فهم سياق آية “محمد رسول الله والذين معه”
تتناول هذه المقالة سياق نزول آية (محمد رسول الله والذين معه)، معنى الآية المباركة، والفوائد المستفادة منها، إضافة إلى التفصيل حول سياق نزول سورة الفتح التي تتضمن هذه الآية.
رواية عمر بن الخطاب حول نزول سورة الفتح
روى عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قائلاً: “كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في سَفَرٍ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ شَيْءٍ -ثَلَاثَ مَرَّاتٍ- فلم يَرُدَّ عَلَيَّ، فَقُلْتُ لِنَفْسِي: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يا ابن الْخَطَّابِ، نَزَرْتَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثَلَاثٌ مَرَّاتٍ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْكَ؟”.[١] ثم أضاف: “فَرَكِبْتُ رَاحِلَتِي فَتَقَدَّمْتُ مَخَافَةَ أَنْ يَكُونَ نَزَلَ فِيَّ شَيْءٌ، فَإِذَا أَنَا بِمُنَادٍ يُنَادِي: يَا عُمَرُ، أَيْنَ عُمَرُ؟ فَرَجَعْتُ وَأَنَا أَظُنُّ أَنَّهُ نَزَلَ فِيَّ شَيْءٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:(نَزَلَتْ عَلَيَّ اللَّيْلَةَ سُورَةٌ هِيَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا: “إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا* لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ”).[١]
خلفية نزول سورة الفتح
اتفق معظم المفسرين على نزول سورة الفتح في السنة السادسة للهجرة، خلال عمرة الرسول ﷺ والصحابة. حيث منعت قريش الرسول من أداء العمرة، وتم التفاوض بين الطرفين، مُفضياً إلى صلحٍ اشتمل على شروطٍ قاسيةٍ قبلها الرسول بوحيٍ إلهي. أثّر هذا الصلح على بعض الصحابة، فأنزل الله سورة الفتح لتثبيت قلوبهم، مبشّرةً بفتحٍ قريب. وقد تحقق هذا الوعد بعد سنتين بفتح مكة المكرمة.
تفسير آية (محمد رسول الله والذين معه)
تُبرز هذه الآية الكريمة من سورة الفتح خصائص النبي ﷺ وصحابته الكرام، معلنةً عن فضلهم ونصرتهم من الله. فهي تصفهم بأنهم أشدّاء على الكفار، رحماء بينهم، مُجسّدين أسمى معاني التقوى والخشوع في عبادتهم وركونهم وسجودهم. ويُضرب مثالٌ جميل بشبّههم بنباتٍ قويٍّ متماسكٍ يساند بعضه بعضاً، مُمثّلاً قوتهم وتعاونهم في نصرة الدين وإعلاء كلمته. وتختم الآية ببشائر المغفرة والأجر العظيم لمن آمن وعمل صالحاً.
قال الله -تعالى-:(مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّـهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمً).[٤]
الدروس المستفادة من الآية
تُبرز هذه الآية عظمة منزلة الصحابة الكرام، وحسن خلقهم، ومحبتهم للرسول ﷺ، وتُبيّن أهمية الصفات المذكورة في الآية كالشدة على الكفار والرحمة بين المسلمين والخشوع في العِبادة للحصول على النصر من الله وتحقيق الأهداف السامية. كما تُشدّد على ضرورة اتباع هَدْي النبي ﷺ وصحابته في حياتنا.
المراجع
الكتاب | الصفحة | المعلومات الإضافية |
---|---|---|
المسند للإمام أحمد بن حنبل | 83026 | حديث عمر بن الخطاب |
تفسير ابن كثير | 325، جزء 7 | شرح سورة الفتح |
التفسير الواضح | 477 | شرح آية (محمد رسول الله والذين معه) |
تفسير الطبري | 261، جزء 1 | شرح آية (محمد رسول الله والذين معه) |
تفسير السعدي | 795، جزء 1 | شرح آية (محمد رسول الله والذين معه) |