فهرس المحتويات
نظام الجباية في عصر الخلفاء الراشدين
يُمكن تتبع أول إشارة إلى مفهوم الجباية من خلال اتفاقيات السلام التي أبرمها خالد بن الوليد -رضي الله عنه- في السنة الثانية عشرة للهجرة مع بعض القرى في منطقة السواد، والتي فُتحت في عهد الخليفة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، وهي المناطق الواقعة في العراق بين الكوفة والبصرة.[١]
أولى الملامح لتأسيس الدولة الاقتصادية فيما يتعلق بالجباية ظهرت في عهد الخليفة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-. ففي عهد أبي بكر الصديق -رضي الله عنه-، كان التعامل مع أهل الذمة يعتمد على المقاسمة في النصف وليس على أساس نقدي. استمر الخلفاء الراشدون على نهج عمر -رضي الله عنه- في المناطق التي تم فتحها، حيث فرضوا الجباية على أهلها لما فيه من مصلحة لبيت مال المسلمين.[٢]
في عهد علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-، كان حريصًا على أن يكون عائد الجباية مخصصًا لأهلها، لتحسين وضعهم الاقتصادي. يُذكر أنه كان يوصي الولاة على المناطق بالتركيز على تنمية الأراضي التي يحكمونها، وتخصيص الأموال لخدمة السكان المحليين.[٣]
أخلاقيات جامعي الضرائب
استخلص فقهاء الشريعة واجبات محددة للإمام استنادًا إلى ما نُقل عن الخلفاء الراشدين من حرصهم الشديد على اختيار جامعي الضرائب، ومراقبتهم لضمان تحقيق العدل بين الناس، وتوفير رواتب كافية لهم. ومن أبرز هذه الأخلاقيات:[٤]
- اللين والرفق بأهل الجباية.
- العدل والإنصاف في جميع التعاملات.
- نزاهة النفس والبعد عن الرشوة.
معايير اختيار جامعي الضرائب
وضع العلماء شروطًا يجب توافرها في جامعي الضرائب، بناءً على ما كان عليه عمال جمع الجزية في عهد الخلفاء الراشدين. هذه الشروط تتضمن:[٤]
- الإسلام.
- الحرية (أن يكون غير مملوك).
- الأمانة والصدق.
- الكفاءة والقدرة على أداء المهمة.
- العلم والفقه بأحكام الشريعة.
مفهوم الجباية لغة واصطلاحًا
الجباية في اللغة:
مشتقة من الفعل (جبى) وتعني الجمع أو التحصيل. الجابي هو الشخص الذي يقوم بجمع المال أو المحصول. وتستخدم الكلمة للإشارة إلى ما يتم جمعه من أموال أو غلال.[٥]
الجباية في الاصطلاح:
هي مبلغ من المال يدفعه الأفراد أو الجماعات سنويًا. كما أنها تُعرف بأنها الضرائب المفروضة على الأراضي أو المنتجات الزراعية مقابل استغلال المزارعين لها. وقيل أيضًا: هي الإتاوة التي تؤخذ من أموال الناس.[٦]
وفي الفقه الإسلامي، للجباية مفهوم خاص يتعلق بالأراضي التي فتحها المسلمون بالقوة، كما في الأراضي الزراعية في الشام ومصر، حيث أصبحت الجباية من أهم مصادر دخل بيت المال.[٧]
أصناف الجباية
للجباية نوعان رئيسيان:
جباية الأراضي
وهي ما يفرض على الأراضي التي تم فتحها من أهل الحرب، وتنقسم إلى نوعين:
- جباية المقاسمة:
تتحقق عندما يفتح الإمام بلدًا عن طريق القهر أو العنوة، ثم يمن على السكان وأراضيهم، ويقاسمهم في محاصيلهم الزراعية وثمارهم بنسب متفق عليها كالنصف أو الثلث أو الربع. وقد فعل ذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.[٨]
- جباية الوظيفة:
تتحقق عندما يفتح الإمام بلدًا عن طريق القهر والعنوة، ثم يمن على السكان وأراضيهم، ويحدد مقدارًا معلومًا من الدراهم أو الدنانير، أو كمية معينة من الطعام، كضريبة على الأراضي. وقد أقر هذا النوع من الجباية عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-.[٨]
جباية الأفراد (الجزية)
هي ضريبة سنوية تُفرض على الرجال البالغين القادرين من غير المسلمين، وتُحسب على حسب ثرواتهم، مع إعفاء الفقراء منها بشكل كامل. ويختلف مقدارها حسب تقدير الإمام. وقد حدد عمر -رضي الله عنه- الجزية بمقدار 48 درهمًا على الأغنياء، و 24 درهمًا على متوسطي الحال، و 12 درهمًا على الطبقة الأقل ثراءً.[٩]
المراجع
- ↑ غيداء كاتبي، الخراج منذ الفتح الإسلامي حتى أوساط القرن الثالث الهجري، صفحة 77. بتصرّف.
- ↑ “الخراج في الفكر الإسلامي”، التراث العلمي العربي، 2013، العدد 2، صفحة 13. بتصرّف.
- ↑ فاطمة عبد القادر، السياسية المالية للإمام علي بن أبي طالب، صفحة 193-194. بتصرّف.
- ↑ مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 78. بتصرّف.
- ↑ ابن منظور، لسان العرب، صفحة 249. بتصرّف.
- ↑ غيداء كاتبي، الخراج منذ الفتح الإسلامي حتى أوساط القرن الثالث الهجري، صفحة 104. بتصرّف.
- ↑ الشافعي، الأم، صفحة 14. بتصرّف.
- ↑ ابن مازة، المحيط البرهاني في الفقه النعماني، صفحة 341. بتصرّف.
- ↑ “الجزية والخراج”، شبكة الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 12/2/2022. بتصرّف.