الجنة: تعريف ومفهوم
خلق الله -سبحانه وتعالى- الدنيا والآخرة، وجعل الدنيا محلاً للعمل والاجتهاد، بينما الآخرة هي دار الجزاء والحساب. لقد خلقنا لعبادته وطاعته وإعمار الأرض. فالدنيا ليست إلا معبرًا وممرًا للآخرة، وكل ما يفعله الإنسان من أعمال في هذه الدنيا سيجده في الآخرة. إن الدنيا مليئة بالملذات والشهوات والإغراءات.
ولكن من يتجاوز هذه التحديات ويتبع أوامر ربه، ويسير على هدي نبيه الكريم محمد -صلى الله عليه وسلم-، ويؤمن بالقدر خيره وشره، فإنه يفوز بجنات النعيم. أما من يكفر بالله وينشغل بملذات الدنيا ويفسد في الأرض، فإن جزاءه هو النار خالدًا فيها.
الجنة هي دار الفائزين، والمتقين، والمؤمنين. إنها هدية من الله لعباده المخلصين الذين اتبعوا أوامره وأطاعوه واتقوه. من تعلق قلبه بالله، واجتنب المعاصي، وعمل صالحًا، فإنه سينال جنات النعيم، حيث الراحة الأبدية والسعادة والهناء. فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.
تفاوت المنازل في الجنة
الجنة ليست على درجة واحدة، بل هي درجات متفاوتة، بعضها فوق بعض. وأهل الجنة يتفاوتون في منازلهم فيها بحسب أعمالهم الصالحة وإخلاصهم في العبادة. قال تعالى: ﴿وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِناً قَدْ عَمِلَ الصَّالِحاتِ فَأُولئِكَ لَهُمُ الدَّرَجاتُ الْعُلى﴾ [طه: 75].
وفي الحديث النبوي الشريف، يقول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: «في الجنَّةِ مائةَ درجةٍ ما بينَ كلِّ درجَتينِ كما بينَ السَّماءِ والأرضِ، والفِردوسُ أعلاها درجةً، ومنها تُفجَّرُ أنهارُ الجنَّةِ الأربعَةِ، ومِن فوقِها يكونُ العرشُ ، فإذا سألتُمُ اللَّهَ فاسأَلوه الفِردوسَ».[رواه الترمذي]
وقال -صلى الله عليه وسلم- أيضاً: «إنَّ أهْلَ الجَنَّةِ يَتَرَاءَوْنَ أهْلَ الغُرَفِ مِن فَوْقِهِمْ، كما يَتَرَاءَوْنَ الكَوْكَبَ الدُّرِّيَّ الغَابِرَ في الأُفُقِ، مِنَ المَشْرِقِ أوِ المَغْرِبِ؛ لِتَفَاضُلِ ما بيْنَهُمْ. قالوا: يا رَسولَ اللَّهِ، تِلكَ مَنَازِلُ الأنْبِيَاءِ لا يَبْلُغُهَا غَيْرُهُمْ؟ قالَ: بَلَى، والذي نَفْسِي بيَدِهِ، رِجَالٌ آمَنُوا باللَّهِ وصَدَّقُوا المُرْسَلِينَ».[رواه البخاري]
يتضح مما سبق أن عدد الدرجات في الجنة مائة، والمسافة بين كل درجة والأخرى كما بين السماء والأرض. وأعلى هذه الدرجات هي الفردوس، والتي تقع تحت عرش الرحمن، ومنها تتفجر أنهار الجنة الأربعة: نهر اللبن، ونهر العسل، ونهر الخمر، ونهر الماء. وأعلى مقام في الفردوس هو مقام الوسيلة، وهو مقام النبي محمد -عليه الصلاة والسلام-. ثم تأتي بعدها غرف أهل عليين، وهي قصور متعددة الأدوار.
يتراءى أهل الغرف لأهل الجنة كما يرى الناس الكواكب والنجوم في السماوات العلا. وفي الجنة قصور شفافة يرى ظاهرها من باطنها.
سبل الوصول إلى الجنة
لقد أوضح الله -سبحانه وتعالى- لعباده العديد من الأمور والأسباب التي يمكن للمسلم من خلالها أن يدخل الجنة، ومن بينها:
- الإيمان بالله -تعالى- وعدم الإشراك به شيئاً، والتصديق بالمرسلين.
- القيام بالفرائض التي فرضها الله -عز وجل-.
- التقرب إلى الله بالنوافل.
- الابتعاد عن الفواحش والمعاصي.
- الجهاد في سبيل الله.
- المحافظة على تلاوة القرآن الكريم.
- كفالة الأيتام ورعايتهم.
- طاعة الوالدين وبرهما.
- أداء ركعتين بعد الوضوء.
الأبواب الثمانية للجنة
للجنة ثمانية أبواب، وقد ذكر العلماء أن التشريف للعبد المسلم يقع بدخوله أحدها. والحكمة من ذكر الأبواب الثمانية وتعددها هو من باب التعظيم والتحفيز على العمل الصالح. وأبواب الجنة الثمانية هي:
- باب الإيمان.
- باب الصلاة.
- باب الصيام.
- باب الصدقة.
- باب الكاظمين الغيظ.
- باب الراضين.
- باب الجهاد.
- باب التوبة.