مقال عن إحسان الوالدين: طريقك إلى النجاح

إحسان الوالدين: أساس النجاح في الدنيا والآخرة. واجب ديني وأخلاقي. جزاء للإحسان. طاعة عن حب واحترام.

مقدمة

إن العلاقة بين الأبناء والآباء هي من أسمى العلاقات الإنسانية، وهي علاقة تقوم على المحبة والرحمة والعطاء المتبادل. إحسان الوالدين ليس مجرد سلوك حسن، بل هو واجب ديني وأخلاقي يترتب عليه خير الدنيا والآخرة. إنها دعوة للاهتمام والرعاية والتقدير تجاه من ضحوا بأغلى ما يملكون من أجل سعادتنا وراحتنا.

إحسان الوالدين: سبيل الازدهار

عندما يكون الإنسان في أمس الحاجة إلى يد العون والمساعدة في لحظات الشدة، فإن إحسانه لوالديه هو الضمانة لوجود تلك اليد التي تمتد إليه لانتشاله من الضيق. إن تأثير إحسان الوالدين وبرهما لا يقتصر على الجانب الديني فحسب، بل يتعداه إلى الحياة العملية. إنه الشعور الدافئ الذي يحفظه الله تعالى للعبد ليرده له في الوقت المناسب، تمامًا كما نجا سيدنا يوسف عليه السلام من البئر بفضل دعاء والده يعقوب عليه السلام.

كيف للإنسان أن يكون غير بار بوالديه وهما السبيلان الممهدان للفلاح في الدنيا والآخرة؟ في بداية حياته، لا يعرف الطفل من الدنيا إلا ابتسامة أمه التي تملأ قلبه بالسعادة والأمان. ثم يكبر ويحتاج إلى رعاية والديه وحمايتهما، فكيف له أن ينكر فضلهما عليه بعد أن كبرا في السن وضعفت قواهما؟

لا يمكن للإنسان أن يحقق النجاح دون دعاء والديه ومساندتهما. إن اليد الخفية التي تربت عليه في جميع مراحل حياته هي التي تقوده نحو القمة. إن الوصول إلى الهدف ليس مجرد جهد شخصي، بل هو نتيجة لدعوات صادقة من والدين عظيمين. إن طالب الفلاح يجب أن يعي جيدًا أهمية إحسان الوالدين، فليس هناك باب أعظم من باب الوالدين إلا باب الله.

إحسان الوالدين: ضرورة أخلاقية

إذا أراد الإنسان أن يكون قدوة حسنة ومثالًا يحتذى به، فعليه أن يسلك طريق إحسان الوالدين. فكيف يمكن للإنسان أن يدعي الأخلاق وهو عاق لوالديه؟ إن الشخص الذي يسعى ليكون قدوة لأبنائه يجب أن يحرص على بر والديه، فهما الشمعتان اللتان تضيئان طريقه في الحياة.

إحسان الوالدين لا يرتبط بدين أو عرق أو مكانة اجتماعية. إنه فعل يتجاوز جميع الخلافات. فالمسلم والمسيحي واللاديني يجب أن يتفقوا على أهمية بر الوالدين. إنه في قمة سلم الأخلاق، ومن يسعى للكمال الأخلاقي سيجده في إحسان الوالدين.

أي مرتبة من الأخلاق يمكن للإنسان أن يصل إليها إذا لم يدرك قيمة إحسان الوالدين؟ إن الابتسامة التي يسعى الابن لكسبها من والديه في الدنيا ستكون نورًا يضيء له يوم القيامة، وستكون مطرًا من الخير يسقي أرض روحه العطشى.

إحسان الوالدين: عرفان بالجميل

عندما يكبر الابن ويصل إلى مرحلة النضج، يتذكر كيف أفنى والداه عمرهما في سبيله، تمامًا كما يفني هو الآن عمره في سبيل أولاده. إن الدنيا تدور والأدوار تتغير، ولكن المسؤولية تبقى نفسها.

كيف يمكن للوقت أن يمحو آثار التعب والشقاء التي تحملها الوالدان من أجل تربية أبنائهم؟ إن قوة الابن وشموخه هما نتيجة لتضحيات والديه. لذلك، يجب على الابن أن يكون بارًا بوالديه وأن يرد لهما الجميل. لقد جمع الله تعالى بين حقه وحق الوالدين، وهذا دليل على أهمية إحسان الوالدين. قال الله تعالى في سورة الإسراء: {وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا}.

إن إحسان الوالدين هو قضاء من الله تعالى على عباده، تمامًا كقضائه بتقلب الليل والنهار والموت والحياة. فمن يخالف قضاء ربه فإنه كمن يبحث عن شيء ضائع وهو أمامه. إن أمر الله تعالى ببر الوالدين هو رد للجميل، فالوفاء خلق إسلامي نبيل اتصف به سيد الخلق -عليه الصلاة والسلام-، ويجب على المسلم أن يقتدي به ليفوز في الدنيا والآخرة.

إحسان الوالدين: امتثال نابع من الحب

إن طاعة الابن البار لوالديه ليست استعبادًا أو إجبارًا، بل هي نابعة من احترامه ومحبته لهما، وطمعًا في مرضاة الله تعالى ومرضاتهما. ليس المطلوب من الابن أن يكون عبدًا ذليلًا لوالديه، بل أن يكون محبًا ومحسنًا وحنونًا.

قد يحاول الأبناء العاقون تبرير عقوقهم بأسباب واهية، مثل اختلاف الأجيال. ولكنهم لا يعلمون أن الآباء يمتلكون خبرة كبيرة في الحياة، وأنهم يحاولون نقل هذه الخبرة إلى أبنائهم. إن الابن الذي يطيع والديه ييسر الله له أمور حياته.

إن أقصى ما يتمناه الآباء هو أن يكون أبناؤهم أفضل منهم في أعين الناس. لذلك، قد يرى الابن أن طاعة والديه شاقة عليه في كثير من الأحيان، ولكنه لو فهم مشاعر والديه لعلم أن أوامرهما هي لمصلحته. ليس من العدل أن يحكم الأبناء على مطالب آبائهم من وجهة نظرهم فقط.

خاتمة

إن علاقة الابناء بالآباء علاقة أزلية تحكمها العديد من المتغيرات والظروف. ولكن يجب على كل ابن أن يكون الغيمة التي تحمي شجرة الزيتون المسنة من حرارة الشمس وتقلبات الزمن. يجب على الابن أن يقف مع نفسه وقفة صدق ليدرك معنى الأبوة. بعضهم قد يدرك ذلك مبكرًا فينعم ببر والديه، والبعض الآخر قد لا يدرك ذلك إلا بعد فوات الأوان. في النهاية، البر ليس بالتمني، ولكنه ما صدقه العمل.

Total
0
Shares
المقال السابق

كلمات في حب الوطن: انتماء وولاء

المقال التالي

تعبير عن تقدير الوالدين (لطلاب المرحلة الابتدائية)

مقالات مشابهة

أبا الزهراء قد جاوزت قدري بمدحك – قصيدة أحمد شوقي في مدح الرسول

تعرف على قصيدة أحمد شوقي الشهيرة 'أبا الزهراء قد جاوزت قدري بمدحك' التي مدح فيها الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، واستمع إلى تفسيرها وأهميتها الأدبية.
إقرأ المزيد