مقدمة: المعرفة نور
لا شك أن للكتاب قيمة جوهرية في نسيج حياتنا اليومية. إنه البوابة الأولى التي يعبر من خلالها الإنسان إلى ينابيع المعرفة الغزيرة، ليكتشف آفاقًا وميادينَ لا حدود لها. إنه كنز دفين لا يُقدر بثمن، يساهم بشكل فعال في إثراء العقل، وتنمية الطاقات الذهنية والمعرفية في مختلف المجالات. يمنح الكتاب صاحبه القدرة على مواجهة تحديات الحياة وعقباتها، من خلال إيجاد حلول ناجعة للمشكلات التي تعترض طريقه، فيصبح خير أنيس في أوقات الوحدة والضيق.
الكتاب: مغامرة في أكوان المعرفة
يعتبر الكتاب أحد أهم مصادر المعرفة على الإطلاق، فهو الركيزة الأساسية التي تقوم عليها الحضارات، ويسهم بشكل كبير في صقل الشخصية. إنه دليل شامل لمختلف أنواع المعارف والعلوم، وعليه تتوقف سعادة الفرد وتقدم المجتمعات. إنه تجسيد لإبداع المبدعين وتنافسهم في شتى ميادين العلم والمعرفة.
الكتاب بمثابة رحلة استكشافية في عوالم متنوعة، ووسيلة فعالة لتحصيل العلم والمعرفة والثقافة. إنه بحر واسع من العلوم والمعارف التي يحتاجها الإنسان لتكوين خبراته ومداركه حول مختلف جوانب الحياة. فمن خلال القراءة، ينتقل القارئ من عالم إلى آخر، ومن حقل إلى حقل آخر. ينتقل من حقل الأدب إلى حقل الدين، ومن حقل الدين إلى الحقول الاجتماعية، ومن حقل الطب إلى الحقل الاجتماعي، وهكذا، ينهل العلم دون عناء وجهد كبير، فقط وهو جالس يقرأ ويتأمل.
تحوي الكتب بين طياتها العديد من المعارف، والرؤى، والدروس الحياتية المختلفة. فكلما زادت قراءتك، اتسعت مداركك، وتفتحت آفاقك، وتشكلت أفكارك، وخطرت ببالك الكثير من الأشياء الجديدة التي لم تكن قد فكرت بها سابقًا، وتغيرت نظرتك إلى الحياة، وتفتح عقلك. حقًا، لا شيء يثري العقل ويوسعه أكثر من قراءة الكتب.
فوائد الكتاب جمة ولا تحصى، منها الفوائد النفسية التي تمنح القارئ القدرة على التفكير العقلاني والموضوعي، وتمنحه الصبر والهدوء وراحة البال. ومنها الفوائد الفكرية التي تعمل على تنمية القدرات العقلية، وزيادة معدلات التركيز. فعند قراءتك كتابًا معينًا، تبقى متذكرًا للتفاصيل والأحداث الدقيقة التي قرأتها طوال فترة قراءتك للكتاب، مما ينمي مهاراتك وقدراتك الإبداعية. ومن فوائده أيضًا الفوائد الاجتماعية، فهو ينمي أساليب التأثير والإقناع لديك، مما يسهل تواصلك مع الآخرين وإقناعهم، وأيضًا يساهم في تهذيب سلوكك، ويعلمك القيم الإيجابية ويزرع فيك الخير ويسمو بك إلى العلياء.
الكتاب مصدر فريد للمعرفة المتنوعة، فهناك كتب للقراءة متنوعة في الأدب بكل أنواعه من الشعر والقصص، وهناك الكتب العلمية والدينية. فعندما تقرأ قصة أو رواية، فإنك تعيش في أحداثها وبكل تفاصيلها. والكتاب العلمي يأخذك إلى علوم الأرض والفضاء والعوالم الخفية والاكتشافات والاختراعات المتنوعة. والكتب الدينية تزيد من حماسك لعمل الطاعات والعبادات من الصلاة والصيام والصدقة وغيرها من العبادات. فكل كتاب له أثر في حياة الإنسان وتعامله.
