جوهر الزواج
عندما أراد الله تعالى أن يخلق آدم عليه السلام، أراد أن يجعله بصحبة شريك، فكانت حواء زوجته، التي خلقها من ضلع آدم. يظهر هذا الخلق للمرأة من الرجل أنها جزء منه وشريكة حياته، حيث يجد فيها الأنس وهي تجد فيه الحماية والسكن. بفضل هذا الارتباط المبارك، أنعم الله عليهما بالذرية، فصارت سنة الخلق في بني آدم أن يكون بينهم الزواج الذي يجلب الاستقرار ويحفظ النسل.
المنظور الإسلامي للزواج
لقد دعا الإسلام إلى الزواج، كما فعلت الشرائع السابقة، لأنه حاجة فطرية وروحية وجسدية وضعها الله في خلقه. تكمن الحكمة في الزواج في بناء الرحمة والمودة والسكينة بين الزوجين، كما قال تعالى: ﴿وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾. وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم الشباب على الزواج عندما يكونون قادرين عليه.
الغايات المنشودة من الزواج
للزواج أهداف عديدة شرع الدين الزواج لتحقيقها، ومن أهمها: تحقيق الاستقرار النفسي والعاطفي والروحي والجسدي، كما ذكرنا سابقًا، في وصفه بالمودة والرحمة كما بينته الآية الكريمة. ومن الأهداف أيضًا تحقيق الذرية والتكاثر، لأنه فيه حفظ للنسل وبقاء للبشرية، فلو امتنع الجميع عن الزواج لما وجد من يعمر الأرض ويبني الدول ويقيم دين الله في الأرض. ومع الاستقرار الذي يأتي به الزواج، فإن الرجال والنساء على حد سواء سيكونون أكثر قدرة على التميز والإبداع، كما أن الاستقرار يجعل النفوس أكثر رقة وهدوءًا وإيجابية.
النسل الطيب الذي يأتي به الزواج الشرعي الشريف هو من الزينة التي ذكرها الله في كتابه العزيز، فالمال والبنون هم زينة الحياة الدنيا، وكذلك فإن الولد الصالح هو مصدر خير للوالدين وللمجتمع بأسره، كما أن الإنسان حين يموت تنقطع أعماله كلها إلا ما ترك أثرًا بعد موته كالولد الصالح الذي يدعو له.
بالنظر إلى سيرة النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة الكرام، نجد أن الزواج كان سنة لم يتخلف عنها أحد منهم. وقد زجر النبي صلى الله عليه وسلم الأقوام الذين جاءوا إليه وقد زهدوا في الدنيا، فأحدهم يصوم ولا يفطر أبدًا والآخر يقوم الليل ولا ينام أبدًا وأحدهم قد اعتزل النساء ولا يتزوج أبدًا، ونهاهم صلى الله عليه وسلم عن هذا، وبين أن هذه الأفعال هي من المخالفة للفطرة البشرية، ومن الواجب على المسلم أن يتبع الفطرة التي وافقت السنة والشرع.