مقال حول الخداع والتدليس

نظرة شاملة حول التدليس: مفهومه، أسبابه، تأثيراته، وكيفية مواجهته من منظور ديني وأخلاقي.

مقدمة: ماهية التدليس وأثره

يعتبر التزييف والخداع من أسوأ الصفات التي يمكن أن يتصف بها الإنسان، فما بالك بمن يمارس الخداع على نفسه أولاً قبل أن يمارسه على الآخرين؟ إن التزوير، بأشكاله المختلفة، آفة خطيرة تهدد المجتمعات وتقوض بنيانها، وتؤدي إلى انتشار الفساد والتخلف. فالشخص الذي يلجأ إلى التزييف، إنما يمارس نوعًا من الكذب على نفسه، لأنه يعيش في وهم النجاح الزائف الذي لا يدوم.

الشخص الذي يرتكب مثل هذه الأفعال، قد يصل به الأمر إلى تصديق أنه يستحق ما وصل إليه من مكاسب وإنجازات بطرق غير مشروعة، ناسياً أو متناسياً أن هذه المكاسب بنيت على خداع الآخرين. يجب على الإنسان أن يعلم أنه لم يخلق لكي يرتكب الأخطاء ويتسلق على أكتاف الآخرين للوصول إلى أهدافه، فالاعتراف بالخطأ خير ألف مرة من التفاخر بعدم انكشافه.

صور التدليس ودوافعه وكيفية التغلب عليه

التدليس ليس مقتصراً على الطلاب في قاعات الامتحانات، بل يتعداه ليشمل مختلف جوانب الحياة الاجتماعية والاقتصادية. فهناك التدليس في البيع والشراء، وفي المعاملات التجارية، وفي النصيحة والمشورة، وحتى في الزواج.

أما عن أسباب التدليس، فهي متعددة ومتنوعة، منها الطمع وحب الظهور، والكسل والاعتماد على الآخرين، والضعف الإيماني والأخلاقي. وللتغلب على هذه الظاهرة السلبية، يجب تضافر جهود جميع أفراد المجتمع ومؤسساته. يجب على المؤسسات التعليمية والإعلامية تسليط الضوء على مخاطر التدليس وآثاره المدمرة على الفرد والمجتمع، وتوعية الناس بأهمية الأمانة والصدق والنزاهة.

كما يجب على الأسرة أن تلعب دوراً فعالاً في تربية الأبناء على القيم والأخلاق الفاضلة، وتعزيز ثقتهم بأنفسهم وقدراتهم، وتشجيعهم على الاجتهاد والمثابرة لتحقيق أهدافهم بطرق مشروعة. فالإنسان الذي لا يرضى أن يكذبه أحد، يجب عليه أيضاً أن لا يكذب على الآخرين. التدليس بجميع أنواعه، يعتبر هداماً للمجتمعات وقيمها، وعلى المربين والمصلحين تقديم النصح والإرشاد لمن يرتكب هذا الفعل المشين، ودلالته إلى الطريق الصحيح، وإلا فإن مصيرنا سيكون الهلاك لا محالة.

نظرة الدين والقيم إلى التدليس

لقد نهت جميع الرسالات السماوية عن التدليس وحرمته لما فيه من ضرر للإنسانية والمجتمع. وقد جاء الإسلام ليرفع راية محاربة التدليس، وذلك عندما عدّ التدليس كبيرة من الكبائر المنهي عنها في تعاليمه وأحكامه. وقد حثت الكثير من الآيات القرآنية على الابتعاد عن هذا العمل، فقد قال تعالى في محكم تنزيله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ}.[١]

جاءت الأحاديث النبوية لتدل المسلم إلى الطريق الصحيح بالابتعاد عن التدليس، ولتوضح له بأن ذاك الربح الآني من التدليس لن يكون له بركة، فالمال الناتج عن التدليس ممحوق وفيه الوبال، كما أن التدليس سيجعل الناس يفقدون الثقة فيه فالإنسان الغشاش سيصبح منافقًا وكذابًا لا يؤتمن.

من هنا يجب أن يعلم المدلس أنه يبعث رسالة للآخرين بأنه أقل منهم، لهذا لجأ إلى التدليس من أجل تحقيق هدفه وآماله.

المراجع

[١] سورة الأنفال، آية:27

Total
0
Shares
اترك تعليقاً
المقال السابق

نظرة في عالم التلفزيون: بين الفائدة والتأثير

المقال التالي

مقال حول آفة المخدرات وآثارها

مقالات مشابهة