ملامح شعر الخنساء

استكشاف لشخصية الخنساء الشاعرة. نظرة على سمات شعرها قبل الإسلام، في النوح، وفي التأبين. بالإضافة إلى خصائص شعرها بعد الإسلام.

نبذة عن الخنساء

هي تماضر بنت عمرو بن الحارث السُلمية، اشتهرت بلقب الخنساء، وهي شاعرة وصحابية جليلة. تنتمي الخنساء إلى أسرة ذات مكانة مرموقة في المجتمع العربي. أدركت كلًا من العصر الجاهلي وبزوغ فجر الإسلام، وأعلنت إسلامها عند ظهور نور الإسلام. عُرفت الخنساء بشكل خاص برثائها المؤثر لأخويها صخر ومعاوية، بعد مقتلهما في الجاهلية. سبب تسميتها بالخنساء يعود لارتفاع أرنبتي أنفها.

طبيعة شعر الخنساء قبل الإسلام

كانت وفاة أخويها معاوية وصخر نقطة تحول فارقة في مسيرتها الشعرية. قبل ذلك، كانت تكتب أبياتًا قليلة فقط. معظم أشعارها كانت مخصصة لرثاء أخيها صخر، لشدة حبها وتعلقها به، وقد بلغ رثاؤها حدًا جعلها تُعتبر أعظم شاعرة رثاء في تاريخ الأدب العربي. اتسم شعر الخنساء قبل الإسلام بالبكاء، التفجع، المديح، والتكرار. حافظت على نفس النمط في الرثاء، وتميزت بالحزن العميق، الأسى، وإذراف الدموع.

سمات شعر الخنساء في النوح

استخدمت الخنساء أسلوب النوح في رثائها، وهو أحد أبرز سمات شعرها التي اشتهرت بها. يُعتبر النوح نوعًا من الشعر الممنوع في المرثية، ويُستخدم تحديدًا إذا كان الميت قد قُتل في الحرب. استخدمت الخنساء هذه الخاصية في شعرها، لأن صخر قُتل في الحرب وهو يسعى للأخذ بثأر أخيه. كان العرف عند العرب يقتضي بعدم رثاء قتلى الحروب، بل يعتبرون ذلك نوعًا من الهجاء.

مما اشتهر في شعرها في النوح، أنها كانت تنشد الشعر وهي نادبة باكية، يرتفع صوت نشيجها، مما يثير مشاعر الحزن لدى السامعين ويدفعهم للبكاء. من الأبيات التي تظهر فيها خصائص النوح والنشيج ما يلي:

أبنت صخر تلكم الباكية:::لا باكي الليلة إلا هيهيا
يا عينِ جودي بالدّموعِ الغِزَارْو:::ابكي على اروعَ حامِي الذمارْ
فرعٍ منَ القومِ الجدى:::أنْماهُ منهُمْ كلُّ محضِ النِّجارْ
ما بال عينك منها دمعها سرب:::أراعها حَزَن أم عادها طرب
أم ذكر صخر بعيد النوم هيجها:::يا لهف نفسي على صخر إذا ركبت
خيل لخيل تنادي ثم تضطرب:::يؤرقُني التّذكرُ حيَن أُمْسي

ملامح شعر الخنساء في الرثاء

من خلال اعتمادها على أسلوب الرثاء، تمكنت الخنساء من التعبير عن مشاعرها الحزينة بالكامل، ولجأت إلى التلذذ بالحزن واستمراره في شعرها. تميز شعرها بالإحساس العميق بالخسارة والوفاء. كانت تسكب في شعرها لوعتها ورقتها، وتستمتع بوصف حزنها ورثائها. اختلف شعر الخنساء بخصائصه عن شعر الشعراء الرجال، لاشتماله على جانب عاطفي صادق وقوي.

تعددت الأبيات الشعرية التي نجد الخصائص الشعرية النسائية فيها واضحة، ومن هذه الأبيات:

قذى بعينكِ أمْ بالعينِ عوَّارُ:::أمْ ذرَّفتْ أذْخلتْ منْ أهلهَا الدَّارُ
كأنّ عيني لذكراهُ إذا خَطَرَتْ:::فيضٌ يسيلُ علَى الخدَّينِ مدرارُ
تبكي لصخرٍ هي العبرَى وَقدْ ولهتْ:::وَدونهُ منْ جديدِ التُّربِ أستارُ
تبكي خناسٌ فما تنفكُّ مَا عمرتْ:::لها علَيْهِ رَنينٌ وهيَ مِفْتارُ
تبكي خناسٌ علَى صخرٍ وحقَّ لهَا:::إذْ رابهَا الدَّهرُ انَّ الدَّهرَ ضرَّارُ

شعر الخنساء في الحقبة الإسلامية

على الرغم من أن الخنساء كانت من الشعراء المخضرمين، إلا أن بعض خصائص شعرها تغيرت عما كانت عليه قبل الإسلام. ومع ذلك، بقيت جذور شعرها قوية في العصر الإسلامي، وظل إنتاجها الشعري يقارب الألف سطر، وتميزت معظم أشعارها بأسلوب الرثاء. اختلفت بعض أشعارها بعد دخولها الإسلام، وتحليها بالصبر، وتعاليم الإسلام التي تحرم النوح على الميت.

جسدت الخنساء أروع صور الصبر بعد دخولها الإسلام. فبعد وفاة أخويها معاوية وصخر، واجهت فاجعة جديدة وهي استشهاد أبنائها، ورثتهم الخنساء في أشعارها التي اتصفت أبرز خصائصها بالصبر، الذي تحلت به بعد إسلامها.

هنا يظهر الفرق بين أشعارها في الإسلام وقبله، وكيف أن الإسلام غير من حالة وخصائص أشعارها. فبدلًا من قول أشعار الرثاء حزنًا على أخويها والنوح عليهما، صارت تحزن على مصيرها في الآخرة، وتدعو لهما، وتصبر على قضاء الله وقدره.

ظهرت في أشعارها خصائص جديدة بعد دخولها الإسلام، وهي الحث على الجهاد. فقد دعت الخنساء أبناءها وربتهم على الجهاد في سبيل الله ورسوله، وظهر هذا واضحًا في أشعارها، إذ تحدثت في أشعارها عن الجهاد في سبيل الله. وعندما استشهد أولادها الأربعة واحدًا تلو الآخر (عمرة، وعمرو، ومعاوية ويزيد)، وابتليت برحيلهم، كانت نِعْم المرأة المسلمة الصابرة، ولم ترثيهم كما فعلت في الجاهلية عند مقتل صخر.

المراجع

  1. “Khansaa”,Poemhunter
  2. “Khansa’s “,Arablit
  3. الديوان، “أبنت صخر تلكما الباكية”
  4. “Alkhansa”,Idealmuslimah
  5. الديوان، “قذى بعينك أم بالعين عوار”
Total
0
Shares
المقال السابق

سمات شعر الحارث بن حلزة البارزة

المقال التالي

سمات شعر الزهد

مقالات مشابهة