مكان دفن السيدة زينب: الحقيقة والروايات

فهرس المحتويات

آل البيت: تعريفهم ودورهم

لُغةً، تعني كلمة “آل” النسب والانتساب. فآل الرجل هم عائلته وأقاربه. أما “آل البيت” فيما يتعلق برسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد اختلف الفقهاء في تعريفهم. فبعضهم يرى أنهم زوجاته وذريته حصراً، مستندين إلى بعض أحاديث الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم مثل حديث أبي حميد: (اللهم صل على محمد وآله وصحبه وسلم). ويرى آخرون أنهم يشملون بني هاشم وبني عبد المطلب، مع اختلاف في التحديد. فبعضهم يرى أن فاطمة وعلي والحسن والحسين هم الأخص من بينهم. ويدعم هذا الرأي حديث زيد بن أرقم الذي رواه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (وأهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي).[١]

ولآل البيت خصائص تميزهم، منها فضل النسب وطهارة الحسب، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل، واصطفى قريشاً من كنانة، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم).[٢] كما لهم نصيب من الغنيمة والفيء، كما هو مبين في قوله تعالى: (واعلموا أنما غنمتم من شيء فإن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل).[٣] كما حُرّم عليهم أخذ الصدقات، كما ورد في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الصدقة لا تنبغي لآل محمد، إنما هي أوساخ الناس).[٤][٥]

مكان دفن السيدة زينب: الروايات المتناقضة

تتضارب الروايات حول مكان دفن السيدة زينب بنت علي بن أبي طالب. فبعضهم يزعم وجود ضريح لها في دمشق، وآخرون في مصر. إلا أن هذه الأقاويل تفتقر إلى الدليل التاريخي القاطع. فلم يأتِ من نسب هذه الأضرحة إليها بإسناد صحيح، ولم يُثبتها مؤرخون أو رواة معاصرون لتلك الحقبة.

من يدّعون دفنها في الشام يستندون إلى أن السيدة زينب هاجرت مع زوجها عبد الله بن جعفر إلى الشام، حيث كان يملك مزرعةً أو بستاناً هناك، هرباً من مجاعة المدينة. ثم مرضت وتوفيت ودفنت هناك. لكن هذه الرواية باطلة، لعدم وجود ذكر لذلك في أي مصدر تاريخي موثوق. لم يُذكر أن عبد الله بن جعفر امتلك مزارعاً في الشام، بل كان يُجازى من معاوية وينفق على الفقراء. وحتى لو افترضنا صحة امتلاكه مزارع، فمن غير المنطقي أن يأخذ زوجته إلى الشام بعد معاناتها هناك أسيرة، ثم يعود إليها بعد فترة. وحتى لو كان سبب الهجرة المجاعة، لماذا لا يبيع محاصيله ويعود للمدينة؟ وإنفاقه على سفر زوجته أكبر من إنفاقه على عيشها في المدينة، فهل كان ليرضي أن يُترك أهله يموتون جوعاً؟

دحض رواية وجود قبر السيدة زينب في مصر

الروايات التي تزعم وجود قبر السيدة زينب في مصر مردودة. وقد نفى بعض العلماء ذلك استناداً إلى أدلة تاريخية. الشيخ محمود المراكبي، في كتابه “القول الصريح عن حقيقة الضريح”، أكد عدم وجود قبرها في مصر، حيث لم يذكره أي رحالة أو مؤرخ زار مصر ووصف آثارها ومزاراتها، كابن جبير، وياقوت الحموي، والهروي، وابن بطوطة، وابن دقماق المصري، وخليل بن شاهين وغيرهم. واتفقت كلمة المؤرخين، مثل ابن ميسر، ونور الدين السخاوي، وابن ظهيرة المصري، وابن تغري بردي، والحافظ السيوطي، على عدم دخول السيدة زينب مصر أصلاً، فكيف تدفن فيها؟

كما أكد الأستاذ فتحي الحديدي، مستنداً إلى ما ذكره الحافظ ابن عساكر في كتابه “تاريخ دمشق”، أن يزيد بن معاوية أمر بنقل زينب ومن معها من آل البيت من الشام إلى الحجاز، مع شخص أمين ليوصلهم إلى المدينة. وبقيت زينب في المدينة حتى وفاتها ودفنت فيها.[٦]

الخلاصة والمراجع

بعد دراسة الروايات التاريخية المتوفرة، يظهر بوضوح أن الادعاءات حول دفن السيدة زينب في دمشق أو مصر تفتقر إلى الدعم التاريخي الموثوق. والدليل الأقوى هو أنها توفيت ودفنت في المدينة المنورة.

المراجع:

1. [١] رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن يزيد بن حيان، صحيح.
2. [٢] رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن واثلة بن الأسقع الليثي أبي فسيلة، صحيح.
3. [٣] سورة الأنفال، آية: 41.
4. [٤] رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث، صحيح.
5. [٥] “آل البيت: منزلتهم وخصائصهم”، [رابط موقع إسلامي]
6. [٦] “لا صحة لدفن زينب بنت علي رضي الله عنهما بدمشق أو مصر”، [رابط موقع إسلامي]
7. [٧] “قبور ومشاهد مكذوبة 3: مسجد السيدة زينب بمصر”، [رابط موقع إسلامي]