الكتاب أشد قوة من السلاح، لأنه يحوي معرفة بخطط العدو عند قراءتك لكتب الحرب وفنون القتال. والكتاب يرتقي بالأخلاق، فمن خلال قراءة كتب الفضائل من الكتب الدينية، وكتب الأحاديث النبوية، وكتب الصحابة، وكتب سير التابعين والصالحين، تتعرف على أخلاقهم وسلوكياتهم فتكتسب هذه الصفات الحسنة.
وأفضل كتاب يمكن قراءته هو كتاب الله عزّ وجل، ففيه ستجد قصص السابقين واللاحقين من خلال معجزة الإخبار بالغيب في القرآن، وفيه ستجد الحِكم والعبر التي لن تجدها في أيّ كتاب آخر، ففيه من التربية والتهذيب للنفس والدّعوة إلى الخُلُق القويم واكتساب صفات الخير والصلاح، عدا عن الأجر والثواب العظيم الذي ستجنيه من قراءتك لكتاب الله عزّ وجل.
قالوا في مدح الكتاب:
أعز مكان في الدنا سرج سابح
وخير جليس في الزمان كتاب
والكتاب هو مفتاحك السحري إلى عقول الآخرين وتجاربهم وخبراتهم، أدخل وخذ ما شئت منه فالكتاب مأمون العثرات، فالكتاب هو صديقك الذي لا يخونك، ولا يخدعك بالنفاق، ولا يحتال عليك بالكذب، وهو الذي إن نظرت إليه أمتَعَك، وبَسَط لسانك، وجود ألفاظك، فالكتاب هو الذي يُطيعك في الليل كما طاعته لك بالنهار، ويطيعك بالسفر كطاعته في الحضر، وعندما أقرأ كتاباً للمرة الأولى أشعر أني قد كسبت صديقاً جديداً، وعندما أقرأه للمرة الثانية أشعر أني التقي صديقاً قديمًا.
وقد قال أحد الحُكماء في الكتاب:
صَحِبتُ الناس فملوني ومللتهم، وصحبت الكتاب فما مللته ولا ملّني.
خاتمة: الكتاب رفيق الدرب
إن الاهتمام بالكتاب أصبح من الركائز الأساسية للهوية الوطنية للأمم والشعوب. فالحياة في كافة جوانبها تصبح في عزلة وظلام دامس متى مُنع عنها الكتاب. والتوعية بقيمة الكتاب وأساليب التعامل معه تعد من أهم الطرق للارتقاء بالكتاب كقيمة حضارية وتربوية. فالكتاب زاد المجتهد، وكلما زاد وجود الكتاب في المنزل، كلما عمت السعادة أفراد الأسر والمجتمعات. كما أن رعاية الطفل منذ الصغر وتعليمه القراءة وحب الكتاب، بدءًا من قصص الأطفال في المراحل المبكرة، مرورًا بالكتيبات الصغيرة، وانتهاءً بالكتب والمراجع الكبيرة في مرحلة البلوغ، أمر ضروري.
إن الكتاب دعامة من دعائم التربية الصحيحة، ويجب علينا غرس قيمة الكتاب وحبه في نفوس الطلاب في المدارس والجامعات، ليس المقصود الكتب المقررة للدراسة، ولكن المقصود أن نقرأ الكتب المختلفة بعيدًا عن المناهج المدرسية، فيمكننا الاستفادة من قراءة الكتب باعتبارها وسيلة تحفيزية وتشجيعية على الجد والمثابرة والمضي قدمًا.
وقد قيل في الكتاب:
أوفى صديق إن خلوت كتابي
ألهو به إن خانني أصحابي
لا مفشيا سرا إذا أودعته
وأفوز منه بحكمة صواب