نظرة ابن جني في أصول اللغة

بحث معمق في أفكار ابن جني حول أصل اللغة، تعريفها، وظيفتها، ورأيه في تعلم اللغات المختلفة.

فهرس المحتويات

الموضوعالرابط
أصل اللغة وظهورها عند ابن جنيالفقرة الأولى
تعريف ابن جني للغةالفقرة الثانية
الجانب الصوتي في اللغة عند ابن جنيالفقرة الثالثة
وظيفة اللغة ودورها في التواصلالفقرة الرابعة
لغة الإنسان: أصوات تعبر عن الأغراضالفقرة الخامسة
رأي ابن جني في من يتعلم لغة جديدةالفقرة السادسة

بدايات اللغة عند ابن جني: آراء متباينة

اختلف أهل اللغة العربية حول أصل اللغة، فمنهم من اعتقد أنها وحي إلهي، مستندين إلى قوله تعالى: “وعلّم آدم الأسماء كلها”.[١] لكن ابن جنيّ، فسّر هذه الآية بمنح الله تعالى للإنسان القدرة على تسمية الأشياء ووضع الأسماء لها، مُشيراً إلى أن هذه القدرة هي استعداد فطري وقواعد ذهنية تُمكّن الإنسان من ابتكار أسماء جديدة.

يُؤكد ابن جنيّ هذه الفكرة بقوله: “ومن ذلك بأن يجتمع حكيمان أو ثلاثة فصاعداً فيحتاجون إلى الإبانة عن الأشياء المعلومات، فيصيغوا لكل واحدة منهما سمةً ولفظاً، إذا ذُكر عرف به ما سمّاه ليمتاز من غيره، وليغني بذكره عن إحضاره إلى مرآة العين، فيكون ذلك أقرب وأخف وأسهل من تكلف إحضاره”.[٣] وهنا نجد أن ابن جنيّ يرى أن اللغة نشأت من حاجة الإنسان للتواصل ووصف الأشياء من حوله.

مفهوم اللغة حسب رؤية ابن جني

يُعرّف أبو الفتح ابن جني اللغة في كتابه “الخصائص” قائلاً: “أما حدها فإنها أصوات يعبر بها كل قوم عن أغراضهم”[٥]. وهذا التعريف يُبرز ثلاث نقاط جوهرية: الجانب الصوتي للغة، وظيفتها في التعبير، وكونها وسيلة للتواصل بين أفراد المجتمع.

اللغة: منظومة صوتية

يُركز ابن جنيّ على الجانب الصوتي للغة، مُشدداً على أنها أساساً أصوات، مُتجاهلاً الكتابة في هذا التعريف، وهذا يُظهر تركيز علماء اللغة العربية آنذاك على اللغة المنطوقة، دراستها كظاهرة صوتية بحتة.

وظيفة اللغة: التعبير والتواصل

يُبين ابن جنيّ أن وظيفة اللغة هي التعبير عن أغراض الناس، وهذا يُشير إلى دورها في نقل الأفكار والمعاني بين الأفراد، مُشيراً إلى اختلاف اللغات بين الشعوب المختلفة، لكل قوم لغتهم الخاصة.

كما أن التعبير عند ابن جنيّ ليس مقتصراً على مجرد نقل المعلومات، بل يتعدى ذلك إلى التعبير عن المشاعر والأحاسيس الذاتية.

اللغة: أصواتٌ وقومٌ

استخدام ابن جنيّ لكلمة “قوم” بدلاً من “فرد” أو “إنسان” في تعريفه يُبرز الطبيعة الاجتماعية للغة، فهي ظاهرة جماعية تُوحد أفراد المجتمع باستخدامهم لنظام صوتي واحد للتواصل.

متعلم اللغة: ثلاث حالات

يُلاحظ ابن جنيّ اختلاف الناس في استيعاب اللغات، فبعضهم يتقن لغة جديدة بسرعة، والبعض الآخر يلتزم بلغته الأم، والبعض الآخر يُدمج بين لغته الأم واللغة الجديدة من خلال الاحتكاك المتكرر بها. وهذا يُظهر براعة ابن جنيّ في ملاحظة الاختلافات الفردية في عملية تعلم اللغات.

يقول ابن جني في كتابه الخصائص:” وأعلم أن العرب تختلفُ أحوالُها في تلقي الواحدِ منها للغَةِ غيرِه فمنهم من يخف ويسرع قبول ما يسمعه، ومنهم من يعتصم فيقينُ على لغته البتة، ومنهم إذا طال تكرُرُ لغةِ غيره عليه لصقت به ووُجِدت في كلامه”[٩]

[1] سورة البقرة، آية:31

[3] ابن جني، الخصائص، صفحة 45.

[5] ابن جني، الخصائص، صفحة 33.

[9] ابن جني، الخصائص، ج2، صفحة 383.

Total
0
Shares
المقال السابق

أصول اللغة العربية: رحلة عبر التاريخ

المقال التالي

تاريخ المرينيين: من البادية إلى الحكم

مقالات مشابهة