فهرس المحتويات
القاسم، البكر من أبناء النبي ﷺ
يُعتبر القاسم، أول أبناء النبي محمد ﷺ، أكبر أبنائه، كما يدل على ذلك قول النبي ﷺ نفسه: «أنا أبو القاسم، الله يعطي وأنا أقسم» [١][٢]. وُلد القاسم قبل البعثة النبوية، وتوفّي صغيراً وهو رضيع لم يُكمل فطامه. وقد حزنت أمه خديجة رضي الله عنها عليه حزناً بالغاً. في ذلك الزمن، كان العرب يُفضّلون المواليد الذكور على الإناث، سعيًا لاستمرارية النسب والشعور بالقوة والأمن. لكن الإسلام جاء مُلغياً هذه التفرقة، مُؤكداً أن الرزاق هو الله سبحانه وتعالى [٣][٤].
يُذكر أن زبير بن العوام قال أن القاسم هو أكبر أبناء النبي ﷺ، وقد وُلد ومات في مكة المكرمة. أما أبو نعيم، فلم يُشر إليه في سياق الصحابة، بل ضمن أولاد الرسول، مُشيراً إلى أنه أول من توفى من أبناء النبي ﷺ في مكة. وقد نقل ابن كثير رحمه الله نفس الرواية. اختلفت الروايات حول عمر القاسم عند وفاته، فقال مجاهد أنه توفّي بعمر سبعة أيام، بينما قال الزهري أنه توفّي بعمر سنتين. وذُكرت روايات أخرى تُشير إلى وفاته بعد أن أصبح قادراً على المشي أو ركوب الدابة. ومما يؤكد وفاته بعد البعثة النبوية، قول عمرو بن العاص بعد وفاته أن النبي ﷺ أصبح أبتراً، فنزلت سورة الكوثر [٥][٦].
زينب، الكبرى من بنات النبي ﷺ
زينب بنت النبي ﷺ، هي الابنة الكبرى. تزوّجت قبل البعثة من ابن خالتها، أبي العاص بن الربيع، وأنجبت له عليّاً وأمامة. وقد تزوجت أمامة فيما بعد علي بن أبي طالب رضي الله عنه بعد وفاة فاطمة الزهراء رضي الله عنها [٧].
كانت زينب تُلقي أبي العاص نظرها كلما زار بيت خالتها خديجة رضي الله عنها، وقد أحبته، فخطبها ووافق النبي ﷺ على زواجها لأن أبا العاص كان ذا حسبٍ ونسبٍ طيب، وكان ذلك قبل البعثة. وفي أحد أيام تجارته لقريش، عاد أبو العاص ليجد زوجته قد أسلمت. عندها، ذهب إلى دار الندوة وعاد ليلاً ليُخبر زوجته أنه دعى والدها للإسلام فرفض، مُبرراً موقفه بأنه لا يريد أن يُقال إن زوجته خذلت قومها وكفرت بدين آبائها مرضاة لزوجها.
بعد اشتداد أذى المشركين للنبي ﷺ وأصحابه، هاجر أبو العاص إلى المدينة المنورة، بينما بقيت زينب في مكة مع زوجها، لأنه لم يكن هناك ما يُوجب في الإسلام التفريق بين المسلمة والكافر آنذاك. وعندما سمعت زينب باقتراب حربٍ بين المسلمين وقريش، حيث كان عدد مقاتلي قريش ألفاً، بينما كان عدد المسلمين مائة أو مئتين أو ثلاثمائة، حزنت خوفاً على زوجها ووالدها [٨].
بعد سماعها ذلك الخبر، احتضنت ولديها وبكت خوفاً على حياتهم. وبقيت على حزنها حتى وصلها خبر أسْر زوجها. أرسلت زينب مع أخيه بقلادة أهدتها لها خديجة رضي الله عنها يوم زفافها فديةً لزوجها، بعد وصية النبي ﷺ للصحابة بالاستوصاء بالأسرى. حزن النبي ﷺ عندما رأى القلادة قائلاً إنها قلادة الحبيبة التي أرسلتها بنت النبي ﷺ لأبيها فديةً لزوجها. فأمر بإطلاق سراح أبي العاص وإعادة ما معه من مال [٨].
عاد أبو العاص إلى مكة، لكن زينب علمت أن الإسلام قد فرق بينها وبين زوجها، وأن النبي ﷺ وعد بإعادتها إليه. وقد خرجت مع كنانة من مكة وهي حامل في شهرها الرابع، إلا أن قريش لحقوها، وقد أسقطت زينب جنينها في تلك الحادثة. وبعد ذلك، عادت زينب إلى المدينة، ثم جاء زوجها بعد ست سنوات ليُخبرها أنه هرب من سرية للنبي ﷺ، فأخبرت النبي ﷺ الذي أمر بعدم إيذائه وأمر بإعادة ما كان معه من مال [٨].
بعدها، عاد أبو العاص إلى مكة وأعاد أموال قريش، وأعلن إسلامه علانيةً، وهاجر إلى المدينة في السنة السابعة للهجرة. وأخبره النبي ﷺ أن الإسلام يُكفّر ما كان قبله. وقد ردّ النبي ﷺ زوجته زينب إليه، إلا أن زينب توفيت بعد عام واحد مُتأثرةً بما أصابها في الصحراء، حزناً شديداً على فقدانها جنينها. وقد توفي أبو العاص في خلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه [٨].
ذرية النبي الكريم وحياته الأسرية
تزوج النبي ﷺ خديجة بنت خويلد رضي الله عنها وهو في الخامسة والعشرين من عمره، وقد أنجبت له جميع أولاده إلا إبراهيم، الذي أنجبته مارية القبطية رضي الله عنها في السنة الثامنة للهجرة. وقد أنجبت خديجة القاسم، وعبد الله، وزينب، ورُقية، وأم كلثوم، وفاطمة رضي الله عنهم أجمعين [٩][١٠]. وقد رزق الله ﷻ نبيه بالأولاد لتكميل فطرته الإنسانية وحاجاته، وشاء الله أن يموت أبناؤه الذكور صغاراً ابتلاءً له، ولإبعاد فتنة الناس بادعاء النبوة لهم بعده، ومواساةً لمن يموت له أطفال صغار أو لا يُرزق بالأطفال [٩][١٠].