نبذة عن حياة الأديب أبو القاسم الشابي

تعرف على حياة الشاعر التونسي أبو القاسم الشابي، مراحل تعليمه، مسيرته الأدبية، وأهم مؤلفاته.

لمحة عن حياة الشاعر

أبو القاسم الشابي، قامة شعرية شامخة، وُلِد في الرابع والعشرين من شهر فبراير عام 1909 في تونس، وبالتحديد في قرية الشابة التابعة لولاية توزر في الجنوب التونسي. هو نجل الشيخ والقاضي محمد بن القاسم الشابي، خريج الأزهر الشريف، والذي درس في جامع الزيتونة لمدة عامين قبل أن يصبح قاضياً شرعياً. نشأ الشابي في كنف أسرة مثقفة ومتدينة، ويُعتبر من أبرز أبناء القرن العشرين الذين عايشوا فترة ما بين الحربين العالميتين.

رافق والده منذ نعومة أظفاره في تنقلاته ورحلاته بين المدن التونسية المختلفة، مما أكسبه معرفة واسعة بالعديد من مناطق البلاد. رحل الشابي عن عالمنا في التاسع من شهر أكتوبر عام 1934، بعد معاناة مع مرض تضخم القلب الذي أصابه وهو في ريعان شبابه، عن عمر يناهز 25 عاماً. كانت وفاته في العاصمة تونس، في مستشفى الحبيب ثامر (المستشفى الإيطالي سابقاً).

تكوينه العلمي و تحصيله الدراسي

تلقى أبو القاسم الشابي تعليمه الابتدائي في مدينة قابس في الجنوب التونسي، حيث كانت الدراسة باللغة العربية. أظهر نبوغاً مبكراً بحفظه للقرآن الكريم كاملاً وهو في سن التاسعة، بفضل ذاكرته القوية. بعد إتمامه حفظ القرآن، تلقى دروساً في أصول اللغة العربية وأصول الدين على يد والده.

في عام 1920، عندما بلغ الثانية عشرة من عمره، أرسله والده إلى العاصمة التونسية لإكمال تعليمه في جامع الزيتونة. لم يكتفِ الشابي بالتعليم الذي كان يتلقاه في الجامع، بل كان ينهل من المعرفة من خلال القراءة والمطالعة المستمرة، فقرأ الأدب العربي القديم والحديث، واهتم أيضاً بالأدب الأوروبي بالاعتماد على بعض الترجمات. كان يرتاد مكتبتي الصادقية والخلدونية بحثاً عن المعرفة.

في عام 1928، حصل أبو القاسم الشابي على أعلى شهادة تمنحها الكلية الزيتونية، وهي شهادة ختم الدروس الثانوية المعروفة بشهادة التطويع. ثم التحق بمدرسة الحقوق التونسية وتخرج منها في عام 1930. خلال فترة دراسته في العاصمة، حرص على حضور المنتديات الفكرية والمجالس الأدبية، وأصبح عضواً في النادي الأدبي بقدماء الصادقية، مما ساهم في إبراز موهبته في كتابة القصائد وإلقاء المحاضرات التي تعبر عن رغبته في التجديد وتجاوز المألوف، الأمر الذي عرضه لانتقادات من قبل المحافظين. كما أقبل على قراءة التراث العربي، ومن الكتب التي قرأها كتاب الأغاني، وصبح الأعشى، والثل السائر، ونفح الطيب، وكتاب الكامل والعمدة، بالإضافة إلى دواوين الشعر العربي، ومن أبرزها ديوان أبي العلاء المعري، وديوان الرومي، وديوان ابن الفارض.

بداياته الأدبية و بصماته في الشعر

اعتمد أبو القاسم الشابي في تكوينه الأدبي على اللغة العربية بشكل أساسي، مع انفتاحه على ثقافات أخرى من خلال مطالعته للأدب الأوروبي والأمريكي. بدأت مسيرته الأدبية بإلقاء محاضرته الأولى في مكتبة الخلدونية في شهر فبراير عام 1929، والتي كان موضوعها حول الخيال الشعري عند العرب، حيث استعرض إنتاج العرب من الشعر في مختلف البلدان على مر الزمان. بعد هذه المحاضرة، أصبح الشابي كاتباً في مجلس جمعية الشباب المسلمين التي كانت قد تأسست حديثاً.

