جدول المحتويات
مقدمة
إن فهمنا الحالي للحركة وقوانينها هو نتاج قرون من البحث والتجربة والتفكير النقدي. من خلال استعراض تاريخي موجز، سنستكشف كيف تطورت أفكارنا حول الحركة، بدءًا من الفلاسفة القدماء وصولًا إلى العلماء المعاصرين. هذا التطور لم يكن مجرد تغيير في المعادلات، بل كان تحولًا جذريًا في نظرتنا إلى الكون ومكاننا فيه. لقد كان لفيزياء أرسطو الحسية تأثير كبير على الفكر، وتنبؤات أينشتاين، وقد تمخض عنها ثلاث ثورات على الأقل.
نظريات الحركة المبكرة
في البداية، كانت تفسيرات الحركة تعتمد على الملاحظة المباشرة والفلسفة. مع مرور الوقت، بدأت تظهر محاولات لوضع نماذج رياضية دقيقة تصف هذه الظواهر. من أبرز التحولات في هذا المجال الانتقال من النظام المركزي الأرضي لأرسطو إلى النظام المركزي الشمسي لكوبرنيك، وتفسير غاليليو ونيوتن للحركات.
نظام أرسطو
لقد قسّم أرسطو (384-322 قبل الميلاد) علم الحركة إلى قسمين: ميكانيكا أرضية وأخرى مثالية (علم الأجرام). كان يعتقد أن الأرض هي المركز الهندسي للكون، وأن وصفه يعتمد بشكل كبير على الحدس. ميز أرسطو بين نوعين من الحركة:
- الحركات الطبيعية: مثل السقوط الحر وحركة الكواكب.
- الحركات العنيفة: مثل حركة القذيفة.
نظام بطليموس
اقترح بطليموس (نحو 140 م) نظامًا لحركة الأجرام يعتمد على فلك التدوير (épicycle)، وهو نموذج معقد يفسر حركة الكواكب بالنسبة للمعلم الأرضي. كان هذا النظام هو السائد لعدة قرون، على الرغم من تعقيده وعدم دقته في تفسير بعض الظواهر.
نظام كوبرنيك
في عام 1543، قدم كوبرنيك (1473-1543 م) فرضية النظام الشمسي المركزي (heliocentric)، الذي يضع الشمس في مركز النظام الشمسي والكواكب تدور حولها. أثار هذا النظام الجديد عدة إشكاليات حول حركة بعض الكواكب، واقترح 48 مسارًا دائريًا لحركة الكواكب.
نظام كبلر
عمل كبلر (1571-1630 م) على تطوير نظام كوبرنيك، وفي عام 1609 نشر قانونين أساسيين:
- ترسم الكواكب مدارات إهليلجية لا دائرية.
- سرعتها ليست ثابتة.
عوض كبلر 48 دائرة بـ 7 إهليجات، ووضع قانونًا يربط بين المسافة بين الكوكب والشمس ودور الحركة. سيتم التطرق لهذا القانون في دروس مقبلة.
نظام غاليليو
اتبع غاليليو (1564-1642 م) نهج كوبرنيك وشكك في المدارات الإهليلجية. قدم غاليليو برهانًا قاطعًا يفند تمامًا نظرية مركزية الأرض، ووضع قانون العطالة، وأوضح أن التسارع ثابت في حقل الجاذبية الأرضية في شرحه للسقوط الحر.
نظام نيوتن
اعتمد نيوتن (1642-1727 م) على نظريات من سبقوه، وتمكن من ربط القوى المطبقة على جسم بتسارعه. قدم قانون الجذب العام وقانون التجاذب الكوني، ونتائجه هي القوانين الثلاثة لنيوتن. تلعب هذه القوانين دوراً محورياً في فهم حركة الأجسام وتفاعلها مع القوى المختلفة.
بعض المفاهيم الأساسية
لفهم حركة الأجسام بشكل كامل، يجب أن نكون على دراية ببعض المفاهيم الأساسية، مثل:
- المرجع: نقطة أو نظام يتم من خلاله قياس الحركة.
- المعلم: نظام إحداثيات يستخدم لتحديد موقع الجسم في الفضاء.
- الزمن: البعد الرابع الذي يصف تغير موقع الجسم مع مرور الوقت.
الإطار المرجعي والمعلم
لدراسة حركة جسم ما، وليكن المتحرك G، نحتاج إلى مرجع تنسب إليه الحركة. ولتحديد مواضع G في الفضاء، نحتاج إلى معلم (O, i, j, k)، وساعة لقياس الزمن.
هناك عدة مراجع، منها:
- المراجع الغاليلية (العطالية).
- المرجع الهليومركزي (الشمسي).
- المرجع الجيومركزي (الأرضي).
- المرجع السطحي الأرضي.
يمكن اعتبار الجملة نقطة مادية إذا كانت أبعادها مهملة أمام المرجع الذي تنسب إليه الحركة.