تمهيد: خطر المخدرات القاتل
تعد المخدرات وباءً تفشى في جميع أنحاء العالم، وأثر على مختلف الفئات المجتمعية. على الرغم من المحاولات المتعددة لتقنينها، إلا أن الآثار السلبية المدمرة للمخدرات تجعلها غير مقبولة على الإطلاق، فهي تمثل موتًا بطيئًا للأفراد. غالبًا ما يوصف بأنه “تجارة الموت”، وهذا التوصيف يلخص بدقة الخطر الكامن وراء هذه المواد.
تكمن خطورة المخدرات في صعوبة التنبؤ بتأثيراتها الضارة، والتي غالبًا ما تؤدي إلى الوفاة دون تدخل طبي فعال. المؤسف أن غالبية ضحايا المخدرات هم من الشباب الذين يسعون لتجربة كل ما هو جديد.
التأثيرات: المخدرات تدمير للعقل والجسم
تعتبر المخدرات من أخطر المواد التي يمكن أن يتعرض لها الإنسان، فهي تؤدي إلى الإدمان، حيث يصبح الفرد غير قادر على الاستغناء عنها. هذا الإدمان يؤدي إلى تدمير الأعصاب والجسم، وفقدان القدرة على التوازن وأداء المهام اليومية بشكل طبيعي. تتنوع المخدرات في أنواعها وتأثيراتها الجانبية، لكنها تبقى مواد سامة تهاجم الأعصاب وتدمرها.
ازداد عدد ضحايا المخدرات، خاصة في الدول المتقدمة حيث تتوفر الإمكانيات المادية لتعاطيها بشكل أكبر. فالمخدرات، وخاصة المصنعة أو الكيماوية، ليست رخيصة الثمن. أضرار المخدرات لا تقتصر على الجانب الصحي والجسدي، بل تتعداه إلى تدمير المال والنفس والوقت والروح.
الشخص المدمن يدمر عقله تدريجيًا، ويفقد القدرة على التركيز. من أخطر التأثيرات على العقل هو الشعور المؤقت بالسعادة الذي يمنحه المخ بعد التعاطي، مما يدفع الشخص إلى تكرار التجربة وفقدان السيطرة على نفسه، مما يؤدي إلى ضمور في المخ وعدم القدرة على أداء الوظائف الحيوية. هذا يؤثر بشكل مباشر على الحياة العملية والأسرية، وقد يؤدي إلى انهيارها.
أما عن تأثير المخدرات على الجسد، فلا يمكن حصر المساوئ التي تتركها. يصبح الجهاز العصبي غير مرتبط بإرادة الإنسان، وتظهر ردود فعل غير إرادية وغير متوقعة. بعض أنواع المخدرات تسبب الخمول والكسل، والبعض الآخر يسبب النشاط الزائد، وكلا الأمرين يدمر الجهاز العصبي. بالإضافة إلى ذلك، تظهر تقرحات على الجسد، وتورم في العينين، وضعف في النظر، وتفتت في العظام، وفقدان الرغبة في الحياة، مما قد يؤدي إلى الانتحار أو الموت. يصبح الشغل الشاغل للمدمن هو تأمين المادة المخدرة والمال اللازم لتعاطيها.
تأثير الإدمان لا يقتصر على الشخص المدمن، بل يؤثر سلبًا على جميع أفراد المجتمع الذين يعيشون معه. عصبيته الزائدة تؤثر على حياته الأسرية، وقد تؤدي إلى التفكك الأسري وانحراف الأبناء إلى الشارع، حيث يواجهون خطر العودة إلى طريق الإدمان أو الانخراط في عالم الجريمة. إدمان المخدرات يدمر مجتمعًا بأكمله، ويحول البيئة الاجتماعية إلى مستنقع يصعب تطهيره.
المخدرات هي السم الذي يتناوله الإنسان، فيضعف نفسه وروحه ويؤدي به الأمر إلى الموت وهو على قيد الحياة. يصبح المدمن عالة على غيره، وغير قادر على أن يكون عضوًا فاعلًا في أي مجال. بل يصبح شخصًا منبوذًا من الجميع، حتى من أقرب الناس إليه. المخدرات تؤدي إلى الاكتئاب والقلق، فيعيش المدمن حالة من الهذيان، ويصبح غير مرغوب به في المجتمع وبين أقاربه، وتتغير مشاعر الجميع نحوه.
الحلول: المخدرات وبناء مستقبل أفضل
التعافي من تعاطي المخدرات ليس بالأمر السهل، ولكنه ليس مستحيلًا. يمكن للشخص الإقلاع عن هذه العادة المدمرة من خلال مجموعة من الخطوات. أولاً، إجراء فحص طبي شامل لتحديد الأجزاء المتضررة من الجسد وكيفية علاجها. ثانيًا، استشارة طبيب نفسي لتقييم مدى الضرر النفسي الذي لحق بالمتعاطي. ثالثًا، اختيار برنامج علاجي مناسب للحالة، مع المراقبة الدائمة في المصحة أو في المنزل من قبل العائلة والأقارب. مع الإرادة والرغبة في الشفاء، لا شيء مستحيل، والله يعين الإنسان الذي يعزم على التغيير إلى الأفضل.
المخدرات سرقت من الناس أنفسهم وحاضرهم، فالمدمن لا يقدر على فعل شيء فهو منشغل البال دائمًا يبحث عن ذاته فلا يجدها إلا في المخدرات والتعاطي والسعي وراء السعادة الزائفة التي لا تدوم سوى بضع من اللحظات ليعود بعد ذلك كئيبًا خائفًا يخشى الحياة ويشتهي الموت. المخدرات هي النقمة الحقيقية التي يعاني منها أفراد المجتمع وبخاصة الشباب اليافع، ولا بدّ من حملات توعية يُشار فيها إلى أثر المخدرات على الذات وقدرتها على تدمير المجتمع بأكمله، وحري بالإنسان أن يعمل على إعمار هذه الأرض وترك أثرًا طيبًا فيها، فيحمده الناس بعد موته.