حدث بني النضير ونزول الآية
تُرجع كتب التفسير نزول آية “ما قطعتم من لينة” إلى أحداث حصار النبي صلى الله عليه وسلم لقلعة بني النضير. خلال هذا الحصار، قام بعض المسلمين بقطع بعض نخيل اليهود، تاركين بعضها الآخر. تختلف الروايات حول عدد النخلات المقطوعة، إذ تذكر بعضها ست نخلات، بينما تشير أخرى إلى نخلتين فقط.
يُرجّح العديد من المفسرين أن هذا الفعل تم بإذن النبي صلى الله عليه وسلم، أو ربما بأمره. فقد روى الإمام مسلم في صحيحه عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قوله: (أنَّ رَسولَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ- قَطَعَ نَخْلَ بَنِي النَّضِيرِ، وَحَرَّقَ). وهذا الحديث يُبرز إمكانية تخريب ديار العدو وقطع أشجاره في سياق حربٍ شرعية، إذا اقتضت الضرورة ذلك.
فهم آية “ما قطعتم من لينة”
“اللينة” في الآية تشير إلى النخلة المثمرة، وهي ليست تسمية شاملة لجميع أنواع النخيل. وتوضح الآية أن قطع بعض النخل وترك البعض الآخر كان بإذن الله سبحانه وتعالى، إما بإذن النبي صلى الله عليه وسلم الذي يُعتبر إذناً إلهياً، أو برضا الله عن هذا الفعل.
الغاية من قطع النخيل كانت إخضاع اليهود وإلقاء الرعب في قلوبهم، وإذلالهم بإتلاف جزء من ثرواتهم. أما النخيل المتبقية، فقد كانت مصدراً إضافياً للحسرة والخزي عليهم، لأنهم سيتركونها لأعدائهم بعد هزيمتهم وطردهم من ديارهم. حتى إقدامهم على تخريب منازلهم بأنفسهم قبل مغادرتهم يُفسّر على أنه نوع من التعذيب النفسي.
سورة الحشر وأحداث بني النضير
تقع الآية الكريمة ضمن سورة الحشر، وهي سورة مدنية تتناول حدث إخراج النبي صلى الله عليه وسلم ليهود بني النضير من المدينة المنورة، بعد نقضهم العهد وغدرهم. وقد تآمروا لقتله صلى الله عليه وسلم، وذلك بعد خلاف حول دية قتيلين قتلهما مسلم خطأً.
حاصر النبي صلى الله عليه وسلم بني النضير لمدة تزيد على عشرين ليلة، وكانت حصونهم قوية. لكن الله سبحانه وتعالى ألقى الرعب في قلوبهم، فاستسلموا وأخذ المسلمون ديارهم وأموالهم بعد خروجهم.
المصادر
الرجوع إلى تفاسير ابن عاشور والزحيلي والطنطاوي للحصول على مزيد من التفاصيل حول هذه الآية الكريمة وسياقها التاريخي.
