نزول القرآن الكريم: مراحل وآيات

رحلة نزول الوحي الإلهي، من اللوح المحفوظ إلى قلب النبي محمد ﷺ، ومراحل النزول والحكمة من ذلك.

فهرس المحتويات

الموضوعالرابط
مراحل نزول القرآن الكريممراحل نزول القرآن الكريم
آراء العلماء في مراحل النزولآراء العلماء في مراحل النزول
الحكمة من النزول الأول (جملةً واحدةً)الحكمة من النزول الأول (جملةً واحدةً)
الحكمة من النزول الثاني (مفرقاً)الحكمة من النزول الثاني (مفرقاً)

مسيرة الوحي الإلهي: من اللوح المحفوظ إلى النبي

ينقسم نزول القرآن الكريم إلى مرحلتين أساسيتين: المرحلة الأولى، وهي نزوله من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة في السماء الدنيا، والمرحلة الثانية، وهي نزوله من السماء الدنيا على النبي محمد ﷺ. يُذكر أن النزول الأول كان دفعة واحدة، وذلك في ليلة القدر من شهر رمضان، كما ورد في قوله تعالى: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ) [١]. و يُفهم من لفظ “نزول” عند العرب، ما نزل دفعة واحدة.

فيما يتعلق بالدليل على نزول القرآن دفعة واحدة في ليلة القدر، يكفي الخبر الصحيح الذي يُرجح الظن، ولا يُشترط فيه اليقين المطلق.

اختلاف آراء المفسرين حول مراحل الوحي

تعددت آراء العلماء حول تفاصيل نزول القرآن. نذكر منها:

الرأي الأول: يؤكد هذا الرأي على النزول الأول دفعة واحدة من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا، كما جاء في قوله تعالى: (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) [٦]. أما النزول الثاني، فهو من السماء الدنيا إلى النبي ﷺ مُفرّقاً على مراحل، كما في قوله تعالى: (وَقُرآنًا فَرَقناهُ لِتَقرَأَهُ عَلَى النّاسِ عَلى مُكثٍ وَنَزَّلناهُ تَنزيلًا) [٧]. ويُعزى هذا الرأي إلى ابن عباس رضي الله عنه.

الرأي الثاني: يرى هذا الرأي، الذي ينسب إلى الشعبي ومحمد بن إسحاق، أن القرآن الكريم نزل في ليلة القدر، ثم تواصل نزوله على النبي ﷺ على مراحل.

الرأي الثالث: يذهب الفخر الرازي وابن جريج ومقاتل بن حيان إلى أن النزول كان على مرحلتين متدرجتين، كل منهما على مراحل، الأولى من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة في السماء الدنيا، والثانية من السماء الدنيا إلى النبي ﷺ.

الرأي الرابع: يُشير الماوردي إلى نزول القرآن دفعة واحدة من الله إلى الملائكة الكاتبين، ثم تدرج نزوله إلى جبريل، ثم إلى النبي ﷺ على مراحل. لكن هذا الرأي قوبل بالرفض من بعض العلماء أمثال ابن حجر وابن عربي.

حكمة النزول الأول: إعزاز القرآن ورسوله

اختار الله -عز وجل- أن ينزل القرآن جملة واحدة إلى بيت العزة، تأكيداً على عظمته وقدره، وتكريماً للنبي محمد ﷺ الذي شرفه الله بتنزيله. فهذا النزول يشير إلى مكانة النبي ورسالته السامية، وكأن الله يُعلِن لسكان السماوات عن نزول آخر الكتب السماوية على أشرف الخلق. كما أن نزول القرآن في بيت العزة يُظهر عظمته وإكرامه.

النزول الأول يجمع القرآن الكريم مع الكتب السماوية السابقة في كونه نزل دفعة واحدة، لكنّه يُميزه بنزوله الثاني المفرق، ما يُظهر تفضيل النبي محمد ﷺ على سائر الأنبياء.

حكمة النزول الثاني: تثبيت قلب النبي وتسهيل الفهم

نزّل الله القرآن الكريم على النبي ﷺ مفرقاً لحِكم عديدة، منها تثبيت قلبه وتقويته في مواجهة المشركين، فكل نزول جديد يُجدد العهد ويُسرّ قلبه، ويُظهر إعجاز القرآن في إجابته عن أسئلة المشركين. كما أن النزول المفرق يُسهل الحفظ والفهم، خاصةً لأمة أمية تعتمد على الذاكرة، كما جاء في قوله تعالى: (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ) [١٢].

كما أن النزول المفرق يُواكب الأحداث، فقد كانت الآيات تنزل لتُرشد النبي ﷺ وصحابته وتُبيّن لهم أصول الدين، كآيات التوبة التي نزلت بعد غزوة تبوك. وقد ثبت ذلك في قول عائشة رضي الله عنها : (إنَّما نَزَلَ أوَّلَ ما نَزَلَ منه سُورَةٌ مِنَ المُفَصَّلِ، فِيهَا ذِكْرُ الجَنَّةِ والنَّارِ، حتَّى إذَا ثَابَ النَّاسُ إلى الإسْلَامِ نَزَلَ الحَلَالُ والحَرَامُ، ولو نَزَلَ أوَّلَ شيءٍ: لا تَشْرَبُوا الخَمْرَ، لَقالوا: لا نَدَعُ الخَمْرَ أبَدًا، ولو نَزَلَ: لا تَزْنُوا، لَقالوا: لا نَدَعُ الزِّنَا أبَدًا، لقَدْ نَزَلَ بمَكَّةَ علَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وإنِّي لَجَارِيَةٌ ألْعَبُ: {بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ والسَّاعَةُ أدْهَى وأَمَرُّ}) [١٦].

كما أن نزول القرآن الكريم مفرقا كان وسيلة لتثبيت قلب النبي ﷺ وتقويته، كما في قوله تعالى: (ما نُثَبِّتُ بِهِ فُؤادَكَ) [١٥]. كما أن النزول التدريجي يتناسب مع غاية القرآن في الإصلاح والهداية، التي تتطلب الصبر والتدرج.

المراجع:

  1. سورة البقرة، آية: 185.
  2. سورة القدر، آية: 1.
  3. سورة الإسراء، آية: 106.
  4. سورة البقرة، آية: 185.
  5. سورة الجمعة، آية: 2.
  6. سورة هود، آية: 120.
  7. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 4993، صحيح.
Total
0
Shares
المقال السابق

مكان هبوط إبليس على الأرض: دراسة في الروايات

المقال التالي

مكان نزول الوحي على النبي محمد

مقالات مشابهة