تعتبر حكاية الدجال والسَّاذج من القصص الخالدة الموجودة في كتاب كليلة ودمنة، والذي يزخر بالعبر والحكم. فيما يلي، نقدم لكم عرضًا موجزًا لأحداث هذه القصة الشيقة.
بداية الشراكة بين الدجال والساذج
في قديم الزمان، التقى رجل ذكي وماكر برجل بسيط وساذج. اتفق الاثنان على التعاون والعمل سويًا. قررا الرحيل إلى المدينة المجاورة، حاملين معهما بضائع مختلفة بهدف بيعها في الأسواق وكسب الرزق. كان كل واحد منهما يمني نفسه بتحقيق ثروة طائلة من خلال هذه الشراكة التجارية المربحة. أثناء السفر، وصلوا إلى واحة غنّاء، فقرروا التوقف للراحة والاستجمام. طلب الدجال من رفيقه الساذج البقاء في الواحة حتى طلوع الفجر.
استجاب الساذج لطلب شريكه، وبدأ في جمع الحطب لإشعال النار والتدفئة. بينما كان الساذج منهمكًا في جمع الحطب، عثر على كيس ممتلئ بالنقود. شعر بالدهشة والفرح في آن واحد. حاول إخفاء الكيس تحت ملابسه وعاد إلى صديقه الدجال وهو يحمل الحطب على ظهره، متأهبًا لقضاء ساعات الليل حتى الصباح.
الازدهار التجاري للدجال والساذج
قضى الدجال والساذج ليلتهما في الواحة حتى بزغ الفجر. لاحظ الدجال أن الساذج يخفي شيئًا ما في ملابسه، لكن الساذج لم يفصح عن الكيس الذي وجده. استمر الاثنان في التفكير بالأرباح التي سيجنيانها من التجارة. في صباح اليوم التالي، انطلق الشريكان إلى أسواق المدينة، وأظهر الدجال مهارة فائقة في بيع البضائع، وحقق أرباحًا كبيرة فاقت توقعاتهما.
في طريق العودة، طلب الساذج من شريكه تقسيم الأرباح، فأجابه الدجال بأنهما شريكان في كل شيء، ويجب أن يتقاسما كل ما يحدث معهما، سواء في السراء أو الضراء. بعد جدال قصير، كشف الساذج عن قصة الكيس الذي عثر عليه، ووافق على اقتسام المال معه. إلا أن الدجال رفض ذلك، لأنه كان يطمع في الحصول على الكيس بمفرده.
اقترح الدجال على شريكه إخفاء الكيس تحت شجرة يعرفانها جيدًا بالقرب من الواحة، وأكد أنه لا داعي لتقاسم المال في بداية رحلتهما التجارية، وأن المال سيبقى تحت الشجرة لحين الحاجة إليه في وقت الشدة. اتفق الشريكان على أن يبقى هذا الأمر سرًا بينهما إلى الأبد، وألا يخبرا به أحدًا.
اختفاء كيس النقود
عاد الشريكان إلى القرية وقد حققا أرباحًا طائلة من تجارتهما. لكن الدجال عاد في اليوم التالي إلى مكان الشجرة وأخذ كيس النقود وعاد به وحيدًا إلى القرية. بعد مرور عدة أشهر، واجه الساذج ضائقة مالية وأصبح بحاجة ماسة إلى المال. أخبر صديقه الدجال بأنه بحاجة إلى المال وأنه يجب عليهما التوجه إلى الشجرة واستخراج الكيس الذي وضعاه هناك.
وصل الصديقان إلى الشجرة، لكنهما لم يجدا شيئًا بعد البحث والتنقيب. اتهم الساذج صديقه الدجال بأنه هو من سرق الكيس، لأنه لا أحد يعلم بمكانه سواه. بعد مشادة كلامية بينهما، توجها إلى القاضي للفصل بينهما. أمام القاضي، ادعى الدجال أن الساذج هو من سرق المال، فرد عليه الساذج بأن المال هو ماله أصلًا، وكيف يسرق ماله؟ وأنه لو أراد المال كاملًا لما أخبره عنه.
طلب القاضي من الدجال شاهدًا على ادعائه، فادعى الدجال أن الشجرة التي دفن الكيس عندها ستشهد على صدق كلامه وتخبرهم بالحقيقة. استغرب القاضي من كلام الدجال، لكنه أراد أن يكشف حقيقة الأمر، فتوجه الجميع إلى المكان عند الشجرة للتأكد من صحة ذلك الأمر ومعرفة السارق.
عاقبة الدجال
كان الدجال قد قام بحفر الشجرة ووضع والده بداخلها، واتفق معه على أنه إذا سأله القاضي عن السارق الحقيقي أن يخبره أن الساذج فلان هو الذي سرق الكيس. وعندما وصل الجميع إلى الشجرة، تم تنفيذ الخطة، وتحدثت الشجرة بلسان والد الدجال، لكن القاضي اكتشف تلك الخدعة، وأمر على الفور رجاله بإحراق تلك الشجرة المخادعة، لكن والد الدجال لم يتمالك نفسه.
في لحظة واحدة، خرج والد الدجال من الشجرة وهو يصرخ بأعلى صوته طالبًا النجاة من الحريق ومعترفًا بفعلته الشنيعة وبما كان منه ومن ولده. عند ذلك، عاد الجميع إلى المحكمة، واكتشف القاضي السارق الحقيقي، وأمر الدجال بإعادة النقود كاملةً إلى الساذج، ثم أمر بسجنه هو ووالده حتى يكونا عبرة لكل اللصوص والمحتالين إلى الأبد.
المراجع
- “كليلة ودمنة حكايات المحتال والمغفل”،دار الهلال، تم الاطلاع عليه بتاريخ 9/2/2022. بتصرّف.
- “3 من قصص المغفلين والمحتالين😈الأكثر ذكاءً للأطفال (من كتاب كليلة ودمنة)”،أطفال الإسلام، تم الاطلاع عليه بتاريخ 9/2/2022. بتصرّف.