مقدمة حول مفهوم الإساءة للأطفال
تعتبر الإساءة للأطفال صورة من صور المساس بكرامة الإنسان وحقوقه الأساسية. وقد نصت اتفاقية حقوق الطفل، الصادرة عن الأمم المتحدة في المادة 19، على حماية الأطفال من جميع أشكال العنف.
يمكن تعريف الإساءة للأطفال بتعريفات متعددة، لكنها تتفق في جوهرها. ففي تقرير الأمم المتحدة عن العنف ضد الأطفال لعام 2006، عُرّف بأنه أي شكل من أشكال العنف الجسدي أو النفسي، الإهمال، سوء المعاملة، أو الاستغلال بأي صورة، بما في ذلك الإساءات الجنسية. وفي تقرير منظمة الصحة العالمية لعام 2002، عُرّف بأنه أي استخدام متعمد للقوة الجسدية ضد الأطفال، سواء بالتهديد أو بالفعل، من قبل فرد أو مجموعة، مما يسبب ضرراً لصحة الطفل، أو يؤثر على نموه، أو يهدد حياته.
الأسباب الكامنة وراء الإساءة للأطفال
هناك عوامل عديدة تزيد من احتمالية تعرض الطفل للإيذاء الجسدي والنفسي، وتُقسم هذه العوامل إلى فئتين رئيسيتين:
عوامل متعلقة بالأسرة:
تعتبر الأسرة، وخاصة الوالدين، المسؤول الأول عن سلامة الطفل. وتزداد احتمالية تعرض الطفل للعنف من الوالدين في الحالات التالية:
- عدم قدرة الوالدين على فهم احتياجات الطفل الجسدية، والنمائية، والتعليمية.
- وجود ظروف تضعف القدرة العقلية والنفسية للوالدين، مثل تعاطي المخدرات أو الاضطرابات النفسية كالاكتئاب.
- زيادة احتمالية العنف إذا كان الوالدان قد تعرضا للإساءة في طفولتهما.
- ظروف خارجية للوالدين، كالإنجاب في سن مبكرة، ضعف المستوى التعليمي، كثرة عدد الأطفال، انخفاض الدخل، أو وجود أحد الوالدين فقط.
- عزلة الأسرة عن المجتمع.
- التوتر الناتج عن انفصال الوالدين، أو العلاقة السلبية بين الطفل ووالديه.
عوامل متعلقة بالمجتمع:
تساهم البيئة المحيطة بالأسرة في زيادة تعرض الطفل للعنف، مثل العنف المجتمعي الناتج عن الفقر، البطالة، انتشار المخدرات، وضعف العلاقات الاجتماعية.
العواقب المترتبة على الإساءة للأطفال
إن إهمال الطفل وتعرضه لسوء المعاملة له عواقب وخيمة على صحته الجسدية، وقدراته الإدراكية، وتطوره النفسي والسلوكي. فقد تتراوح الآثار السلبية على جسم الطفل من جروح سطحية إلى مشاكل في الدماغ أو حتى الموت. ويتراوح تأثير العنف والإهمال على القدرات الإدراكية من ضعف الانتباه إلى أنواع من المتلازمات الدماغية. أما الآثار النفسية فتبدأ بانخفاض احترام الذات وتصل إلى اضطرابات نفسية شديدة. وفيما يتعلق بالتطور السلوكي، قد تظهر الآثار السلبية بشكل طفيف كعدم القدرة على بناء علاقات إيجابية مع الأقران، أو بشكل كبير كالتصرفات العنيفة تجاه الآخرين.
تصنيفات الإساءة للأطفال
وفقًا لدراسة لليونيسف عام 2017، يعد العنف المنزلي بهدف التربية أكثر أنواع العنف الجسدي ضد الأطفال والمراهقين. وتثبت الدراسات أن ثلاثة من أربعة أطفال بين سنتين وأربع سنوات يتعرضون للعنف الجسدي بشكل مستمر من قبل الأهل في جميع أنحاء العالم، وستة من عشرة أطفال يتعرضون للأذية الجسدية.
تنقسم أشكال العنف إلى ستة أنواع رئيسية:
- سوء المعاملة من قبل معارف الطفل، وتشمل الإساءات الجسدية، والنفسية، والعاطفية، والجنسية.
- التنمر الواقعي والإلكتروني الذي يهدف إلى إحداث ضرر اجتماعي ونفسي وجسدي للطفل.
- العنف ضد اليافعين والمراهقين من قبل المجتمع المحيط بهم كالعصابات الإجرامية.
- العنف الأسري من قبل الأزواج، وحالات زواج القاصرات والزواج القسري، والذي يتضمن الإساءة الجسدية والنفسية والجنسية.
- التحرش والإساءات الجنسية بكل أنواعها من قبل الغرباء.
- الإهانة النفسية والعاطفية أو أي نوع من الإساءات غير الجسدية، كالاستصغار، والظلم، والتخويف.
أرقام وإحصائيات حول الإساءة للأطفال
أصبحت مشكلة العنف ضد الأطفال مشكلة عالمية. وتشير الإحصائيات إلى خطورة انتشار هذه الظاهرة. فقد ذكرت الشراكة العالمية لإنهاء العنف ضد الأطفال عام 2016 أن طفلاً يموت كل خمس دقائق بسبب العنف. كما ذكرت منظمة الصحة العالمية عام 2016 أن ما يقارب المليار طفل تعرضوا لأحد أشكال العنف، معظمهم ما بين السنتين والسبع عشرة سنة. وذكرت اليونسيف في عام 2014 أن 120 مليون فتاة تحت عمر العشرين تتعرض للعنف الجنسي، وفي عام 2016 ذكرت أن 250 مليون طفل في العالم يعيشون في مناطق الحروب.
سبل الوقاية من الإساءة للأطفال
يعتبر الوالدان العامل الأساسي في توفير بيئة آمنة للأطفال. وقد أثبتت الدراسات أن الوالدين الذين يحظون بدعم أسرهم والمجتمع هم أكثر قدرة على اتخاذ قرارات تساعدهم على إيجاد بيئة مستقرة للطفل، تحميه من العنف وتلبي احتياجاته. وقد أدركت المنظمات المحلية والمدنية أهمية تأهيل الوالدين بالمهارات اللازمة لإيجاد تلك البيئة الآمنة.
وفيما يلي بعض الطرق التي تتبعها تلك المنظمات:
- الدعم الاقتصادي: يساهم الوضع الاقتصادي في استقرار الأسرة، لذلك تحرص المنظمات على إيجاد طرق لتأمين الاستقرار المالي للعائلات.
- دعم التربية الإيجابية: تساهم المنظمات في نشر التربية الإيجابية من خلال الحملات التعليمية، لتمهيد الطريق لسن قوانين تمنع العنف ضد الأطفال.
- الرعاية والتعليم المبكر: يساهم التعليم الجيد في سن مبكرة في إشراك الوالدين في حياة الطفل.
- تطوير المهارات التربوية لدى الوالدين: يتم مساعدة الوالدين في تطوير مهاراتهم التربوية من خلال الزيارات الدورية.
- التدخل والحماية: يساهم التدخل في حياة الطفل المعرض للعنف في الحد من المشاكل التربوية التي تواجهه.