نافذة على المعرفة: أهمية السعي وراء العلم

العلم هو جوهر الحقيقة، وميراث الأنبياء. التعلم يتطلب الحذر والاجتهاد، والأخلاق الحميدة هي زينة المتعلم. اكتشف أهمية العلم وكيفية تحصيله.

جوهر المعرفة

المعرفة هي تجميع للحقائق، والمفاهيم، والقواعد التي تنبثق من فهم وتفسير الظواهر التي يواجهها الإنسان. إنها وسيلة ومنهج بحثي يساعد الباحث على فهم أسباب هذه الظواهر، من خلال البحث وجمع الملاحظات، وصياغة الفرضيات، وتفسيرها للوصول إلى نتائج علمية. إنها مزيج من المعرفة والمنهج العلمي الذي يوجهنا نحو هذه المعرفة.

في هذا السياق، فإن السعي وراء المعرفة يؤدي إلى التنوير. يُنصح الطالب بأن يتعلم بتأن وتدريج. يُقال: “من رام العِلم جملةً، ذهب عنه جملةً”. أما عن كيفية طلب العلم وتلقيه، فيكون بحفظ المختصرات العلمية، وأخذ العلم من مصادره الموثوقة، وتجنب الانشغال بالعلوم التي لم يعرف مصدرها أو لم يتم عليها أي تعديل ضروري.

كما يجب تجنب الانتقال من فكرة إلى أخرى دون فائدة؛ مما يدل على الملل والضجر. يساعد العلم على التركيز على الفوائد والتفاصيل الدقيقة، وتشجيع النفس وتصبيرها على طلب العلم، والاهتمام بتوثيقه وتحصيله.

هناك طريقتان لطلب العلم، حسب قدرة الأفراد: إما بتلقي العلم على يد شيوخ ثقات ودراسة العلوم عليهم (إذا تيسر ذلك)، أو التعلم عن طريق السؤال عن الأمور التي لا يصح الإيمان إلا بها.

إرث الأنبياء

العلم هو ميراث الأنبياء للعلماء، وهو باقٍ إلى يوم الدين، وذكر أهل العلم باقٍ إلى يوم القيامة. قال الخطيب: أنشدني أبو يعلى بن الفراء، أنشدنا عيسى بن علي لنفسه:

ربَّ ميت قد صار بالعلم حيًّا
ومُبقى قد حاز جهلاً وغيًّا
فاقتنوا العلم كي تنالوا خلودًا
لا تعدُّوا الحياة في الجهلِ شيًّا

العلم نور يستضيء به صاحبه. يوصي السلف الصالح بالعلم ويرغبون فيه، وهو أنيس لصاحبه في وحدته. صاحب العلم قوي بالحق ويدعو إليه، وأهل العلم هم الأكثر التزامًا بأوامر الله تعالى واجتناب نواهيه. العلم والتعلم يجلبان الخير الكثير للناس، وهو الدرب الصحيح الذي يرفع الله به العلماء وأهل العلم إلى أعلى الدرجات في الدنيا والآخرة.

التأني في التعلم

يجب على طالب العلم أن يحذر من أحلام اليقظة، كأن يدعي إتقانه ومعرفته بأمور لا يعلمها، ويحرم نفسه من الاستزادة من العلم ظنًا منه أنه قد تعلم كل شيء. العلم ثلاثة أقسام: من تعلم أوله، تكبر، ومن تعلم الثاني، تواضع، أما من تعلم الثالث، فقد علم أنه لم يتعلم من العلم شيئًا. كما عليه الحذر من التسرع في الإجابة عن بعض الأسئلة والمناقشات دون أن يكون مؤهلاً لذلك.

من الخطأ استخدام العلم كوسيلة لإظهار النفس والشهرة في مجالس العلم والعلماء، أو تأليف الكتب الخالية من الفائدة والإبداع، أو إظهار الفرح والسرور عند اكتشاف خطأ لأحد العلماء وتصحيحه لهذا الخطأ، فمن الطبيعي أن يخطئ العلماء أيضًا في بعض الأحيان، وإثارة الشبهات حول النفس أو حول الآخرين.

يجب الحذر من اللحن عند قراءة الألفاظ والكتب، والتكلم عن الأفكار وإظهارها قبل إتمامها فكريًا أو عمليًا، وتجنب الجدال العقيم والنقاشات التي لا فائدة منها والتي قد تؤدي إلى الخصام بين طلاب العلم.

سمات طالب العلم

على طالب العلم أن يتحلى بالهمة العالية في طلب العلم، وبذل الجهد في سبيله مهما بلغ من علم ومكانة علمية، وحفظ العلم وتقييده بالكتابة والتدوين لحفظه من الضياع والتحريف، ومراجعة طالب العلم لحفظه من وقت لآخر، واللجوء إلى الله تعالى والدعاء بأن يسهل عليه حفظه وتعلمه، والتحلي بالأمانة العلمية عند طلب العلم وتعليمه ونقله.

بالإضافة إلى الالتزام بقول “لا أدري” حينما تواجهه مسائل لا يعرفها؛ حيث إن “لا أدري” في هذه الحالة تعد نصف العلم. كما تلعب إدارة الوقت وتنظيمه واغتنامه والحفاظ عليه من الضياع دورًا مهمًا في تحقيق الهدف المنشود من العلم، وأخذ العلم من مصادره الموثوقة؛ وذلك لتجنب المعلومات المغلوطة والمحرفة.

اختيار الأسئلة الجيدة وإلقاؤها على المعلم، وحسن الاستماع إلى الإجابة، والمشاركة في المناظرات العلمية المفيدة، والمداومة على القراءة والمذاكرة والمطالعة لما لها من فائدة في شحذ الهمة للتعلم وتقوية الذاكرة، يسهم في الرقي بطلب العلم. إن إخلاص النية لله تعالى في طلب العلم، وإخلاص النية من التعلم في رفع الجهل عن نفسه وعن الآخرين، من شأنه تحصيل المكانة العلمية المرموقة.

يجب التحلي برحابة الصدر عند اختلاف الآراء، وتقبل آراء الآخرين، والصبر والحكمة عند طلب العلم، واحترام المعلمين والزملاء، والاهتمام بالعلم والعبادة على حد سواء، والتواضع، والتحلي بالأخلاق الحسنة، والابتعاد عن الخيانة وإفشاء السر والفتنة ونقل الكلام من شخص إلى آخر والتطاول باللسان على الآخرين والإكثار من المزاح الذي يذهب من هيبة ووقار طالب العلم والتدخل في الآخرين وحديثهم.

Total
0
Shares
اترك تعليقاً
المقال السابق

أهمية تقوية الروابط العائلية: نظرة شاملة

المقال التالي

عبد الحميد بن باديس: رائد النهضة الجزائرية

مقالات مشابهة