نظام المسؤولية عن الأفعال الضارة في القانون المدني الجزائري

استكشاف المسؤولية التقصيرية في القانون المدني الجزائري. تعريف المسؤولية التقصيرية، أنواعها، وأركانها الأساسية من خطأ وضرر وعلاقة سببية.

مقدمة في المسؤولية عن الأفعال الضارة

المسؤولية عن الأفعال الضارة هي الجزاء القانوني الذي يترتب على مخالفة القواعد العامة التي يلتزم بها الجميع، وتؤدي إلى إلحاق الأذى بالآخرين. بمعنى آخر، هي الحالة التي يقوم فيها شخص بفعل غير مشروع يتسبب في ضرر لشخص آخر، مما يستوجب على الفاعل تحمل تبعات فعله وتعويض المتضرر عما لحقه من خسائر.

الإطار القانوني للمسؤولية التقصيرية في الجزائر

وفقًا لما جاء في المادة 124 من القانون المدني الجزائري، يتحمل الشخص مسؤولية أفعاله. تنص هذه المادة على أن “كل عمل أيا كان يرتكبه الشخص، وبخطئه يسبب ضرراً للغير، يلزم من كان سبباً في حدوثه بالتعويض”. يتضح من هذا النص أن أساس المسؤولية يكمن في الخطأ، الذي يجب على الطرف المتضرر إثباته للحصول على التعويض. يتمتع القاضي بسلطة تقدير ما إذا كان الخطأ قد وقع أم لا، إلا أن هذا التقدير يخضع لرقابة المحكمة العليا.

أشكال المسؤولية عن الأفعال الضارة في القانون الجزائري

يحدد القانون المدني الجزائري ثلاثة أنواع رئيسية للمسؤولية عن الأفعال الضارة:

  • المسؤولية عن الفعل الشخصي.
  • المسؤولية عن فعل الغير.
  • المسؤولية الناشئة عن الأشياء.

دعائم المسؤولية عن الأفعال الضارة

تقوم المسؤولية عن الأفعال الضارة على ثلاثة دعائم أساسية:

  1. الخطأ.
  2. الضرر.
  3. العلاقة السببية.

مفهوم الخطأ

يتكون الخطأ في إطار المسؤولية عن الأفعال الضارة من عنصرين:

  1. العنصر المادي (التعدي أو الانحراف): وهو الإخلال بالقواعد العامة التي تمنع إلحاق الضرر بالآخرين، أو الإهمال وعدم اتخاذ الحيطة والحذر. بمعنى آخر، هو تجاوز الشخص للسلوك المعتاد وتجاوز الحدود التي يجب عليه الالتزام بها.
  2. العنصر المعنوي (الإدراك والتمييز): يشترط القانون الجزائري (المادة 125 من القانون المدني الجزائري) أن يكون الخطأ الموجب للمسؤولية مصحوبًا بالإدراك والتمييز. وقد حدد القانون سن التمييز بـ 16 سنة.

حالات انتفاء الخطأ:

تتضمن التشريعات الجزائرية نصوصًا قانونية تحدد الحالات التي تنتفي فيها صفة التعدي، وتشمل:

  • حالة الدفاع الشرعي: كما هو منصوص عليه في المادة 128 من القانون المدني الجزائري.
  • حالة الضرورة: كما هو مبين في المادة 130 من القانون المدني الجزائري.
  • حالة تنفيذ أوامر صادرة من الرئيس: وفقًا للمادة 129 من القانون المدني الجزائري.

تجدر الإشارة إلى أن هذه الحالات المذكورة هي على سبيل المثال لا الحصر، وقد تنتفي صفة الخطأ في ظروف أخرى.

مفهوم الضرر

لا تقوم المسؤولية عن الأفعال الضارة إلا بوقوع ضرر ناتج عن الخطأ المرتكب، وينقسم الضرر إلى نوعين:

  1. الضرر المادي: هو الأذى الذي يصيب الشخص المتضرر في جسمه أو ممتلكاته، ويشترط فيه أن ينتهك حقًا ماليًا للمتضرر وأن يتحقق الضرر فعليًا.
  2. الضرر الأدبي: هو الأذى الذي يلحق بالشخص في حقوقه أو مصالحه غير المالية، مثل الإساءة إلى كرامته أو سمعته أو شرفه، وغيرها من الحقوق. وقد نص القانون الجزائري (المادة 182 مكرر) على ضرورة تعويض الضرر الأدبي.

علاقة الارتباط السببي

تعني وجود صلة مباشرة بين خطأ الشخص المسؤول والضرر الذي لحق بالمتضرر. وقد وردت إشارة واضحة إلى هذه العلاقة في المادة 124 من القانون المدني الجزائري بعبارة “وبخطئه يسبب ضرراً للغير”. مثال: إذا قام شخص بوضع السم لضحية، وقبل أن يسري السم في جسده، قام شخص آخر بقتله طعنًا بالسكين، فإن سبب الوفاة في هذه الحالة هو الطعن وليس السم. وبالتالي، لا توجد علاقة مباشرة بين الخطأ (وضع السم) والضرر (الوفاة).

المراجع

  1. “Tort”, law.cornell
  2. المادة 124، 125، 128، 129، 130، 182 مكرر من القانون المدني الجزائري.
Total
0
Shares
اترك تعليقاً
المقال السابق

المسؤولية عن أفعال الآخرين في القانون المدني

المقال التالي

أسس المسؤولية عن الأضرار في القانون المدني المصري

مقالات مشابهة