كان أبو القاسم الشابي من الشعراء الذين دعوا إلى التجديد وتغيير المألوف، مما عرضه لانتقادات واسعة. نادى بتحرير الشعر من قيوده القديمة وشكله النمطي، ورغب في الاقتداء بأعلام الغرب في جوانب الفكر والخيال. وجه انتقاداً صريحاً في محاضرته لأصحاب العقلية الجامدة في الثقافة والسياسة، وركز على من يرفض فكرة الانفتاح وتطوير الشعر والأدب. أدت هذه الانتقادات إلى دعوات لمقاطعته من قبل المحافظين، مما أثر فيه سلباً بالرغم من شهرته الواسعة. كان الشابي من شعراء مدرسة أبولو في القاهرة، ونشرت مجلة أبولو قصائد له في عام 1933، مما ساهم في شهرته في الأوساط الأدبية في الشرق العربي.

أشهر مؤلفاته و إنتاجاته الأدبية

ترك أبو القاسم الشابي إرثاً أدبياً هاماً، من أبرز مؤلفاته ديوان أغاني الحياة، وكتاب الخيال الشعري عند العرب. كتب الشابي العديد من القصائد في مجالات متنوعة، سواء الوطنية أو الفنية وغيرها. تجسد حزنه في شعره بشكل واضح بعد رحيل محبوبته ووفاة والده.

في قصيدته “نشيد الجبار”، أظهر الشابي تحديه للمرض الذي ألم به، بالإضافة إلى تحديه لمن كاد له أو عاداه أو اتهمه، أو من وصف شعره بأنه سلبي، قائلاً:

سَـأعــيشُ رَغمَ الــــدَّاءِ والأعـــداءِ
كالــنِّســـر فوقَ الــقـمَّــة الـــشـمّـاءِ
أرنو إلى الــشَّــمــس الــمـضــيـئــة هازئاً،
بالسُّحبِ والأمطارِ والأنواءِ
لا أرمقُ الظـلَّ الـــكئيــبَ ولا أرى
مـــا فـي قـرارة الــهــوّة الــسـوداء
وأقــول للـــقـدرِ الــذي لا يـنـثـنــي
عن حـربِ آمـالـي بـكـلِّ بــلائـــي:
لا يُطفئ اللــهب المـُـؤجَّج في دَمي
موجُ الأسى، وعـواصــفُ الأرزاء
فاهـدم فـؤادي ما اســتطـعـتَ، فإنَّهُ
سيـكـون مـثـل الـصَّـخرة الـصَّمـاء
لا يعرفُ الشكوى الـذَّليـلـة والبُـكـا
وضَـراعــة الأطـفـالِ والـضُّعــفـاء
ويعـيشُ جــبـَّــاراً يُــحــدِّقُ دائمـــاً
بالفَجــرِ..، بالفجرِ الــجميـل النَّائي

تنوعت عناوين قصائد الشابي، ومنها “النبي المجهول”، و”فلسفة الثعبان المقدس”، و”إلى الشعب”، و”إلى طغاة العالم”، حيث تحمل كل قصيدة مناسبتها وأسلوبها المتميز والأفكار التي أراد إيصالها.

لمشاهدة المزيد

لمعرفة المزيد عن حياة هذا الشاعر، يمكنكم مشاهدة الفيديو التالي:


(رابط الفيديو سيكون هنا)

المراجع و المصادر

Total
0
Shares
اترك تعليقاً
المقال السابق

الشارع المغاربي (جريدة رقمية مستقلة)

المقال التالي

أبو فراس الحمداني: تحليل قصيدة أماه

مقالات مشابهة