التعريف بالنسخ |
نطاق النسخ |
أصناف النسخ |
أقسام الناسخ والمنسوخ |
الحكمة من تشريع النسخ |
المراجع |
التعريف بالنسخ
يشير مصطلح النسخ في اللغة العربية إلى معانٍ متعددة، منها النقل والإزالة. فعندما نقول “نسخت الكتاب”، فإننا نعني أننا نقلناه. أما في سياق الشريعة الإسلامية، فإن المعنى الأقرب للنسخ هو إزالة حكم شرعي سابق بحكم شرعي لاحق. وبتعبير أدق، يمكن تعريف النسخ اصطلاحًا بأنه رفع الحكم الشرعي بدليل شرعي آخر متراخٍ عنه. فالحكم الشرعي الذي تم رفعه يسمى (منسوخًا)، والدليل الذي رفعه يسمى (ناسخًا).
نطاق النسخ
اتفق علماء الأمة على أن النسخ لا يقع في الأمور الاعتقادية الثابتة، كالإيمان بالله وصفاته، والإيمان بالكتب السماوية والرسل الكرام. فهذه الأمور قطعية لا تقبل التغيير أو التبديل. كما أن النسخ لا يدخل في الآيات التي تتناول الأخلاق الفاضلة والقيم الإنسانية النبيلة، ولا يمس أصول العبادات التي هي أساس الدين. إنما يقتصر النسخ على الأحكام الشرعية التفصيلية المتعلقة بالأوامر والنواهي.
أصناف النسخ
للناسخ والمنسوخ أربعة أصناف رئيسية، وهي:
- نسخ القرآن بالقرآن: وهذا الصنف جائز بإجماع العلماء، وقد دل عليه قوله- تعالى-: ﴿مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا﴾ [البقرة: 106]. وكذلك قوله- تعالى-: ﴿وَإِذا بَدَّلنا آيَةً مَكانَ آيَةٍ﴾ [النحل: 101].
- نسخ السنة بالقرآن: وهذا النوع جائز أيضًا، ومثاله نسخ وجوب صيام يوم عاشوراء بصيام شهر رمضان. فقد جاء في الحديث الشريف: “كانَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ تَصُومُهُ قُرَيْشٌ في الجَاهِلِيَّةِ، وكانَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَصُومُهُ، فَلَمَّا قَدِمَ المَدِينَةَ صَامَهُ وأَمَرَ بصِيَامِهِ، فَلَمَّا نَزَلَ رَمَضَانُ كانَ رَمَضَانُ الفَرِيضَةَ، وتُرِكَ عَاشُورَاءُ، فَكانَ مَن شَاءَ صَامَهُ، ومَن شَاءَ لَمْ يَصُمْهُ” [رواه البخاري].
- نسخ القرآن بالسنة: اختلف العلماء في جواز هذا النوع من النسخ، فمنهم من منع ذلك لعظمة القرآن الكريم، كالإمام الشافعي. بينما أجازه جمهور العلماء، واستدلوا على ذلك بوقوع النسخ بالفعل، كنسخ السنة لجواز الوصية للوارث.
- نسخ السنة بالسنة: وهذا النوع جائز ولا خلاف فيه بين العلماء.
أقسام الناسخ والمنسوخ
ينقسم الناسخ والمنسوخ إلى ثلاثة أقسام رئيسية، وهي:
- نسخ التلاوة والحكم معًا: وهذا يعني أن الآية المنسوخة قد حذفت من القرآن الكريم، ولم يعد لحكمها أي اعتبار. ومثال ذلك ما روي عن السيدة عائشة- رضي الله عنها-: “كانَ فِيما أُنْزِلَ مِنَ القُرْآنِ: عَشْرُ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ يُحَرِّمْنَ، ثُمَّ نُسِخْنَ بخَمْسٍ مَعْلُومَاتٍ، فَتُوُفِّيَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ وَهُنَّ فِيما يُقْرَأُ مِنَ القُرْآنِ” [رواه مسلم].
- نسخ الحكم مع بقاء التلاوة: وهذا يعني أن الآية المنسوخة ما زالت موجودة في القرآن الكريم، ولكن حكمها قد تم رفعه بدليل شرعي آخر. ومثال ذلك قوله- تعالى-: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ﴾، فقد نسخت بقول الرسول- صلى الله عليه وسلم-: “لا وصيَّةَ لِوارِثٍ” [رواه الألباني].
- نسخ التلاوة مع بقاء الحكم: وقد ورد أنه كان يوجد آية “الشَّيخُ والشَّيخَةُ إذا زَنيا فارجُموهُما”، فرفعت تلاوتها إلا أن الحكم باق ضمن قوله- تعالى-: ﴿الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ﴾ [النور: 2]، إذا كانا غير محصنين، أما إذا كانا محصنين فحدهما الرجم حتى الموت.
الحكمة من تشريع النسخ
لا شك أن هناك حكمة بالغة من وراء تشريع النسخ في الشريعة الإسلامية، ومن أهم هذه الحكم:
- التيسير على الأمة ورفع الحرج والمشقة عنها.
- ابتلاء العباد واختبارهم، هل سيطيعون أوامر الله- تعالى- أم لا.
- مراعاة مصالح العباد في كل زمان ومكان.
المراجع
- قتادة بن دعامة السدوسي، الناسخ والمنسوخ.
- مناع القطان، مباحث في علوم القرآن.
- بدر الدين الزركشي، البرهان في علوم القرآن.
- السيوطي، الإتقان في علوم القرآن.