ملامح الحضارة السومرية

اللغة والكتابة

تعتبر اللغة السومرية من أقدم اللغات المكتوبة في التاريخ، حيث يعود ظهورها الموثق إلى حوالي 3100 قبل الميلاد. ظهرت الكتابة السومرية على الألواح الطينية قبل حوالي 4000 عام قبل الميلاد، واستمرت هذه اللغة مستخدمة في منطقة بلاد ما بين النهرين لمدة 2000 عام تقريبًا قبل أن تحل محلها اللغة الأكادية. تعتبر اللغة السومرية إنجازًا ثقافيًا هامًا للسومريين. تم اكتشاف قوانين مكتوبة باللغة السومرية تتعلق بالزراعة وتربية الحيوانات وتنظيم السكان، وتعد هذه القوانين من أقدم السجلات في العالم، حيث يعود تاريخها إلى حوالي 2400 قبل الميلاد. كما اهتم السومريون بالأعمال الأدبية، حيث تم العثور على عدد من النصوص الأدبية التي تعود لتلك الحقبة.

التصميم المعماري والفنون

تعتبر الحضارة السومرية من الحضارات الرائدة في مجال الهندسة المعمارية، حيث تم العثور على هياكل دينية يعود تاريخها إلى 3400 قبل الميلاد. تميزت المنازل السومرية، التي بنيت من الطوب اللبن أو قصب الأهوار، بأسقفها المسطحة ومداخلها المقوسة. استخدم الطين بشكل أساسي لتزيين المعابد، كما استخدم صب المعادن في النحت. كشفت المباني المتقنة، مثل زخارف الطين والفسيفساء والأعمدة الحجرية الضخمة واللوحات الجدارية المتطورة، عن التطور التقني للمجتمع السومري. ظهرت أيضًا المعابد المتدرجة الشبيهة بالأهرامات، والتي تعرف باسم الزقورات. كانت هذه الزقورات إما دائرية أو مربعة ولا تحتوي على غرف داخلية، ويصل ارتفاعها إلى 170 قدمًا، وتحتوي على الحدائق والشرفات المعلقة، وتعتبر حدائق بابل مثالاً عليها.

العلوم والمعرفة

اشتهر السومريون بنظامهم الطبي الذي يعتمد على الأعشاب والسحر، كما عرفوا عمليات استخلاص المواد الكيميائية من المواد الطبيعية. يُعتقد أنهم امتلكوا معرفة بعلم التشريح، حيث تم العثور على أدوات جراحية في المواقع الأثرية. قام السومريون بتسخير مياه نهري دجلة والفرات للزراعة واختراعوا نظام الري. يعتبر أعظم اختراع للسومريين في مجال الهندسة الهيدروليكية هو نظام الخنادق الذي تم إنشاؤه للسيطرة على الفيضانات. تشير إنجازاتهم في الهندسة والهندسة المعمارية إلى تطور فهمهم للرياضيات. يعود الفضل للسومريين في وضع نظام حفظ الوقت الحديث المستخدم حتى الآن، حيث أن الدقيقة تحتوي على ستين ثانية، والساعة بستين دقيقة.

التراث والقيم

كانت المدارس شائعة في الثقافة السومرية، وتعتبر أول محاولة في العالم لنقل المعرفة بهدف الحفاظ على مجتمع يعمل ويبني نفسه. تم العثور على العديد من السجلات السومرية المكتوبة، واشتهر السومريون بشعرهم الملحمي الذي أثر على الثقافات اللاحقة في اليونان وروما وأجزاء من الكتاب المقدس، وأبرزها قصة الطوفان العظيم وجنة عدن وبرج بابل. كما اشتهر السومريون بالموسيقى، حيث تعتبر الترنيمة السومرية أقدم أغنية موسيقية في العالم.

المعتقدات

كان الدين جزءًا لا يتجزأ من حياة الناس ويؤثر في الحكومة والهيكل الاجتماعي في الحضارة السومرية. اعتقد السومريون أن الآلهة والبشر يعملون معًا لمنع الفوضى في العالم. يعتبر العمل السومري المعروف بسفر التكوين هو أقدم نسخة من قصة الطوفان العظيم، والذي أعيد سرده لاحقًا بمفهوم السومريين للدين والسيادة.

قال تعالى: ﴿وَقَالَ نُوحٌ رَّبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا * إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا﴾ [نوح: 26-27].

نشأة المدينة الأولى

على الرغم من أن علم الآثار الحديث أثبت أن أوروك هي أقدم مدينة في بلاد ما بين النهرين، إلا أن السومريين اعتقدوا أن المدينة الأولى في العالم كانت إريدو، برئاسة إنكي إله الحكمة والماء. كان إنشاء إريدو من قبل إنكي بمثابة العصر الذهبي، حيث يمكن مقارنتها بمدينة عدن التوراتية باعتبارها موطنًا للآلهة ومكان ولادة القواعد التي تحكم الحضارة.