مقدمة
تعتبر الأضحية من الشعائر الإسلامية العظيمة التي يتقرب بها المسلمون إلى الله عز وجل، خاصة في أيام عيد الأضحى المبارك. تحمل هذه الشعيرة معاني عظيمة تتجاوز مجرد ذبح الحيوان، فهي تجسد التضحية والإيثار، وتعزز الروابط الاجتماعية بين المسلمين. في هذا المقال، سنستعرض الحكم والمقاصد من ذبح الأضحية، وفضلها العظيم، بالإضافة إلى استعراض الآراء الفقهية المتعلقة بها.
الأضحية في اللغة هي: ما يذبح من الأنعام تقرباً إلى الله تعالى في يوم الأضحى وأيام التشريق. أما اصطلاحاً: فهي ذبح الأنعام بنية التقرب إلى الله في الوقت المحدد شرعاً.
الغايات من مشروعية الأضحية
شرع الله سبحانه وتعالى الأضحية لحِكم جليلة، وغايات نبيلة، منها:
إحياء سنة أبي الأنبياء إبراهيم عليه السلام
الأضحية تذكير بتضحية سيدنا إبراهيم عليه السلام وامتثاله لأمر الله عندما أمره بذبح ابنه إسماعيل، وهي دليل على التسليم المطلق لأوامر الله. قال تعالى: (ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا).
وقد ذكر ابن الجوزي أن اتباع ملة إبراهيم يكون في كل شيء، والله أمرنا باتباعه لسبقه للحق.التدرب على الصبر والرضا
تذكر المسلم بقصة إبراهيم عليه السلام تعلمه الصبر على الابتلاء، والاستعداد الدائم للتضحية في سبيل الله، وتقديم أوامر الله على كل شيء.
التكافل الاجتماعي ونشر الفرح
تعتبر الأضحية وسيلة للتوسعة على الأهل والأقارب والمحتاجين، وزيادة المحبة والألفة بين المسلمين، حيث يتم توزيع جزء من الأضحية على الفقراء والمساكين.
شكر المنعم سبحانه وتعالى
الأضحية تعبير عن شكر الله على نعمه التي لا تحصى، واعتراف بفضله وكرمه، وهي تجسيد لمعنى العبودية الخالصة لله.
الإمتثال لأمر الله وسنة نبيه
في الأضحية امتثال لأمر الله تعالى، واقتداء بسنة النبي صلى الله عليه وسلم الذي ضحى عن نفسه وعن أمته. فعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم-:(ضَحَّى بالمَدِينَةِ كَبْشينِ أمْلَحَيْنِ أقْرَنَيْنِ).
مناقب الأضحية
تتميز الأضحية بفضائل عظيمة، منها:
أفضل الأعمال في يوم النحر
الأضحية من أحب الأعمال إلى الله تعالى في يوم عيد الأضحى، وهي دليل على التقوى والإخلاص. قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:(ما عمِلَ آدميٌّ من عملٍ يومَ النَّحرِ أحبَّ إلى اللَّهِ من إهراقِ الدَّمِ)، ويُشترط أن يكون الذبح بعد صلاة العيد، وإلا فلا تُحتسب أضحية.
الاقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم
المداومة على الأضحية اقتداء بسنة النبي صلى الله عليه وسلم، الذي كان يضحي كل عام. فقد روى ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم ضحى عشر مرات وهو في المدينة، وهذا دليل على أهمية هذه الشعيرة.
تعظيم شعائر الله
الأضحية من شعائر الله التي يجب تعظيمها، وتعظيمها يدل على تقوى القلوب. قال تعالى:(وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّـهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ).
اقترانها بالصلاة
الأضحية قرينة للصلاة في القرآن الكريم، وهذا يدل على عظم مكانتها وأهميتها في الإسلام. قال تعالى:(فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ).
الرأي الشرعي في الأضحية
اختلف الفقهاء في حكم الأضحية، وذهبوا إلى رأيين:
سنة مؤكدة
ذهب جمهور الفقهاء إلى أن الأضحية سنة مؤكدة، وليست واجبة. استدلوا بحديث أم سلمة -رضي الله عنها- عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-:(إذا دَخَلَتِ العَشْرُ، وأَرادَ أحَدُكُمْ أنْ يُضَحِّيَ، فلا يَمَسَّ مِن شَعَرِهِ وبَشَرِهِ شيئًا)، وكلمة “إذا أراد أحدكم” تدل على أن الأمر متعلق بالإرادة، والواجب لا يعلق على الإرادة.
واجبة
ذهب الحنفية إلى أن الأضحية واجبة على القادر. استدلوا بالأمر الوارد في قوله تعالى:(فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ)، والأمر يدل على الوجوب.
المصادر
- “ذَبحُ الأضْحِيَّةِ”،الدرر السنية، تم الاطلاع عليه بتاريخ 5-6-2022.
- صحيح البخاري.
- تحفة الأحوذي.
- الموسوعة الفقهية الدرر السنية.
- صحيح مسلم.
- القرآن الكريم
