لمحة عن تاريخ المدينة
تتميز مدينة طنجة بتاريخ عريق ومليء بالأحداث، حيث شهدت فترات غزو واحتلال متعددة. يعود ذلك إلى موقعها المتميز عند مدخل البحر الأبيض المتوسط وقربها من القارة الأوروبية، مما جعلها مركزًا تجاريًا هامًا وملتقى للحضارات المختلفة عبر العصور.
بسبب الأهمية الاستراتيجية والتجارية للمدينة، استقر فيها العديد من الشعوب والحضارات، مثل الإغريق والفينيقيين والرومان والوندال والبونيقيين وغيرهم. نتيجة لذلك، تزخر أراضي طنجة بالآثار والمواقع التاريخية التي تشهد على وجود هذه الحضارات.
يعود أصل تسمية المدينة إلى الحقبة الرومانية، حيث أطلق عليها اسم تينجي نسبة إلى الآلهة تينجي، حبيبة هرقل، التي يُعتقد أنها فصلت أوروبا عن إفريقيا، مما أدى إلى تكوين مضيق جبل طارق. في تلك الفترة، كانت طنجة عاصمة لمقاطعة موريتانيا الطنجية.
نيل الاستقلال
في عام 711 ميلادي، وصل الفتح الإسلامي إلى المدينة بقيادة القائد طارق بن زياد، وكانت طنجة نقطة انطلاق طارق بن زياد لفتح الأندلس. كما ذكر سابقًا، تعرضت طنجة لغزوات عديدة من قبل الدول الأوروبية مثل البرتغال وإسبانيا وبريطانيا، مما أدى إلى تدمير العديد من معالم المدينة.
بفضل جهود السلطان إسماعيل بن علي الشريف والسلطان سيدي محمد بن عبد الله، تم تحرير المدينة من الاستعمار الغربي. استمرت طنجة والمغرب عمومًا مطمعًا للدول الأوروبية حتى بعد الحرب العالمية الثانية، حيث كان المغرب خاضعًا للاحتلال الفرنسي والإسباني. نتيجة لهذه الأطماع، وحتى لا تستفرد بها إحدى دول الاستعمار، تقرر منحها وضعًا دوليًا.
بعد حصول المغرب على الاستقلال، تم إنشاء منطقة حرة في مدينة طنجة لتشجيع الاستثمار وتجنب هروب رؤوس الأموال الأجنبية من المدينة.
أبرز المعالم في طنجة
تضم مدينة طنجة مجموعة كبيرة من المعالم السياحية والثقافية والتاريخية المميزة التي تعود إلى عصور مختلفة، وتعكس الحضارات والتاريخ العريق الذي مرت به المدينة.
متحف القصبة لثقافات البحر الأبيض المتوسط
يقع المتحف في قصر دار المخزن، وهو قصر الحكم سابقًا، ويركز على تاريخ المدينة من عصور ما قبل التاريخ حتى القرن التاسع عشر. تُعرض محتويات المتحف باللغتين العربية والفرنسية. من بين المعروضات المميزة فسيفساء كوكب الزهرة من مدينة وليلي، والتماثيل، بالإضافة إلى خرائط ضخمة.
الخريطة الأولى توضح طرق التجارة من تجارة المعادن الفينيقية إلى السلع الإلكترونية في القرن الحادي والعشرين، أما الثانية فهي خريطة رائعة للعالم المعروف صنعت في طنجة عام 1154.
متحف الانتداب الأمريكي في طنجة
يقع المتحف في قصر أنيق يتكون من خمسة طوابق، ويعد المعلم التاريخي الوطني الأمريكي الوحيد على أرض أجنبية، وأول الممتلكات العقارية الأمريكية في الخارج. من بين المعروضات المميزة سجادة مغربية من نجوم وخطوط، ولوحات تمثل لمحات من ماضي طنجة من خلال عيون فنانيها، مثل لوحة الاسكتلندي جيمس ماكبي لخادمته زهرة، التي أطلق عليها اسم الموناليزا المغربية.
كما يضم رسالة تعود لعام 1839 من قنصل أمريكي سيئ الحظ مُنح أسدين كهدية دبلوماسية، بالإضافة إلى مكتبة صغيرة وجناح خاص بالمؤلف بول بولز.
كنيسة القديس أندرو
بُنيت كنيسة القديس أندرو على أرض منحها السلطان حسن، واكتمل بناؤها عام 1894. تُعد من أكثر المعالم سحرًا في المدينة، وتتميز الكنيسة الإنجليكانية بتصميمها الداخلي المزخرف بالأسلوب الفاسي.
فوق المذبح توجد الصلاة الربانية باللغة العربية، وهناك اقتباسات منحوتة من القرآن، وخلف المذبح يوجد شق يشير إلى اتجاه الكعبة.
المدينة القديمة
هي عبارة عن متاهة من الأزقة التجارية والسكنية، وتعتبر من المعالم السياحية الهامة في طنجة. المدينة محاطة بجدران قلعة برتغالية تعود إلى القرن الخامس عشر.
مغارة هرقل
تم اكتشاف مغارة هرقل في عام 1906، ووفقًا لبعض المصادر التاريخية، فإنها تعود إلى العصر الإغريقي. تُعد مغارة هرقل من أكبر المغارات في إفريقيا، حيث تمتد لحوالي 30 كيلومترًا داخل الجبل، وتعتبر من المعالم الشهيرة في المدينة، وتطل على المحيط الأطلسي بالقرب من جبل طارق.