فهم آية “وجعلنا من بين أيديهم سدا”
المحتويات | |
---|---|
نزول الآية الكريمة | |
أهداف سورة يس الشريفة | |
سياق نزول الآية الشريفة | |
تفسير آية “وجعلنا من بين أيديهم سدا” | |
المراجع |
وقت نزول الآية الكريمة
تُعدّ آية (وجعلنا من بين أيديهم سدا) جزءًا من سورة يس، وهي الآية التاسعة في ترتيب الآيات. وقد نزلت سورة يس بعد سورة الجن، وبالتالي فإنّ وقت نزولها يقع بين الهجرة إلى الحبشة وحادثة الإسراء والمعراج. وقد سميت هذه السورة بسورة “يس” نسبة إلى الحرفين اللذين افتتحت بهما، وتتكون من ثلاثة وثمانين آية. [1]
الغاية من سورة يس
يهدف هذا الجزء من القرآن الكريم إلى التأكيد على نبوة النبي محمد ﷺ ورسالته الإلهية، وأهمية هذه الرسالة للبشرية. وتُعدّ السورة بمثابة إنذار شديد من الله عز وجل للعرب الذين لم ينتبهوا لتحذيرات الرسول ﷺ، موضحاً أن العقاب سيحل بهم نتيجة معاصيهم وذنوبهم. [1]
كما تُذكّر السورة الخلق بآيات الله العظيمة ودلائل قدرته، متناسقة مع ما سبقها من سور؛ إذ اختتمت السورة السابقة بوعيد شديد للكافرين. [1]
الظروف المحيطة بنزول الآية
تُروى الروايات أن النبي محمد ﷺ تلا هذه الآية في الليلة التي خرج فيها من مكة المكرمة، في الثلث الأخير من شهر صفر، في العام الثالث عشر من البعثة النبوية. كان المشركون قد دبروا مكيدة للنبي ﷺ حيث أحيط بيته من أجل اغتياله. [2]
وقد أوصى النبي ﷺ ابن عمه علي بن أبي طالب رضي الله عنه بالنوم في فراشه، ليخدعوا المشركين، فخرج النبي ﷺ وهو يتلو الآية الكريمة: (وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ). [2]
وقد أنزل الله عليهم النعاس، فخرج النبي ﷺ من بينهم دون أن يراه أحد. ثمّ التقى بصاحبه أبي بكر، واتجها إلى غار ثور للاختباء لمدة ثلاث ليال، حتى اطمأن النبي ﷺ من عدم مطاردتهم. [2]
يُفسر البعض “وجعلنا من بين أيديهم سدا” بمعنى حجاب وستر منع المشركين من إيذاء النبي ﷺ، و”من خلفهم سدا” بمعنى حائل منعهم من رؤية أصحابه. و”فأغشيناهم” يعني أن الله غطى أبصار المشركين حتى لا يروا النبي ﷺ ويضرّوه. [3]
شرح وتفسير الآية المباركة
يُفسّر البعض الآية بأن الله وضع حجاباً بين هؤلاء المشركين المجرمين وبين الحق، وزيّن لهم قبح أفعالهم، فصاروا لا يهتدون إلى الرشد، ولا يراعون حقوق الله. [4]
يُفسرها آخرون بأن الله وضع حائلاً بينهم وبين الإسلام والإيمان، مما حال دون وصولهم إليه. [4]
وهذا تشبيه بإغلاق الطرق والسبل أمامهم حسيّاً، فلم يصلوا إلى أهدافهم. ال”سد” أمامهم يمنعهم من تطبيق الشرائع في الدنيا، وال”سد” خلفهم يمنعهم من الإيمان بالآخرة. [5]
وهو توبيخ لهم، فهم لا يصدقون، وهذا لأن الله طبع على قلوبهم، ووضع غطاءً على أبصارهم. فمن يرشدهم بعد الله؟ وذلك لأنهم مالوا بعقولهم عن الحق. [5]
وتوجد تفسيرات أخرى: قال قتادة: “يعني ضلالاً وانحرافاً”، وقال مجاهد: “حاجزاً عن الحق والنور المبين”، وقال السدي: “ظلام حالك حال بين قريش وبين النبي ﷺ عندما تآمروا على اغتياله”. [6]
أما قوله تعالى: (فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ) فيحتمل معنيين: أولاً: أغشاهم بظلام الشرك والكفر، ثانياً: أغشاهم بظلام الليل حالهم عن رؤية النبي ﷺ حين تآمروا عليه. [6]