتمع، وتحقيقًا للغاية من وجود الإنسان، وهي عمارة الأرض ونشر الخير. وقد وردت العديد من الأدلة في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة التي تؤكد على أهمية الزواج، ومنها:

عن أبي حاتم المزني رضي الله عنه قال -عليه السلام-:(إذا جاءَكم مَن ترضَونَ دينَه وخُلقَه فأنكِحوهُ، إلَّا تفعلوا تَكن فتنةٌ في الأرضِ وفسادٌ قالوا يا رسولَ اللَّهِ وإن كانَ فيهِ قالَ إذا جاءَكم مَن ترضَونَ دينَه وخُلقَه فأنكِحوهُ ثلاثَ مرَّاتٍ).

قال تعالى في سورة الروم:(وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُون).

وقال تعالى في سورة النساء:(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً).

أسس وضوابط الاختيار في الزواج

يشجع الإسلام على التدقيق والتحري عند اختيار شريك الحياة، مع مراعاة مجموعة من الصفات والخصائص الهامة. يجب أن يكون الاختيار مبنيًا على أسس سليمة ومعايير واضحة، سواء من جانب الرجل عند اختيار الزوجة، أو من جانب المرأة عند اختيار الزوج. فيما يلي بعض هذه المعايير والأسس:

معايير أساسية لاختيار الزوجة الصالحة

عند البحث عن شريكة الحياة، يجب مراعاة الأمور التالية:

  • الدين والخلق: المرأة المتدينة الملتزمة بتعاليم دينها هي الأقدر على احترام زوجها وأداء واجباتها تجاهه، وعلى تربية الأبناء على القيم والأخلاق الفاضلة. قال -عليه الصلاة والسلام-:(تُنْكَحُ المَرْأَةُ لأرْبَعٍ: لِمالِها، ولِحَسَبِها، وجَمالِها، ولِدِينِها، فاظْفَرْ بذاتِ الدِّينِ، تَرِبَتْ يَداكَ).
  • الأصل الطيب: الأسرة ذات السمعة الطيبة والقيم النبيلة تساهم في تكوين شخصية الزوجة، وتجعلها سندًا وعونًا لزوجها في السراء والضراء.
  • الودود الولود: فالذرية الصالحة هي من مقاصد الزواج، قال -عليه الصلاة والسلام-:(تزوَّجوا الودودَ الولودَ؛ فإني مُكاثِرٌ بكم).
  • البكارة: الزواج من بكر غالباً ما يكون أسهل لتحقيق الاستقرار والتوافق في الحياة الزوجية.
  • التقارب الثقافي والاجتماعي والفكري: التوافق في هذه الجوانب يقلل من الخلافات ويسهم في بناء علاقة زوجية ناجحة.

معايير أساسية لاختيار الزوج الصالح

عند اختيار الزوج، يجب على المرأة مراعاة الأسس التالية:

  • الكفاءة والصلاح: أن يكون الرجل كفؤًا للمرأة من حيث الدين والخلق والنسب.
  • الخلق الحسن: أن يكون الرجل ذا طبع كريم وأخلاق نبيلة.
  • التدين: أن يكون الرجل متدينًا يخاف الله ويراعي حقوق زوجته.
  • صلة الرحم: أن يكون الرجل واصلًا لرحمه، حنونًا على أهله.
  • القدرة المادية والجسدية والصحية: أن يكون الرجل قادرًا على الإنفاق على زوجته وأولاده، وسليمًا معافى.
  • التقارب الفكري والثقافي: التوافق الفكري والثقافي يساهم في بناء علاقة متينة ومستقرة.

الغاية من الزواج في الإسلام

شرع الإسلام الزواج لما فيه من حكم وفوائد عظيمة تعود على الفرد والأسرة والمجتمع. تتجلى هذه الحكم في الآتي:

  • حماية النفس من الوقوع في المعاصي والآثام.
  • بناء أسرة متماسكة قائمة على المحبة والرحمة.
  • إنجاب الذرية الصالحة وتحقيق الغاية من الخلق، وهي عمارة الأرض، كما قال تعالى:(وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً).
  • إشباع الغرائز بطريقة مشروعة.

المراجع

  • السيوطي، كتاب حاشية السيوطي على سنن النسائي.
  • محمد بن عبد العزيز السديس، كتاب مقدمات النكاح.
  • عبد الوهاب خلاف، كتاب أحكام الأحوال الشخصية في الشريعة الإسلامية.
  • أحمد علي طه ريان، كتاب فقه الأسرة.
  • صالح السدلان، كتاب رسالة في الفقه الميسر.
  • الترمذي، في صحيح الترمذي، عن أبو حاتم المزني، الصفحة أو الرقم:1085.
  • البخاري، في صحيح بخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:5090 .
  • النسائي، في السنن الكبرى، عن معقل بن يسار، الصفحة أو الرقم:3227.
  • مسلم، في صحيح مسلم، عن عبدالله بن مسعود، الصفحة أو الرقم:1400.
Total
0
Shares
المقال السابق

دراسة حول الزواج في سن مبكرة

المقال التالي

الزواحف: نظرة شاملة

مقالات مشابهة