مقدمة
يعتبر التدخين من العادات الضارة التي يمارسها الملايين حول العالم. هو عبارة عن عملية استنشاق أو تذوق مادة معينة بعد إحراقها، وغالباً ما يكون التبغ هو المادة المستخدمة، وذلك بهدف الترويح عن النفس أو لأغراض أخرى. تشير التقديرات إلى أن أكثر من مليار شخص حول العالم يمارسون التدخين، بغض النظر عن جنسياتهم أو أعمارهم.
لقد أظهرت الدراسات الحديثة أن التدخين يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالعديد من الأمراض الخطيرة والمميتة، مثل أمراض القلب والأوعية الدموية، وسرطان الرئة، وغيرها. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يؤدي التدخين أثناء الحمل إلى تشوهات خلقية لدى الأجنة. ولهذا السبب، تفرض الحكومات ضرائب باهظة على شركات التبغ، وتسن قوانين تهدف إلى الحد من التدخين في الأماكن العامة، وتنظم حملات توعية للتحذير من مخاطره.
جذور التدخين التاريخية
تعود جذور التدخين إلى آلاف السنين، حيث يعتقد أنه ظهر قبل حوالي خمسة آلاف عام قبل الميلاد. كان التدخين في البداية جزءاً من الطقوس الدينية لدى العديد من الحضارات القديمة، مثل حضارات الشامانية والبابليون والهنود. استخدم الكهنة هذه الممارسة في طقوسهم الدينية والروحية.
في وقت لاحق، عرف العرب التدخين في القرن الثالث عشر الميلادي عن طريق التجارة، حيث انتقلت هذه العادة من إثيوبيا إلى شمال إفريقيا. وهكذا، بدأ التدخين ينتشر تدريجياً في مناطق مختلفة من العالم.
الانتشار العالمي للتدخين
في بداية القرن السابع عشر الميلادي، تحول التبغ إلى محصول نقدي هام. استغل المستعمرون الجدد العبيد في أمريكا الشمالية للعمل في مزارع التبغ، وذلك لتلبية الطلب المتزايد على هذا المحصول في العالم القديم.
على الرغم من ذلك، عارض بعض الحكام انتشار التدخين، مثل سلطان الدولة العثمانية والإمبراطور الصيني، الذين اعتبروه تهديداً للصحة والأخلاق. ومع ذلك، بحلول منتصف القرن السابع عشر الميلادي، أصبح تدخين التبغ شائعاً في جميع أنحاء العالم.
شهد إنتاج التبغ في القارة الأمريكية نمواً كبيراً، وخاصة قبل الحرب الأهلية الأمريكية في القرن التاسع عشر. بعد الحرب، تحولت القوى العاملة من العبودية إلى العمل المأجور، مما أدى إلى تطور صناعة التبغ في شكل لفافات في أواخر القرن نفسه.
الآثار السلبية للتدخين
للتدخين تأثيرات سلبية كبيرة على صحة الإنسان ونوعية حياته بشكل عام. تبدأ هذه التأثيرات بالضغط العصبي والنفسي، وتنتهي بالإصابة بأمراض خطيرة مثل النوبات القلبية وأمراض الجهاز التنفسي، وخاصة سرطان الرئة.
يتسبب التدخين في وفاة ما يزيد عن خمسة ملايين شخص سنوياً من مختلف الأعمار. تشير الإحصائيات إلى أن نسبة تتراوح بين 75% و 80% من مرضى انتفاخ الرئة هم من المدخنين. بالإضافة إلى ذلك، يرتبط التدخين بأنواع أخرى من السرطانات، مثل سرطان الفم والمريء والمعدة.
مع زيادة نسبة المدخنات، تظهر التأثيرات السلبية للتدخين بوضوح في صورة حالات الإجهاض والولادة المبكرة أو تسمم الحمل. يؤثر التدخين أيضاً بشكل كبير على خصوبة المرأة، ويؤدي إلى عدم انتظام الدورة الشهرية، ويعرض المدخنات لخطر الإصابة بهشاشة العظام.