نظرة الإسلام إلى التطير من الموت

نظرة في حكم التطير من الموت. النفور من الموت. الإيمان بالله. لا تيأسوا من رحمة الله ولا تتطيروا. المراجع.

نظرة الإسلام في الخوف من الموت

الخوف من الموت هو شعور فطري وإنساني. الإسلام لا يرفض هذا الشعور بشكل قاطع، لكنه يوجه المؤمن إلى النظر إلى الموت كجزء من رحلة أوسع نحو لقاء الله تعالى. الخوف يجب ألا يتحول إلى جزع أو يأس، بل يجب أن يكون دافعًا للاستعداد لهذا اللقاء بالإيمان والعمل الصالح.

يجب على المسلم أن يسعى جاهداً للاستعداد للموت بالعمل الصالح والتوبة إلى الله، والإكثار من الأعمال التي تقربه إلى الله سبحانه وتعالى، فالموت هو بداية لحياة جديدة، لذا يجب أن يكون المسلم مستعداً لها.

موقف الإسلام من كراهية الموت

كراهية الموت أمر طبيعي، ولكن يجب فهمها في ضوء تعاليم الإسلام. الرسول صلى الله عليه وسلم وضح هذا الأمر بشكل جلي، فعندما سألته عائشة رضي الله عنها عن معنى الحديث الذي يقول فيه:

قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:(مَن أحَبَّ لِقاءَ اللَّهِ أحَبَّ اللَّهُ لِقاءَهُ، ومَن كَرِهَ لِقاءَ اللَّهِ كَرِهَ اللَّهُ لِقاءَهُ)،[١]

أجابها النبي صلى الله عليه وسلم موضحًا:

(ليسَ كَذَلِكِ، وَلَكِنَّ المُؤْمِنَ إِذَا بُشِّرَ برَحْمَةِ اللهِ وَرِضْوَانِهِ وَجَنَّتِهِ، أَحَبَّ لِقَاءَ اللهِ، فأحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ، وإنَّ الكَافِرَ إِذَا بُشِّرَ بعَذَابِ اللهِ وَسَخَطِهِ، كَرِهَ لِقَاءَ اللهِ، وَكَرِهَ اللَّهُ لِقاءَهُ).[٣]

هذا الحديث يوضح أن المؤمن الذي يعلم أنه ذاهب إلى رحمة الله وجنته، يحب لقاء الله، أما الكافر الذي يعلم أنه ذاهب إلى عذاب الله، فإنه يكره لقاء الله.

إذًا، الكراهية هنا ليست مجرد النفور الغريزي من الموت، بل هي كراهية لما سيأتي بعد الموت من حساب وعقاب لمن لم يستعد له.

وجوب إحسان الظن بالله

إحسان الظن بالله تعالى هو أساس العلاقة الصحيحة بين العبد وربه. يجب على المسلم أن يكون دائمًا متفائلًا برحمة الله وعفوه، وأن يعلم أن الله تعالى أرحم بعباده من الأم بولدها. وفي هذا السياق، يروي جابر بن عبد الله رضي الله عنه:

(سَمِعْتُ رَسولَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ-، قَبْلَ مَوْتِهِ بثَلَاثَةِ أَيَّامٍ يقولُ: لا يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ إلَّا وَهو يُحْسِنُ الظَّنَّ باللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ-)،[٤]

هذا الحديث يحث المسلم على أن يكون حسن الظن بالله في كل لحظة، وخاصة في لحظات الاحتضار. يجب أن يتذكر المسلم أن الله تعالى قادر على أن يغفر له ذنوبه وأن يدخله الجنة برحمته.

إحسان الظن بالله لا يعني التهاون في فعل الطاعات وترك المعاصي، بل هو الدافع الأساسي للاجتهاد في العمل الصالح والتوبة النصوحة.

الأمل برحمة الله وعدم اليأس

اليأس من رحمة الله من أكبر الذنوب، والله تعالى يقول:

(إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ)،[٧]

يجب على المسلم أن يتذكر دائمًا أن الله تعالى هو الغفور الرحيم، وأنه يقبل التوبة عن عباده، وأنه يفرح بتوبة العبد أكثر من أي شيء آخر. حتى وإن كانت ذنوب العبد كثيرة، يجب ألا ييأس من رحمة الله، بل يجب أن يتوب إلى الله توبة نصوحة وأن يكثر من الاستغفار.

الرجاء في رحمة الله يجب أن يكون مصحوبًا بالعمل الصالح والاجتهاد في الطاعات، فالأمل وحده لا يكفي، بل يجب أن يكون هناك سعي جاد نحو رضا الله تعالى.

التشاؤم لا يليق بالمسلم، فالمسلم متفائل دائمًا، يرى الخير في كل شيء، ويتوكل على الله في جميع أموره.

المراجع

  1. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي موسى الأشعري، الصفحة أو الرقم:6508 ، صحيح.
  2. أبتحسن الزهيري،شرح صحيح مسلم، صفحة 2.
  3. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:2684، صحيح.
  4. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم:2877 ، صحيح.
  5. أبتأحمد حطيبة،شرح رياض الصالحين، صفحة 12. بتصرّف.
  6. أبمحمد العثيمين،شرح العقيدة الواسطية، صفحة 29. بتصرّف.
  7. سورة يوسف، آية:87
Total
0
Shares
اترك تعليقاً
المقال السابق

الرأي الشرعي في التسويق متعدد المستويات

المقال التالي

أحكام متعلقة بتشقير و صبغ الحواجب و الشعر

مقالات مشابهة