ملامح أساسية للقصص الحيوانية
يُعتبر فن القصص التي تتحدث فيها الحيوانات من الفنون الأدبية العريقة. غالبًا ما يُطلق عليها اسم “الخرافة”، وهي تعتمد على فكرة أن الحيوانات تتكلم وتتصرف بطرق لا تحدث في الواقع. وقد حدد الباحثون مجموعة من الخصائص التي تميز هذا الفن وتحافظ على جوهره، ومن بينها:
- غالبًا ما تكون القصة قصيرة، وذلك لأنها تهدف إلى تقديم عبرة أو درس أخلاقي.
- لا تقتصر على النثر، بل يمكن أن تكون في صورة شعرية أيضًا.
- تتميز بأحداث محدودة، وغالبًا ما تركز على حدث واحد رئيسي.
- تعتمد على الحيوانات كشخصيات رئيسية تقوم بأدوار بشرية، مع الحفاظ على صفاتها الحيوانية.
- تسعى إلى تشبيه الحيوانات بالبشر في العديد من التصرفات، بهدف إثارة اهتمام القارئ وجعله يشعر بأن الحيوان يمثل إنسانًا.
- تهدف القصة إلى توصيل رسالة أخلاقية معينة تمثل الفكرة الرئيسية، وغالبًا ما يوضح الكتاب العبرة الأخلاقية في نهاية القصة، كما هو الحال في قصص كليلة ودمنة.
- تتناول القصة الحيوانية الخرافية قضايا إنسانية عامة، ولكن بطريقة رمزية وغير مباشرة.
- تتميز بالمرونة في التفسير، مما يجعلها مناسبة لجميع الفئات العمرية.
- تتميز بسهولة السرد والحوار، مما يجعل تذكرها أمرًا يسيرًا.
- لديها القدرة على تجاوز الحدود الثقافية والانتقال إلى مختلف الآداب العالمية، لأنها مصممة لتكون أدبًا عالميًا يعرفه الجميع، وهذا ما يفسر وجود العديد من الخرافات العالمية في الأدب العربي.
نماذج من هذه القصص
فيما يلي بعض الأمثلة على القصص التي تتحدث فيها الحيوانات:
قصة الحمامة والثعلب ومالك الحزين من كليلة ودمنة
ورد في كتاب كليلة ودمنة في قصة الحمامة والثعلب ومالك الحزين: “قال له الثعلب: يا مالك الحزين: إذا أتتك الريح عن يمينك فأين تجعل رأسك؟ قال: عن شمالي. قال: فإذا أتتك عن شمالك فأين تجعل رأسك. قال: أجعله عن يميني أو خلفي. قال: فإذا أتتك الريح من كل مكان وكل ناحية فأين تجعله؟ قال: أجعله تحت جناحي. قال: وكيف تستطيع أن تجعله تحت جناحك؟ ما أراه يتهيأ لك”.
“قال: بلى: قال: فأرني كيف تصنع؟ فلعمري يا معشر الطير لقد فضلكم الله علينا. إنكن تدرين في ساعة واحدة مثل ما ندري في سنة، وتبلغن ما لا نبلغ، وتدخلن رؤوسكن تحت اجنحتكن من البرد والريح. فهنيئاً لكن فأرني كيف تصنع. فأدخل الطائر رأسه تحت جناحه فوثب عليه الثعلب مكانه فأخذه فهمزه همزة دقت عنقه”.
قصيدة يحكون أن أمة الأرانب
قال أحمد شوقي في هذه القصيدة:
يَحكونَ أَنَّ أُمَّةَ الأَرانِبِ قَد أَخَذَت مِنَ الثَرى بِجانِبِ وَاِبتَهَجَت بِالوَطَنِ الكَريمِ وَمَوئِلِ العِيالِ وَالحَريمِ فَاِختارَهُ الفيلُ لَهُ طَريقا مُمَزِّقاً أَصحابَنا تَمزيقا وَكانَ فيهِم أَرنَبٌ لَبيبُ أَذهَبَ جُلَّ صوفِهِ التَجريبُ نادى بِهِم يا مَعشَرَ الأَرانِبِ مِن عالِمٍ وَشاعِرٍ وَكاتِبِ اِتَّحِدوا ضِدَّ العَدُوِّ الجافي فَالاتِّحادُ قُوَّةُ الضِعافِ فَأَقبَلوا مُستَصوِبينَ رايَهو وَعَقَدوا لِلاجتِماعِ رايَهو وَاِنتَخَبوا مِن بَينِهِم ثَلاثَه لا هَرَماً راعَوا وَلا حَداثَه بَل نَظَروا إِلى كَمالِ العَقلِ وَاِعتَبَروا في ذاكَ سِنَّ الفَضلِ فَنَهَضَ الأَوَّلُ لِلخِطابِ فَقالَ إِنَّ الرَأيَ ذا الصَوابِ أَن تُترَكَ الأَرضُ لِذي الخُرطومِ كَي نَستَريحَ مِن أَذى الغَشومِ فَصاحَتِ الأَرانِبُ الغَواليهَ هَذا أَضَرُّ مِن أَبي الأَهوالِ وَوَثَبَ الثاني فَقالَ إِنّي أَعهَدُ في الثَعلَبِ شَيخَ الفَنِّ فَلنَدعُهُ يُمِدُّنا بِحِكمَتِهِ وَيَأخُذُ اِثنَينِ جَزاءَ خِدمَتِهِ فَقيلَ لا يا صاحِبَ السُمُوِّ لا يُدفَعُ العَدُوُّ بِالعَدُوِّ وَاِنتَدَبَ الثالِثُ لِلكَلامِ فَقالَ يا مَعاشِرَ الأَقوامِ اِجتَمِعوا فَالاِجتِماعُ قُوَّه ثُمَّ احفِروا عَلى الطَريقِ هُوَّه يَهوي إِلَيها الفيلُ في مُرورِهِ فَنَستَريحُ الدَهرَ مِن شُرورِهِ ثُمَّ يَقولُ الجيلُ بَعدَ الجيلِ قَد أَكَلَ الأَرنَبُ عَقلَ الفيلِ فَاِستَصوَبوا مَقالَهُ وَاِستَحسَنوا وَعَمِلوا مِن فَورِهِم فَأَحسَنوا وَهَلَكَ الفيلُ الرَفيعُ الشانِ فَأَمسَتِ الأُمَّةُ في أَمانِ وَأَقبَلَت لِصاحِبِ التَدبيرِ ساعِيَةً بِالتاجِ وَالسَريرِ فَقالَ مَهلاً يا بَني الأَوطانِ إِنَّ مَحَلّي لَلمَحَلُّ الثاني فَصاحِبُ الصَوتِ القَوِيِّ الغالِبِ بِمَن قَد دَعا يا مَعشَرَ الأَرانِبِ