مقدمة حول الضرائب
تعتبر الضرائب من المصطلحات الاقتصادية التي تتسم بالتعقيد في تحديد مفهومها بشكل دقيق، وذلك نظراً لتعدد الجوانب والمشكلات المرتبطة بها. فالضريبة تمثل أداة أساسية في جمع الأموال وتوزيع الأعباء المالية بشكل منصف، كما أنها تؤثر بشكل ملحوظ، سواء بالإيجاب أو السلب، على اقتصاد الدول. وقد اختلف الاقتصاديون في صياغة تعريف موحد للضريبة، وذلك بسبب الاختلاف في وجهات النظر والتوجهات الفكرية التي تتزامن مع التطورات الاقتصادية والسياسية. ويمكن تعريف الضرائب بأنها مبالغ مالية تُدفع مقابل الخدمات التي تقدمها الدولة، والتي تساهم في تلبية الاحتياجات العامة. وهناك تعريف آخر للضرائب، وهو أنها التزامات مالية تضامنية تقتطعها الدول بشكل مباشر؛ بغرض استخدامها في تحقيق الأهداف العامة.
الصفات المميزة للضرائب
تتميز الضرائب بمجموعة من الخصائص التي تميزها عن غيرها من الأدوات المالية والاقتصادية، وهي:
- أدوات نقدية: الضرائب هي أدوات نقدية وليست عينية، بمعنى أنها عبارة عن اقتطاع نقدي وليس عيني مثل الأراضي. الضرائب النقدية هي القاعدة الأساسية للضريبة لأنها الأنسب للاقتصاد.
- إلزامية: تعتبر الضريبة إلزامية، حيث أن تحصيل الضرائب وفرضها من الأعمال الخاصة بالدول، وذلك بالاعتماد على وضع كل دولة لنظام ضريبي. لا يعني فرض الضريبة جواز تحصيلها دون تشريعات قانونية، بل من المهم إصدار الضرائب بالاعتماد على قانون يحدد الأحكام الخاصة بها، وفي حال امتناع الأفراد عن دفع الضرائب تلجأ الدول إلى وسائل تجبرهم على دفعها.
- بدون مقابل مباشر: تُفرض الضرائب دون مقابل مباشر، حيث يجب على المجتمع أن يتضامن في تمويل المهام والنشاطات التي لا يمكن تحديد مدى انتفاع الأفراد منها. تصبح الضريبة فرضاً مرتبطاً بالواجب الناتج عن التضامن الاجتماعي بين الأفراد.
- تحقيق المنافع العامة: تهدف الضرائب إلى تحقيق المنافع العامة من خلال تعزيز التضامن الاجتماعي بين الناس بهدف الوصول إلى النفع العام الذي يساهم بدعم المجتمع.
- نهائية: تُجبى الضرائب بصورة نهائية، أي أنها تُفرض من الأفراد المكلفين بدفعها بشكل نهائي لا رجوع عنه، وهو من المميزات الخاصة بالضرائب مقارنة بالقروض.
تصنيفات الضرائب
تتضمن الضرائب العديد من التصنيفات المختلفة من حيث الأهمية والتأثيرات الاقتصادية. فيما يلي عرض لأهم أنواع الضرائب:
- الضرائب المباشرة: هي ضرائب تُفرض على رأس المال، وتمثل قيمة ما يحققه الفرد أو مقدار ملكيته من عناصر رأس المال. يتحمل الفرد هذه الضريبة بنفسه ولا يحق له نقلها إلى غيره. وتنقسم الضرائب المباشرة إلى:
- الضريبة على الدخل: هي ضريبة تعتمد على الدخل الناتج عن الشخص المعنوي أو الطبيعي، ويعتبر الدخل الوعاء الخاص بهذه الضريبة، ويعتمد الدخل على تحقيق هدفين؛ الأول هو أن هذه الضريبة لا تشمل المال الذي لا يعتبر دخلاً، والثاني عدم تهرب بعض العناصر التي تعتبر من فئة قليلي الدخل.
- ضرائب رأس المال: هي الضرائب المعتمدة على رأس المال الذي يُعرَّف بأنه ثروة تكون بحوزة الفرد (وهي القيم التي يمتلكها في فترة زمنية معينة)، سواءً اعتبرت سلعاً مادية مثل الأصول الثابتة أو حقوقاً مثل السندات والأسهم، وتصنف هذه الضرائب إلى نوعين هما:
- ضريبة رأس المال العادية: هي القيمة المفروضة على ثروة الفرد أو بعض مكوناتها، وغالباً ما تكون قيمتها منخفضة.
