مفهوم العول في الإرث

شرح تفصيلي لمفهوم العول في الإرث في الشريعة الإسلامية، وأنواع الأصول التي يقع فيها العول، مع أمثلة توضيحية وحالات خاصة كالمسألة المنبرية.

مقدمة حول العول في مسائل الميراث

يُعرف العول في اللغة العربية بالزيادة والارتفاع. ويتجلى هذا المعنى اللغوي في الاستخدام الاصطلاحي للمصطلح في علم الميراث. فالعول اصطلاحاً هو عبارة عن زيادة في مجموع أنصبة الورثة المستحقين عن أصل المسألة، مما يؤدي إلى نقص في حصصهم المقدرة شرعاً. ويعرف أيضاً بأنه الميل والإنحراف عن العدل، وذلك بسبب النقص الذي يلحق بالورثة المستحقين للفرض.

يذكر أن أول مسألة احتاجت إلى تطبيق العول وقعت في زمن الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وذلك عندما توفيت امرأة وتركت زوجاً وأختين. في هذه الحالة، يستحق الزوج النصف، بينما تستحق الأختان الثلثين. وقد استشكلت هذه المسألة على عمر رضي الله عنه بسبب زيادة الفروض على أصل المسألة، فتم الحكم فيها بالعول بناءً على مشورة العباس رضي الله عنهما. وقيل أيضاً أن المسألة كانت تتكون من زوج وأخت وأم.

وقد أقر جمهور العلماء ما توصل إليه عمر بن الخطاب رضي الله عنه في مسألة العول، ولم يخالفه في ذلك إلا ابن عباس رضي الله عنهما، الذي رأى أن بعض الفروض أقوى من غيرها، ولا يجوز المساس بها أو إنقاصها. وبناءً على هذا الرأي، فإن صاحب الفرض الأقوى يستوفي حقه كاملاً، ثم يتم توزيع المتبقي من التركة على بقية الورثة دون اللجوء إلى العول.

أنواع الأصول التي يشملها العول

تنحصر الأصول التي يمكن أن يقع فيها العول في ثلاثة أعداد هي (6، 12، 24)، بينما لا يمكن أن يقع العول في بقية الأصول وهي (2، 3، 4، 8). وتتغير هذه الأصول العائلة إلى المقادير التالية:

  • الأصل 6: يزيد إلى سبعة، أو ثمانية، أو تسعة، أو عشرة.
  • الأصل 12: يزيد إلى ثلاثة عشر، أو خمسة عشر، أو سبعة عشر.
  • الأصل 24: يزيد فقط إلى سبعة وعشرين.

مثال توضيحي لكيفية تطبيق العول

المثال: توفي شخص وترك زوجة وخمس أخوات شقيقات. ما هو نصيب كل وارث؟

الحل: تستحق الزوجة النصف لعدم وجود فرع وارث للمتوفى، بينما تستحق الأخوات الثلثين. وبذلك يكون أصل المسألة (6).

تأخذ الزوجة ثلاثة أسهم، بينما تأخذ الأخوات أربعة أسهم، فيكون المجموع (7)، وهو أكبر من أصل المسألة، وبالتالي فإن المسألة عائلة. وبما أن عدد الأخوات هو (5)، فإننا نضرب (5×7) لنحصل على العدد (35). وبذلك يكون للزوجة (15) سهماً من أصل (35)، وللأخوات (20) سهماً، أي لكل أخت أربعة أسهم.

نظرة على المسألة البخيلة في أحكام العول

تعتبر هذه المسألة من المسائل المهمة في باب العول في الميراث، وتسمى “المسألة البخيلة” لأنها تعول من الأصل (24)، وهو أقل الأصول عولاً. وتعرف أيضاً باسم “المسألة المنبرية” لأن علي بن أبي طالب رضي الله عنه سئل عنها وهو يخطب على المنبر. ولها صورتان:

  1. الصورة الأولى: تتكون من نصف وثمن وثلاثة أسداس. مثال ذلك: إذا ترك الميت بنتاً وزوجة وبنت ابن وأبوين. في هذه الحالة، تستحق كل من البنت والزوجة وبنت الابن والأبوين الفروض المذكورة على الترتيب. فيكون أصل المسألة (24)، وتأخذ البنت 12 سهماً، والزوجة 3 أسهم، ويأخذ كل من بنت الابن والأبوين 4 أسهم. وبذلك يكون المجموع (27)، فتعول المسألة وتقسم التركة على (27) سهماً.
  2. الصورة الثانية: تتكون من ثلثين وسدسين وثمن. مثال ذلك: إذا توفي شخص وترك بنتين وأبوين وزوجة. في هذه الحالة، تستحق كل من البنتين والأبوين والزوجة الفروض المذكورة على التوالي. ويكون أصل المسألة (24)، وتأخذ البنتان 16 سهماً، ويأخذ كل من الأبوين 4 أسهم، وتأخذ الزوجة 3 أسهم. وبذلك يكون المجموع (27)، فتعول المسألة وتقسم التركة على (27) سهماً.

قال تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا} [النساء: 11].

وفي الحديث: “ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فلأولى رجل ذكر” (متفق عليه).

المراجع

  • أبو عبد الكريم اللاحم، كتاب الفرائض، صفحة 115. بتصرّف.
  • مجموعة من المؤلفين، كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية/ الجزء 36، صفحة 88. بتصرّف.
  • أبو مناع القطان، كتاب تاريخ التشريع الإسلامي، صفحة 217. بتصرّف.
  • أبو ابن عثيمين، كتاب الشرح الصوتي لزاد المستقنع/ الجزء 1، صفحة 5897. بتصرّف.
  • مجموعة من المؤلفين، كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية/ الجزء 8، صفحة 20. بتصرّف.
Total
0
Shares
اترك تعليقاً
المقال السابق

العمل التعاوني: أسس النجاح الجماعي

المقال التالي

التمييز بين الباديكير والمانيكير – دليل شامل

مقالات مشابهة

نظرة على تاريخ الدولة الفاطمية

لمحة تاريخية عن الدولة الفاطمية: من نشأتها في شمال أفريقيا ووصولاً إلى حكمها في مصر والشام والحجاز. تعرف على أبرز الأحداث والشخصيات التي ساهمت في تشكيل هذه الحقبة التاريخية.
إقرأ المزيد