موقع جبل طمية وأساطيره

جدول المحتويات

أصل تسمية جبل طمية

اشتُق اسم “طمية” من الفعل “طمى يطمي طمياً”، ويُعتقد أن هذا الاسم أُطلق على الهضبة والعيون المجاورة لها. وقد ذكر ابن الكلبي، نقلاً عن الشرقي، أن جبل طمية يقع على طريق مكة المكرمة مقابل فايد. ويرجع البعض تسميته إلى طمية بنت جام بن جُمّى بن تراوة من بني عمليق. كما ذكر أبو عبدالله السكوني رؤية جبل طمية عند السفر من حاجر إلى مكة، حيث يظهر شرق الطريق، مع جبل عكّاش المجاور له، الذي يُعتبر زوجاً لطمية في بعض الروايات.

تتعدد الروايات حول موقع جبل طمية، فقد ذُكر أنه هضبة بين سميراء وتوز، وجبل لبني فزارة، وجبل في ديار أسد قرب شطب. كما وردت رواية أخرى تُشير إلى أرض تُسمى طمية غرب النيل باتجاه الفسطاط، من متنزهات أهل مصر قديماً.

الموقع الجغرافي لجبل طمية

يقع جبل طمية بالقرب من أم الدوم، على بعد حوالي 200 كم شمال محافظة الطائف، تحديداً في منطقة حفر كشب على الطريق المؤدي شمالاً إلى المدينة المنورة ومهد الذهب. وقد اكتسبت المنطقة شهرة واسعة بفضل الأساطير والحكايات المرتبطة بالجبل. حديثاً، تم تحديد موقع جبل طمية في منطقة القصيم بالمملكة العربية السعودية، حيث يبلغ ارتفاعه 1311 متراً فوق مستوى سطح البحر. وبحسب الوكالة الوطنية للمخابرات الجغرافية، تقع إحداثياته على خط عرض 25° 36′ 15″ شمالاً، وخط طول 42° 00′ 01″ شرقاً، أو ما يعادل 25.604167 درجة عرضاً و 42.000278 درجة طولاً بالدرجات العشرية.

مقلع طمية: لغز الحفرة العميقة

يُعرف مقلع طمية، أو فوهة الوعبة، بحفرة دائرية عميقة تبلغ 380 متراً عمقاً و 3 كم قطراً، تقع على بعد حوالي 6 كم شمال قرية حفر كشب، و 30 كم شمال قرية أم الدوم في محافظة الطائف. يُعد مقلع طمية من المعالم الأثرية البارزة في المملكة العربية السعودية. تُشير بعض الآراء إلى أن تكون الحفرة نتجت عن سقوط نيزك، أو انفجار بركاني هائل. وقد أشارت دراسة أجرتها جامعة الطائف إلى وجود مخلفات بركانية في الحفرة، مما يدعم فرضية الأصل البركاني.

يُزين وسط فوهة الوعبة طبقة ملحية بيضاء، ناتجة عن تبخر مياه الأمطار التي كانت تتجمع في قاع الحفرة مُشكّلة بحيرة صغيرة. كما تتميز المنطقة المحيطة بالفوهة بجمالها الطبيعي، بفضل أشجار الدوم والنخيل، والنباتات الصحراوية المختلفة، بما في ذلك أشجار الأراك، التي تُكوّن مشهداً خلاباً، مع تناقص تدريجي في النباتات كلما اتجهنا نحو مركز الحفرة الملحية. يوجد أيضاً شلال صغير في أسفل الحفرة، يتشكل نتيجة الأمطار الموسمية.

أسطورة جبل طمية وقصة الحب الخالد

تروي الأسطورة قصة حبٍّ بين جبل طمية، ذي اللون الأسود المحمر، وجبل قطن الأبيض، الواقع شمال طمية على بُعد عدة كيلومترات. تقول الأسطورة أن طمية، في عشقٍ جامحٍ لقطن، انتزعت نفسها من مكانها الأصلي متجهة نحوه، مُخلّفةً خلفها صخوراً تساقطت منها أثناء سيرها. لكنّ جبل عكّاش، في غيرةٍ شديدة، اعترض طريقها وأصابها برمحٍ ليمنعها من الوصول إلى قطن.

هناك روايات أخرى تُشير إلى أن جبل أبان في منطقة حائل هو المُقصود بقصة حب طمية، وأنّ عكّاش تزوج طمية في النهاية. بغضّ النظر عن تفاصيل هذه الأسطورة، فهي تُعكس جانباً اجتماعياً من حياة سكان المنطقة، حيث حاولوا تفسير ظاهرة مقلع طمية من خلال قصة حبٍّ تُجسّد قوة المرأة في التعبير عن مشاعرها واتخاذ قراراتها. كما تُشير الأسطورة إلى عرف اجتماعي قديم يتعلق بأحقية ابن العم في الزواج من ابنة عمه، حيث يمثل عكّاش دور ابن العم الذي منع طمية من الزواج من حبيبها.

تُعتبر أسطورة طمية وقطن ذات بعد تاريخي عميق، وقد ذُكرت في كتاب “معجم البلدان”، مع اختلافاتٍ طفيفة في تفاصيل أسماء الجبال ونهاية القصة، فمنهم من قال أنها تزوجت قطن، ومنهم من قال أنها تزوجت عكّاش، مُجسّدةً بذلك جوانب متنوعة من الثقافة والتاريخ الشعبي للمنطقة.

المراجع

1. ابن منظور، لسان العرب

2. الحموي، معجم البلدان

3. الذيابي، منصور ماجد، “توظيف الشعراء لأسطورة طمية في قصائدهم”، الرياض، 2016.

4. موقع الوكالة الوطنية للمخابرات الجغرافية

5. موقع SaudiTravel.com

6. العتيبي، فهد مطلق، “الجزيرة العربية.. حضارة في قلب التاريخ”، الرياض، 2018.