- ضريبة رأس المال الاستثنائية: هي ضريبة تتشابه مع ضريبة رأس المال العادية من حيث الاعتماد على رأس المال، ولكنهما تختلفان عن بعضهما بسعر الضريبة. عندما يكون سعر ضريبة رأس المال العادية منخفضاً، تفرض الضريبة الاستثنائية بسعر أعلى ضمن ظروف استثنائية تحتاج الدولة فيها إلى المال؛ من أجل تسديد الديون المتراكمة عليها أو لتنفيذ بعض المشروعات المهمة.
- الضريبة على الميراث: هي ضريبة تفرض على الممتلكات التي يجمعها الفرد خلال مدة زمنية معينة؛ بسبب حدوث واقعة الوفاة، وتفرض هذه الضريبة على نصيب كل فرد من الميراث.
- الضرائب غير المباشرة: هي الضرائب التي يدفعها الأفراد، ومن الممكن نقل عبئها إلى أشخاص آخرين. يتميز هذا النوع من الضرائب بسهولة تحصيلها، وتصنف إلى الأنواع الآتية:
- الضريبة على الإنفاق: هي ضريبة تفرض على النفقات مقابل الحصول على الخدمات والسلع، وتعد من الضرائب غير المباشرة، وتصنف إلى الآتي:
- الضريبة على الاستهلاك: هي ضريبة تفرض على المراحل المتنوعة الخاصة بنقل السلعة من المُنتج إلى الزبون؛ من خلال مرورها بتجار الجملة والتجزئة حتى تصل في النهاية إلى المستهلك.
- الضريبة العامة على الإنفاق: هي ضريبة تفرض على كل أنواع السلع، ويؤدي ذلك إلى عدم ظهور مشكلة في اختيار السلع الخاضعة للضرائب.
- الضريبة الجمركية: هي ضريبة تفرض على المنتجات المستوردة والمصدرة ضمن الحدود الإقليمية للدول، وتساهم الضريبة الجمركية بتحديد سعر أو نوع أو حصيلة الوضع الاقتصادي في دولة ما.
- الضريبة على الإنفاق: هي ضريبة تفرض على النفقات مقابل الحصول على الخدمات والسلع، وتعد من الضرائب غير المباشرة، وتصنف إلى الآتي:
الغايات من فرض الضرائب
ساهم التطور المؤثر على الضرائب بجعلها أداة من الأدوات المستخدمة في السياسة المالية؛ مما أدى إلى مشاركتها بتحقيق مجموعة من الأهداف وهي:
- الأهداف المالية: وهي تزويد الخزينة العامة للدولة بالمال اللازم بهدف تغطية النفقات. تعتبر الأهداف المالية هي الأهداف الرئيسية للضريبة، ويعتمد تحقيقها على مدى توفير حصيلة من الضرائب.
- الأهداف الاجتماعية: وهي السعي إلى وجود عدالة اجتماعية. يعتبر المفكر والعالم الاقتصادي آدم سميث أن أحد الأركان المهمة للضريبة هو مراعاة العدالة الاجتماعية أثناء فرضها، وساهم تطور دور الضريبة بظهور أهداف اجتماعية متنوعة، ومن الممكن تحقيقها بالاعتماد على السياسة الضريبية.
- الأهداف الاقتصادية: وهي من الأهداف الحديثة للضرائب، وظهرت مع تدخل الدولة في النشاطات الاقتصادية. تسعى هذه الأهداف إلى استخدام الضريبة من أجل تخصيص الموارد الاقتصادية المتوفرة؛ بهدف تحقيق أكبر نسبة من النمو الاقتصادي، وتقديم الخدمة لبرامج التنمية الاقتصادية؛ عن طريق استخدام معدلات النظام الضريبي كونها من أدوات السياسة المالية.
المصادر والمراجع
- عفيف عبد الحميد (2013 – 2014)،فعالية السياسة الضريبية في تحقيق التنمية المستدامة، الجزائر: جامعة فرحات عباس – سطيف، صفحة 2، 3.
- ليلى بن سنوسي، ومسعودة جديد،الضرائب وأثرها على التنمية الاقتصادية، الجزائر: العقيد أكلي محند أولحاج البويرة، صفحة 8، 9، 10، 11.
- سمر الدحلة،النظم الضريبية بين الفكر المالي المعاصر والفكر المالي الإسلامي، فلسطين: جامعة النجاح الوطنية، صفحة 36، 37.