تمهيد في علم القانون
يُشتق مصطلح “القانون” من كلمة يونانية قديمة، “Kanun”، والتي تعني العصا. وقد استُخدمت هذه الكلمة للدلالة على مفاهيم مثل الاستقامة والعدالة. ومن هنا، أصبح القانون معيارًا يُحدد مدى انحراف الأفراد عن المسار الصحيح. إنه وسيلة لإنفاذ الحقوق، حيث يضمن حصول كل فرد على حقوقه المشروعة. كما يُساهم القانون في تحقيق التوازن داخل المجتمع من خلال تنظيم العلاقات بين الأفراد في مختلف جوانب الحياة العامة.
أدت الحاجة إلى تطبيق القانون في كل مناحي الحياة إلى تحويله إلى علم يُدرس في الجامعات لإعداد متخصصين قادرين على تطبيقه في المجتمع. ونتيجة لذلك، ظهرت وظائف قانونية متنوعة تهدف إلى تعزيز سلطة القانون وتمكينها من أداء دورها الفعال في إحقاق الحقوق. ومن الأمثلة على هذه الوظائف: المحاماة والقضاء.
أساس القاعدة القانونية
تعتبر القاعدة القانونية الركيزة الأساسية التي يقوم عليها القانون. إنها تنظم العلاقات القانونية بين الأفراد والدولة التي يعيشون فيها، وتساهم في تنظيم العلاقات الفردية في مجالات مثل التجارة والعمل وغيرها. ومن الضروري أن تكون القاعدة القانونية مُلزمة للجميع، بمعنى أنه لا يجوز التلاعب بها أو تغييرها أو الاجتهاد في أحكامها التشريعية.
أي مخالفة للقاعدة القانونية تستتبع جزاءً يُفرض على المخالفين. الهدف الرئيسي من هذا الجزاء هو ضمان التزام جميع الأفراد باحترام القانون والمحافظة عليه وتجنب مخالفته تحت أي ظرف. لذلك، يصف الفقه القانوني الجزاء (العقوبة) بأنه شرط من الشروط التي تُطبق على كل من يخالف القانون. تختلف طبيعة الجزاء ومدته حسب نوع المخالفة المرتكبة.
نظريات في القانون
ظهرت مجموعة من النظريات الفكرية التي اهتمت بدراسة القانون والعمل على تطوير نظريات تساهم في تنظيم علم القانون، ليكون قابلاً للتطبيق في مختلف المجتمعات. من أهم هذه النظريات:
النظرية الشكلية
تركز هذه النظرية على الجوانب الظاهرية للقانون، أي القواعد التي تطبقها السلطات العامة. لا تهتم هذه النظرية بالبحث في تفاصيل كل قاعدة قانونية، أو كيفية ظهورها، أو العوامل التي أثرت في صياغتها. وفقًا لهذه النظرية، تعتبر القواعد القانونية هي جميع الأحكام والتشريعات التي تشكل جزءًا من قانون الدولة، وتتبنى تطبيقها في جميع الأحوال والمسائل القانونية الخاصة بها.
النظرية التاريخية
تهتم هذه النظرية بدراسة الجذور التاريخية للقانون. يعتبر عالم القانون الفرنسي مونتسكيو أول من وضع دراسات حول هذه النظرية. انتشرت هذه النظرية في بداية القرن التاسع عشر، وترى أن القانون نشأ نتيجة لتطورات تاريخية تكيفت مع احتياجات المجتمع، وأصبحت جزءًا لا يتجزأ منه، وأساسًا لتنظيمه. ترى هذه النظرية أن لكل أمة من الأمم قواعد قانونية خاصة بها، لذلك لا توجد قواعد قانونية عالمية ثابتة. وقد وُجهت العديد من الانتقادات لبعض المفاهيم والأفكار الواردة في هذه النظرية، مما أدى إلى عدم تطبيقها على نطاق واسع في معظم المجتمعات.